ينتظر أن تبدأ المحكمة الابتدائية بفاس يوم غد الخميس (13 يناير الجاري) النظر في ملف شاب اعتقل على خلفية «سيل» من الرسائل الإلكترونية تحمل «عبارات السب والقذف» موجهة إلى مسؤول في السفارة الأمريكية بالرباط، إلى جانب رسائل إلكترونية أخرى وجهها إلى مسؤول بالسفارة الفرنسية، ورئيس تحرير جريدة «الاتحاد الاشتراكي». وكانت الشرطة القضائية بولاية أمن فاس قد قامت باعتقال الشاب «ك.ب» يوم 29 دجنبر الماضي، قبل أن تتم إحالته على المكتب الوطني لمكافحة الإرهاب التابع للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، والذي أحاله بدوره على المحكمة الابتدائية بعد انتهاء التحقيقات معه. وتم الاحتفاظ بهذا الشاب، الذي يبلغ من العمر حوالي 27 سنة ويشتغل مسؤولا تجاريا في شركة خاصة، رهن الاعتقال الاحتياطي في السجن المحلي عين قادوس. وتم التدخل لاعتقاله دون أن تمضي على آخر رسالة إلكترونية بعث بها إلى مسؤول السفارة الفرنسية سوى 15 يوما تحدث فيها، بصيغة الجمع، عن توفره على «معلومات عن مخطط إرهابي» يستهدف مصالح فرنسا في النيجر ودجيبوتي، و«خاصة في المغرب». كما لم تمض على آخر رسالة وجهها إلى مسؤول السفارة الأمريكية بالرباط سوى 19 يوما، ضمنها انتقاداته تجاه «السياسة التقتيلية» التي تنهجها الولاياتالمتحدةالأمريكية بالعراق، وتدخلها في الشؤون الداخلية لباقي بلدان العالم. وطبقا لمحضر أمني، فإن اعتقال هذا الشاب المزداد في وجدة، والذي يقطن بوسط مدينة فاس، قد تم بناء على معلومات تفيد بأنه يستغل شبكة الانترنت من أجل بعث رسائل تحمل عبارات تهديد لشخصيات وجهات أجنبية، ويخبرها بأنه يتوفر على معلومات حول «مخطط إرهابي» يستهدف مصالحها بالمغرب. ونفى الشاب «ك.ب»، خلال جميع أطوار التحقيق معه، توفره على أي معلومات حول أي «مخطط إرهابي» يستهدف مصالح الولاياتالمتحدةالأمريكية بالمغرب. وقال في أحد محاضر الاستماع إليه إنه أقدم على توجيه عبارات السب والشتم في حق مسؤول السفارة الأمريكية بالرباط «بدافع الحقد والانتقام من السلطات الأمنية الأمريكية»، بعد شكوك راودته بأنها كانت السبب في فشل مشروع زواجه من ابنة عمه المقيمة بهولاندا. وشك هذا الشاب، الذي سبق له أن مارس الرياضة كلاعب في فريق كرة السلة في نادي المغرب الرياضي الفاسي لمدة تقارب7 سنوات واشتغل «ديدجي» موسيقى بالمدينة، في أن تكون السلطات الأمريكية قد استعملت عنوانه الإلكتروني في بعث رسالة إلكترونية تشير إلى أنه غير قادر على تحمل الأعباء والمسؤولية الزوجية. واعتبر أن «إفشال» أمريكا لزواجه من ابنة عمه رد فعل منها على قيامه في غضون سنة 2007 بإطلاق برامج معلوماتية على الأنترنت تتضمن طرق قرصنة العناوين الإلكترونية والفيروسات. وقرر الشاب «ك.ب» أن ينتقم بطريقته الخاصة من السلطات الأمنية الأمريكية. وحكى للمحققين بأنه قام في غضون سنة 2008 بإحداث عنوان إلكتروني بعث منه انطلاقا من أواسط سنة 2009 رسائل إلكترونية تتضمن تهديدات موجهة لشخصيات ديبلوماسية، منها مسؤولان بالسفارة الأمريكية والفرنسية. ونفى هذا الشاب الحاصل على شهادة تقني متخصص في ميدان الإعلاميات والتسيير أن يكون له أي انتماء سياسي أو نقابي. كما نفى أن يكون قد تلقى أي مبالغ مالية من أي جهة، ولم يسبق له أن غادر التراب الوطني، أو أن يكون قد خضع لتداريب شبه عسكرية. وتضمنت التقارير الأمنية حول الملف حوالي 14 رسالة إلكترونية بعث بها هذا الشاب إلى هؤلاء المسؤولين حصل على عناوينهم انطلاقا من المواقع الرسمية للسفارات على شبكة الأنترنت، منها 8 رسائل وجهت إلى مسؤول السفارة الأمريكية و4 إلى مسؤول السفارة الفرنسية، وواحدة إلى الأنتربول، وآخر هذه الرسائل وجهها الشاب إلى الصحفي عبد الحميد جماهري، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي، يطلب منه عدم مغادرة بيته لكونه في خطر. ولم تتضمن محاضر الشرطة بعض المفردات والكلمات «الماسة بالأخلاق» والتي وردت في رسائله الإلكترونية، وضمنت هذه الرسائل في ملف خاص. وتأكد المحققون من أن «الفعل العدائي» لهذا الشاب تجاه مسؤولي السفارة الأمريكية والفرنسية انحصر في «تهديدهما عبر الرسائل الإلكترونية، دون أن يسبق له أن قام بأي خطوة أو باشر أي فعل من شأنه الترصد أو التتبع للمسؤولين المذكورين. كما خلص المحققون إلى أن توظيفه لعبارة «مخطط إرهابي» يهدف فقط إلى «زرع الرعب والتخويف في نفوس متلقي تلك الرسائل».