أكد أحمد الميداوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، أنه يتلافى الدخول كفاعل في الميدان السياسي، ردا على الانتقادات التي وجهت لتقرير المجلس، بعد أن اعتبر بعض الوزراء أنه ليس قرآنا منزلا، وذهبت بمسؤول حزبي إلى حد وصف قضاته ب«الإرهابيين». وقال الميداوي، أثناء مناقشة مشروع ميزانية المحاكم المالية في مجلس المستشارين أول أمس «إن ما قيل من أن التقرير ليس قرآنا منزلا أو يفتقد إلى المهنية، فإن كل واحد يحاول الدفاع عن نفسه بالطريقة التي يراها، ونحن نسير الأمور بطريقة بناءة وننهج طريقة الافتحاص الموضوعي بكل مهنية ترتكز على تقنيات معمول بها جهويا وعالميا، وإن ما ننجزه ننشره، وهذه وسيلة تشكل ضغطاً على القضاة، لأنه لا يمكن نشر معطيات غير دقيقة». وأوضح الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات أن المجلس هيئة مستقلة ودستورية وأنه في فرنسا ليس هناك وزراء يعلقون على مضمون التقرير، ليضيف: «يريدون أن ننجر إلى الميدان السياسي، فنحن لن ننجر». وحول اقتصار المدققين على افتحاص حسابات مؤسسات دون أخرى، أبرز الميداوي أن التدقيق تتم برمجته بشكل دوري، على أن يشمل كل المؤسسات في ظرف عشر سنوات إضافة إلى أن التدقيق يخضع لمعايير مثل أن يستشف أن قطاعا عموميا سيعرف اختلالات، كما هو الشأن بالنسبة إلى صندوق التقاعد أو غيره من القطاعات. وحول مصير تقرير المجلس، اعتبر الوزير السابق أن المجلس لا يملك سلطة تنفيذية وأنه قام بتبليغ كل الملفات وأن الجانب الجنائي موكول للقضاء العام. وتعقيبا على ما أثاره أحد المستشارين من الاغتناء من المال العام، قال الميداوي: «من يرغب في الاغتناء، عليه أن يتوجه إلى القطاع الخاص ويستثمر في الفلاحة أو تربية الخيول»... وبخصوص الشكايات الكيدية، أكد الرئيس الأول للمجلس أنه لا يتبع من يرغب في تصفية الحسابات وأن الشكايات الواردة لا تؤخذ على أنها حقائق. وقدم الميداوي تجربة المغرب الرائدة على المستوى الدولي في مجال تدقيق الحسابات، إذ يشارك إلى جانب دول متقدمة في تدقيق حسابات عدد من الهيآت الدولية، وأن الرئيس الأول للمجلس المغرب ودافيد وولكر، المدقق الأمريكي العام السابق، كانا وراء تأسيس مركز دولي جديد للتدقيق في النتائج. ويعمل القضاة المغاربة مع القضاة الفرنسيين في تدقيق حسابات المنظمة العالمية للتجارة ومنظمة التعاون الاقتصادي للتنمية واليونسكو، كما تلقى المغرب طلبات الافتحاص من الاتحاد الأوربي والبنك الدولي ومن بلدان إفريقيا وآسيا. ومن جهته، انتقد عبد العزيز اللبار، من فريق الأصالة والمعاصرة، تلكؤ الحكومة في التعامل مع قرارات المجلس، والتي مست عدداً من مؤسسات حكومية، وعدم محاسبة رؤساء مجالس اتهموا القضاة بأبشع النعوت، من قبيل «الإرهابيين وعديمي الكفاءة»، وهو ما يمس بهيبة المؤسسة. وتساءل عضو الفريق الفدرالي، محمد دعيدعة، عن عدم تعميم عملية الافتحاص على جميع المؤسسات، إذ إن المجلس لم يفحص سوى 12 في المائة من مجموع المؤسسات العمومية. أما عبد اللطيف أعمو، من فريق التحالف الاشتراكي، فأشار إلى «أن يقول وزير أن التقرير ليس قرآنا منزلا فهذا شيء خطير»، مشيرا إلى أن حلقة المراقبة المالية تصبح مفقودة عندما تصفى بها حسابات سياسية بشكل خطير جدا، وأحيانا يتم اللجوء إلى وكيل الملك، في غياب تام للمحاكم المالية. وسينشر تقرير سنة 2009 خلال الأسابيع المقبلة، حسب ما أعلنه الميداوي، مبرزا أن التقرير ليس سوى ملخص لحوالي 9000 صفحة من عمل القضاة خلال السنة، ملمحا إلى ضعف الموارد البشرية، بعد أن أكد أن عدد القضاة يصل إلى 230 قاضياً، في وقت يبلغ عدد المدققين في بلد كالنرويج، يبلغ سكانه حوالي 4 ملايين نسمة، 1000 مدقق...