كشفت الأمطار الطوفانية الأخيرة، التي ضربت العاصمة الإدارية للمملكة ونواحيها، عن كارثة بيئية خطيرة تتهدد الفرشة المائية والأراضي الفلاحية المحيطة بالعاصمة في منطقة أم عزة التي تحتضن مطرح النفايات الخاص بالرباطوسلا وتمارة، حيث اتضح أن البنية التحتية للمطرح مهترئة وأنها عاجزة عن مواجهة المخاطر التي تتسبب فيها الأمطار. وعلمت «المساء» من مصادر موثوقة بأن «عصارة» النفايات والأزبال تجمعت داخل الأحواض المائية المهترئة، الأمر الذي أدى إلى تسربها إلى الوديان المجاورة التي ترد منها مواشي القرويين وتُسقى بها هكتارات عديدة من الأراضي الفلاحية. وحسب مصادر «المساء»، فإن عجز شركة التدبير المفوض الفرنسية عن الالتزام بدفتر التحملات الخاصة بتدبير مطرح النفايات، الممتد على نحو 150 هكتارا، جعل المجالس البلدية للعاصمة والمدن والقرى المحيطة بها ترفض دفع الواجبات الشهرية والسنوية للشركة الفرنسية، بل وتم تغريمها نحو 5 مليارات سنتيم عقوبة لها على عدم وفائها بالتزاماتها. وتؤكد المصادر نفسها أن «ضغوطا» مورست لكي لا يتم إجبار الشركة الفرنسية على أداء الغرامة الجزائية، في الوقت الذي بقي فيه مطرح النفايات على حالته. من جانبه، أكد رئيس جماعة «أم عزة» القروية، مصطفى السلماني، في اتصال أجرته معه «المساء»، خطورة الوضع، موضحا أنه في حال عدم تحمل السلطات مسؤوليتها في «ضبط الأوضاع»، فإن مخاطر الكارثة ستكون أشد تأثيرا على صحة السكان ومواشيهم وأراضيهم الفلاحية. وحمل السلماني ولاية جهة الرباطسلا زمور زعير مسؤولية استمرار «الخلل» بمطرح «أم عزة»، وقال إن ذلك جعل الشركة الفرنسية تستمر في تعنتها ورفضها الوفاء بالتزاماتها. وقال السلماني ل«المساء»، غاضبا: «لقد اتخذت، بصفتي رئيسا للجماعة، الإجراءات القانونية لمحاصرة الوضع، حيث أحطت السلطة المحلية المسؤولة علما بحقيقة الوضع، وسجلت محضرا بذلك، كما استدعيت مدير الشركة والمنتخبين وممثلي السكان، ونحن ننتظر رد فعل السيد الوالي الذي أحمله المسؤولية كاملة عما يجري». وعبر السلماني عن استغرابه رد فعل ممثلي الشركة «الذين يخبروننا في كل مرة بأن لديهم تأمينات على أية أخطار، فأجد نفسي ملزما بأن أوضح لهم أن الأمر يتعلق بمخاطر بيئية هائلة على صحة البشر والأراضي الفلاحية والمواشي، وليس بتعويضات مادية لا تساوي شيئا أمام أرواح الناس». ويستغرب المطلعون على الملف الأسباب التي تقف خلف عدم التزام الشركة بأداء غرامة ال5 ملايير التي سجلتها في حقها المصالح المختصة بالمراقبة، وهي مصالح البلديات وولاية جهة العاصمة، وذلك بالإضافة إلى مصالح كتابة الدولة في الماء والبيئة المفترض أن تتحمل، هي الأخرى، مسؤوليتها في محاصرة الخطر قبل أن تتضاعف تأثيراته السلبية.