في أحد أيام أكتوبر، قبل سنتين من الآن، وفوق تراب جماعة حد السوالم، كان التاريخ يسجل يومها موعدا لحادث تحول إلى جريمة قتل طال صاحبها العقاب. لم يكن الضحية سوى زوج عمة الجاني، الذي جاء إلى موقع الحادث ليدافع عن مصالح زوجته، في وقت كانت والدة الجاني قد أمرته بحرث أرض والده دون الاهتمام بمعارضة عمته التي كانت ترفض الأمر بشدة بحكم أنها اشترت الأرض من أخيها. وكانت نهاية النزاع البسيط جريمة قتل راح ضحيتها زوج عمة الجاني مخلفا وراءه ابنين وزوجة، في حين لقي المتهم عقابا بالسجن وصل إلى عشر سنوات بسبب رفضه الانصياع لأوامر زوج عمته. في الثاني عشر من شهر أكتوبر من سنة 2008، أخبر درك السوالم عبر اتصال هاتفي من أحد ساكنة دوار لخيايطة بحد السوالم أن حادثة سير وقعت وسط الدوار. كان ذلك أثناء موسم الحرث، ويتعلق الأمر بحادث صدم جرار رجلا أصابه بجروح بليغة. وبعد علمها بالخبر انتقلت عناصر الضابطة القضائية إلى مسرح الجريمة لمعرفة ملابسات الحادث. معاينة أولية
فور وصولها إلى عين المكان، عاينت عناصر الضابطة القضائية الضحية، الذي كان منبطحا على الأرض، يعاني من آلام كثيرة في ظهره، والذي أفاد أن سائق الجرار(حسن.ن) داهمه بالجرار عندما حاول منعه من الحرث ولاذ بالفرار. كانت تصريحات الضحية قد غيرت مجرى التحقيق من حادثة سير إلى محاولة قتل، وكان لابد من تقصي الحقائق في موضوع الحادث، وتعميق البحث من أجل فك رموز جريمة قتل كانت المعلومات تفيد بأنها حادثة سير.
تفاصيل الحادث الأليم بعد أن استمعت عناصر الضابطة القضائية إلى أقوال الضحية، الذي كان يعاني من جروح كثيرة، تم نقله إلى المستشفى لتلقي العلاجات الضرورية، وفتحت الشرطة بعد ذلك تحقيقا في الموضوع لمعرفة ملابسات الحادث، فاستمعت إلى مجموعة من الشهود، من ضمنهم المتهم الرئيسي (حسن.ن) المولود سنة 1986، الذي قال إنه يوم الحادث أمرته أمه بإخراج الجرار والتوجه إلى أرض في ملك والده وحرثها، وبمجرد ما شرع في ذلك اعترض سبيله زوج عمته (إدريس.ر) وحاول منعه مدعيا أن الأرض في ملك زوجته (حبيبة)، وأنها اشترتها من والده، فلم يبال الجاني بكلام الضحية وتابع عمله، الأمر الذي أجج غضب الضحية الذي أحضر مذراة وبدأ ينهال بها على الجاني، ثم أخذ يجره من الجرار محاولا منعه من حرث الأرض وأثناء جره الجاني، علق الضحية بالعجلة الخلفية وسقط تحتها، وشرعت زوجته حبيبة بالصراخ، وطلبت النجدة، لعلها تجد من ينقذ زوجها من الموت تحت عجلات الجرار. عندما سمع ابنا الضحية صراخ والدتهما، خرجا من منزلهما ليجدا والدهما تحت عجلة الجرار، وعندما شاهدهما الجاني حاول الفرار، إلا أنهما حاصراه وانهالا عليه بالضرب. الأول ضربه بمذراة على رأسه تسببت في جرحه، والثاني ضربه بعصا على الظهر، قبل أن يلوذ بالفرار خوفا من الأسوأ. وقام ابنا الضحية رفقة بعض الأشخاص بانتشال والدهما من تحت عجلة الجرار الذي أغمي عليه جراء الحادث، وتم إخبار الدرك الملكي بذلك، فيما نقل الضحية إلى المستشفى ليتوفى بعد ذلك متأثرا بجراحه. تقديم المتهم للعدالة بعد الاستماع إلى مجموعة من الشهود الذين عاينوا الحادث، والاستماع إلى زوجة الضحية وابنيه، وبعد الاطلاع على ملف النزاع القائم بين العائلتين حول الأرض، تمت إحالة المتهم على أنظار المحكمة، وقضت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بسطات بمؤاخذة (حسن.ن) بإدانته بالإيذاء العمدي المؤدي إلى الموت دون نية إحداثه والحكم عليه بعشر سنوات سجنا نافذا وأدائه تعويضا مدنيا قدره50.000 درهم لفائدة المطالبة بالحق المدني(حبيبة.ن). وأسدل الستار عن جريمة قتل غير متعمدة بسبب خلاف حول ملكية الأرض وأحقية من يحرثها.