سألته: هل أنت في حاجة إلى أذنين كبيرتين كي تحسن الإصغاء؟... استغرب سؤالي وبدا الحرج على وجهه، فعدّل من ياقة معطفه وازدرد ريقه وقال: قصدي يا سيدي.. أنني أريد فقط قضيبا متوسطا يزيد خمس سنتمترات طولا! جمع الورقة التي كتب عليها القياسات وعلى وجهه تبدو علامات الحرج والتوتر، تراجع قليلا في جلسته إلى الوراء وبدأ يستمع إلى محاضرتي من جديد: لقد احتل طول القضيب عند مختلف الثقافات موقعا مهما في الخيال الجنسي عند الرجال وتَشَكّلَ ربطٌ رمزي بين القوة والفحولة والقدرة الجنسية وحجم القضيب، ويتجلى ذلك في رسومات ونحوتات تصور بشكل مضخم قضيب الرجل، للدلالة على تفوق الحضارة وانتشارها وقوتها. نجد هذا في الحضارة الهندية على رسوم «الكاماسوترا» وفي التماثيل اليونانية والإفريقية البدائية. اليوم، في واقعنا المعيش، يصور القضيب في أفلام البورنو بأحجام حيوانية تصل إلى أطوال قياسية من 20 إلى 24 سنتمترا... كما أن مجتمعنا ينشر نوادر كثيرة على صاحب القضيب القصير من الرجال. ويتجلى ارتباط القضيب الكبير بالقوة في الموروث الشعبي، من خلال بعض السلوكات العدائية التي تستعمل فيها إشارات بالأيادي، ترمز إلى الأعضاء التناسلية، لتحقير الخصم والدلالة على التفوق والهيمنة. خلق لنا ضغط هذه «الكليشيهات» عُقَداً كثيرة، كما يبدو ذلك من خلال دراسة أثبتت أن رجلين من كل ثلاثة أحسوا يوما ما بأن عضوهم الجنسي قصير! وأغلبهم تأكدوا، بسرعة، من خطأ اعتقادهم، بمجرد دخول تجارب جنسية ناجحة. أما الجزء الباقي منهم، فيتولد لديهم مرض جنسي يسمى «متلازمة توتر الأداء»، وهو الخوف من الدخول في علاقة جنسية، لانعدام الثقة في قياسات القضيب لديهم أو في القدرات الجنسية التي يمتلكونها. لما كان كينسي ينجز أكبر دراسة لسلوك الأمريكيين الجنسي، سأل الرجال عما يعتقدون أنه الطول العادي للقضيب.. كان جوابهم: 5 سنتمترات، وهو رقم خيالي لم تثبته إلى حد الآن دراسة واحدة، رغم كثرتها في عصرنا الحديث. لنحفظ هذه الأرقام: يعتبر القضيب عاديا وطبيعيا إذا كان طوله، في حالة الانتصاب، من 8 إلى 18 سنتمترا، وفي حالة الارتخاء، من 3 إلى 12 سنتمترا. أما القضيب القزم، فهو الذي يقل عن 5 سنتمترات في حال الانتصاب، وغالبا ما تكون أسبابه هرمونية. ولما كان طول القضيب يشكل مشكلة عند البعض، لا بد من الإشارة، قبل الجزم بقصره، إلى الملاحظات التالية: يعطي النظر إلى القضيب من فوق إحساسا بالقصر، ويفضل النظر من زاوية جانبية (على المرآة مثلا). يخفي شعر العانة الكثيف جزءا من القضيب، لذلك فالحكم على طوله في هذه الحالة يكون مغلوطا. لقياس الطول، لا بد من انتصاب كامل، الأمر الذي يستدعي إثارة قوية، ورغم ذلك لا يكتمل الانتصاب إلا بالإيلاج، لذلك عندما يكون الشخص وحيدا، منشغلا بالقياس، تقل الإثارة، فينقص الطول بسنتمتر واحد أو اثنين. لا بد أن يتم القياس من عظمة العانة حتى نهاية الحشفة وليس فوق جلد العانة. من الخطأ مقارنة القضيب، في حال الارتخاء، مع الأقران، كما يحدث في غرفة الملابس في الملاعب الرياضية، لأن مؤشر الانتصاب، وهو الفرق بين طول القضيب في حالة الارتخاء والانتصاب، يكون أكبر عند ذوي القضبان الصغيرة في حال الارتخاء. ومن جهة أخرى، لنتساءل كم هو الطول المطلوب ل»إشباع» المرأة، إذا علمنا أن طول مهبل المرأة يتراوح بين 8 و10 سنتمترات، وقد يتمدد قليلا بعد الإثارة؟ وإذا أضفنا أن الإحساس باللذة عند المرأة يكون في البظر والشفرين الداخليين والأربع سنتمترات الأولى من مدخل المهبل. أما في قاعه فيكون الإحساس باللذة قليلا، بل قد يُحدث القضيب الطويل ألما بضغطه على المبيضين اللذين يمتلكان حساسية مشابهة للضغط على الخصيتين عند الرجل. المهم عند المرأة ليس حجم القضيب، بل قوة صلابته وكيفية استعماله، بالإضافة إلى كون المرأة يحصل لها الإشباع بالمداعبات الطويلة المتأنية، حيث يصبح الإيلاج حلقة قصيرة في مسلسل طويل! ورغم هذا، يعمد بعض الرجال إلى الاستسلام لمشارط الجراحين لتكبير «عدّتهم» الجنسية، عن طريق قطع الأوتار التي تربطه بعظمة العانة، مما يزيد الطول بحوالي 2.5 سنتمتر. والواقع أن أغلب أولئك يتمتعون بقضيب ذي طول عادي، حسب ما تؤكد الدراسات. نخلص من هذا إلى أن مشكلة طول القضيب أو قصره مشكلة متوهَّمة في غالب الأحيان. ولولا وجود هذه المصحات التي «تتصيد» مهزوزي الثقة في أنفسهم، لَما آلت الأمور إلى ما هي عليه الآن. وصدق القائل، حقا: «لولا وجود الأطباء لَما كان هناك مرضى»!...