«هو رجل الصحراء العارف بهذه المنطقة أشد المعرفة منذ عقود، حيث يتحرك فيها بسهولة كبيرة، واضعا خبرته رهن إشارة «الإرهابيين» وغيرهم من تجار المخدرات وسلع التهريب الأخرى، خاصة التبغ في منطقة الساحل وجنوب الصحراء»، هكذا تناقلت وسائل الإعلام الإسبانية صورة هذا الصحراوي، الذي كان أحد المشاركين في عملية اختطاف 3 نشطاء إسبان يعملون في مجال الإغاثة الإنسانية في موريتانيا في عام 2009، في الوقت الذي أطلق تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي سراح كل الرهائن الإسبان، كانت كاميرات وسائل الإعلام الدولية مسلطة على عملية إفراج السلطات في مالي عن واحد من الخاطفين، إنه المالي عمر سيد أحمد ولد حمه، الملقب ب«عمر الصحراوي»، الذي أدين في موريتانيا، بالسجن 12 عاما مع الأعمال الشاقة ومصادرة جميع ممتلكاته، على اعتبار أنه المتهم الرئيسي بخطف ثلاثة إسبان في موريتانيا عام 2009. انضم هذا المالي، ذو تقاسيم الوجه الحادة، إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بعدما اتصل به أحد الماليين من أصول عربية، الذي كان يشتغل تحت إمرة القيادي في التنظيم «الإرهاربي» المختار بلمختار، هذا الأخير سيتفاوض بنفسه مع السلطات لإطلاق سراح «إمبراطور التبغ»، مقابل إطلاق الرهينتين الإسبانيتين. «إمبراطور التبغ أو «ماربورو»، نسبة إلى علامة التبغ الأمريكية، هكذا يلقب هذا المالي من أصول عربية في قلب الصحراء الكبرى، فقد كان يقدم الدعم اللوجستي لخاطفي الرهائن، يوفر لهم شراء السيارات والتموين الغذائي اللازم. لقد كانت لهذا الصحراوي، الذي استطاع أن يروض كثبان رمال الصحراء الكبرى، علاقات واتصالات مع عدد من الموقوفين لدى الأمن الموريتاني أثناء تقديمه الدعم لعناصر القاعدة، الذين اختطفوا الإسبان الثلاثة، مما أعطى السلطات الموريتانية أول الخيوط لكشف مكان هذا الصحراوي. يعتبر تورط العضو السابق في جبهة البوليساريو، عمر الصحراوي، في عملية اختطاف الرهائن الإسبان حلقة مهمة في علاقة جبهة البوليساريو مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، لأنه يكشف عن وجود علاقة وارتباط بين البوليساريو وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، لكن وقتها، انبرت وسائل الدعاية التابعة لجبهة البوليساريو والمخابرات الجزائرية تطلق النار على وسائل الإعلام الأجنبية، التي فضحت تورط هذا القيادي السابق في الجبهة في عملية اختطاف إسبان يعملون في الإغاثة الإنسانية في موريتانيا. تحول تعاون البوليساريو مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، حسب المراقبين، إلى مؤشر على «إفلاس» البوليساريو «فكريا وماديا»، وهو ما دفع بقادته إلى البحث عن موارد مالية عبر صفقات مشبوهة، كالأموال التي تقدمها بعض الأطراف الدولية لافتداء مواطنيها العاملين في الإغاثة الإنسانية وغيرها من المجالات. كشفت التحقيقات أن هذا السائق، الذي يعمل في تهريب السجائر، ينشط في مجال التهريب الدولي للمخدرات، ورغم أنه يروج أنه عضو سابق في البوليساريو، فإن بعض الوثائق الصادرة عن الجبهة نفسها أظهرت أنه لا يزال عضوا نشطا وفاعلا فيها وأن هذا الصحراوي هو من مواليد الفرصية. ومن أجل الإيقاع ب«إمبراطور التبغ» اضطرت السلطات الموريتانية إلى الاستعانة بطائرة عسكرية تابعة للجيش، لرصد تحركات عمر الصحراوي قرب منطقة «لمغيطي» على الحدود مع الجزائر ليتم نقله على إثر اعتقاله إلى العاصمة نواكشوط لإجراء التحقيقات الأمنية معه، حيث حكم ابتدائيا بالمؤبد، قبل أن يخفض الحكم إلى 12 سنة سجنا ليجد نفسه طليقا بعد صفقة التبادل، التي نزلت فيها إسبانيا بكل ثقلها وضغطت على موريتانيا لإطلاق سراح عمر الصحراوي كجزء من عملية تفاوضها مع الخاطفين، بهدف إطلاق سراح المواطنين الإسبانيين اللذين بقيا محتجزين لدى القاعدة، بل وهددت مدريد بقطع مساعداتها ومساعدات الاتحاد الأوروبي لموريتانيا، بالرغم من خطورة ملف التعامل المباشر مع القاعدة في منطقة الساحل.