أفادت مصادر صحفية بأن الهدوء خيم على العاصمة الموريتانية نواكشوط، صباح أمس،بعد الانقلاب الذي نفذه أول أمس الجيش الموريتاني وأطيح فيه بالرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله ورئيس وزرائه يحيى ولد الواقف. وتمت إعادة فتح مطار نواكشوط بعد إغلاقه، كما تم الإبقاء على المعابر الحدودية مفتوحة في وجه حركة المرور، فيما لم تسجل أعمال عنف في البلد منذ الإعلان عن الانقلاب. وأصدر الضباط الذين نفذوا الانقلاب العسكري، الذي أطاح بحكم الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله، بياناً هو الثاني لهم أمس الخميس، كشفوا فيه أسماء أعضاء «المجلس الأعلى للدولة» الذي شكلوه لتسيير أمور البلاد، وذلك برئاسة قائد قوات الحرس الرئاسي، الجنرال محمد ولد عبد العزيز. وأكد الضباط عزمهم إجراء انتخابات رئاسية «حرة وشفافة خلال أقصر فترة ممكنة»، وأكدوا أن تشكيل المجلس الجديد يضع حداً لسلطات ولد الشيخ عبدالله، دون أن يتطرقوا إلى مصيره بعد اعتقاله مع رئيس الحكومة يحيى ولد أحمد الواقف. ووفقاً لبيان الضباط، فإن المجلس الأعلى للدولة المنبثق عن القوات المسلحة وقوات الأمن، وتابع البيان: «لقد وضع المجلس الأعلى للدولة حدا نهائيا لسلطات رئيس الجمهورية المنصب يوم 19 أبريل 2007، وسيتخذ المجلس التدابير اللازمة من أجل ضمان استمرارية الدولة، كما سيشرف بالتشاور مع المؤسسات والقوى السياسية والمجتمع المدني على تنظيم انتخابات رئاسية تمكن من استئناف المسار الديمقراطي في البلد وإعادة تأسيسه على قواعد صلبة وباقية». وأضاف: «وستنظم هذه الانتخابات خلال أقصر فترة ممكنة وسيعمل المجلس الأعلى للدولة على ضمان حريتها وشفافيتها، لتمكن مستقبلا من تسيير مستمر ومتناسق للسلطات الدستورية، ويتعهد المجلس الأعلى للدولة باحترام كافة الالتزامات الدولية والمعاهدات الملزمة لموريتانيا». ورغم حرص المجلس على طمأنة المجتمع الدولي بأنه يتعهد ب«احترام جميع المعاهدات والالتزامات الدولية التي وقعتها موريتانيا»، إلا أن ردود الفعل الدولية أجمعت على إدانة الانقلاب، فقد أعربت الأممالمتحدة عن أسفها العميق للإطاحة بحكومة الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله. ودعا الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون إلى «احترام دولة القانون وإعادة النظام الدستوري فورا في هذا البلد». ومن جهتها، نددت الولاياتالمتحدة الأميركية بهذا الانقلاب، داعية إلى إعادة فورية ل«الحكومة الشرعية والدستورية المنتخبة ديمقراطيا». وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية غونثالو غايغوس في تصريح صحفي إن واشنطن «تدين بأقوى العبارات الانقلاب العسكري ضد الحكومة المنتخبة بموريتانيا». وفي نفس السياق، أعربت فرنسا عن حرصها على ما وصفته ب«استقرار البلاد» مؤكدة في الوقت نفسه «رفضها الاستيلاء على السلطة بالقوة». وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال: «تعلمون مدى تمسكنا باستقرار موريتانيا»، مضيفا أن باريس تتابع «الوضع بكثير من الاهتمام وبالاتصال» مع جميع شركائها. وبدورها أدانت المفوضية الأوروبية الانقلاب داعية إلى احترام المؤسسات الديمقراطية. وهدد المفوض الأوروبي لشؤون التنمية لوي ميشال من بروكسل بتعليق المساعدات لهذا البلد. وعلى صعيد دول المغرب العربي، عبر الرئيس التونسي زين العابدين بن علي والزعيم الليبي معمر القذافي عن «قلقهما» حيال الانقلاب الذي نفذه الجيش الموريتاني. وذكرت تقارير صحفية أن القائدين المغاربيين قررا إيفاد الأمين العام لاتحاد المغرب العربي، التونسي الحبيب بن يحيى، إلى موريتانيا للوقوف على التطورات هناك، وإعداد تقرير شامل عنها وإجراء اتصالات مع مختلف الأطراف. أما في المغرب فمازالت خلية الأزمة التي شكلتها وزارة الخارجية والمخابرات العسكرية تدرس الوضع الجديد في موريتانيا، وتتريث قبل اتخاذ موقف. وطالبت الجامعة العربية بضرورة الحفاظ على مسيرة الديمقراطية في البلاد. ومن جهتها، أعربت منظمة المؤتمر الإسلامي عن قلقها إزاء الانقلاب العسكري الذي شهدته موريتانيا ضد الحكومة المنتخبة ديمقراطيا. وقال المدير العام للمنظمة، أكمل الدين إحسان أوغلو، إنه يشعر باستياء كبير إزاء هذا الحدث، مشيرا إلى أنه كان يتمنى أن تعالج جميع المسائل المرتبطة بالعملية السياسية في إطار المبادئ الديمقراطية وسيادة القانون. وعلى الصعيد الإفريقي ندد الرئيس النيجيري عمر أبو بكر بالانقلاب، وتعهد في تصريحات للصحافة بأن بلاده لن تعترف بالانقلابيين. ومن ناحيته، ندد الاتحاد الإفريقي بالانقلاب وطالب بعودة الشرعية إلى موريتانيا، وقال إن مجلس السلم والأمن الإفريقي سيجتمع قريبا لدراسة الموقف.