كشفت مصادر برلمانية مقربة من لجنة تقصي الحقائق حول ما شهدته مدينة العيون في 8 نونبر الماضي من أحداث دامية أن اللجنة ستعقد غدا الخميس أول اجتماع لها بعد انتخاب هياكلها السبت الماضي، مشيرة إلى أن الاجتماع سيخصص للمصادقة على برنامج عمل اللجنة وطريقة تدبير اشتغالها من حيث تحديد المسؤولين الحكوميين والجهويين والمحليين والجمعيات والمواطنين، الذين سيتم الاستماع إليهم، وطريقة إجراء عملية الاستماع. وأوضحت المصادر ذاتها أن رئيس اللجنة باشر خلال الأيام الماضية اتصالات ومشاروات مع الفرق النيابية وجميع الأطراف، التي لها علاقة بعمل اللجنة من أجل تحديد أجندة عملها وبلورة مشروع مقترح تتم المصادقة عليه خلال اجتماع غدا الخميس، مؤكدة أن اللجنة مطالبة بمحاصرة موضوع أحداث العيون من كل جوانبه والاستماع لجميع الأطراف وعدم الاعتماد على قراءة واحدة للأحداث، حتى تتمكن اللجنة السابعة في تاريخ المؤسسة التشريعية المغربية من المحافظة على مصداقيتها. وحسب نفس المصادر، فإن اللجنة ستعمل بعد المصادقة على مشروع عملها وتحديد منهجيتها في العمل على استدعاء الشهود وتحرير رسائل الاستماع إلى مسؤولين حكوميين وجهويين وإقليميين ومحليين وقضائيين وممثلين عن المجتمع المدني والأحزاب السياسية، بالإضافة إلى الاستماع لمواطنين من الأقاليم الجنوبية. كما ستقوم اللجنة بتوثيق أعمال اللجنة من خلال تحرير محاضر مفصلة وأخرى مختصرة بخصوص كل جلسة استماع، بالإضافة إلى التسجيل بالصوت والصورة. إلى ذلك، أبدى مصدر برلماني، فضل عدم ذكر اسمه، تخوفه من أن يتم تقليص مدة اشتغال اللجنة إلى 45 يوما، حسب ما يتم تداوله حاليا في الأوساط البرلمانية، مشيرا إلى أن اعتماد هذا الأجل سيصعب من عمل أعضاء اللجنة، الذين سيكونون مطالبين بتسريع عملهم من أجل الاستماع إلى عشرات المسؤولين ورؤساء الجمعيات وشيوخ القبائل، مما قد يصعب عملية الإحاطة بكل الجوانب المتعلقة بأحداث العيون. وكانت لجنة تقصي الحقائق بخصوص أحداث سيدي إفني في 7 يونيو 2008 قد تمكنت في غضون ستة أسابيع من العمل المتواصل من الوصول إلى استنتاجات وخلاصات بعد تمحيص دقيق لكل المعطيات والحيثيات المرتبطة بالأحداث، فيما ينص القانون على 6 أشهر لعملها. من جهة أخرى، توقع مصدر متابع لعمل لجنة تقصي الحقائق أن تلعب أحزاب العدالة والتنمية والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية دور «رجل الإطفاء» داخل اللجنة، مشيرا إلى أن موقع تلك الأحزاب وعدم ارتباطها بالأحداث يؤهلها للعب دور إخماد الحرائق، التي قد تتسبب فيها الصراعات بين أحزاب الأصالة والمعاصرة والاستقلال والاتحاد الاشتراكي. ووفق المصدر ذاته، فإن حضور الاتحادي حسن الدرهم، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، في تشكيلة اللجنة سيزيد من حدة الصراع، خاصة في ظل الصراع القائم منذ ما يربو عن السنة مع الاستقلالي حمدي ولد الرشيد، رئيس المجلس البلدي للعيون، على خلفية قضية تفويت أراض تابعة للأملاك المخزنية بالعيون، يتهم فيها ولد الرشيد بالوقوف وراء تفويتها بشكل غير مطابق للقانون إلى بعض الأعيان والمنتخبين المحليين بالمدينة دون أن توجه إلى المستفيدين الحقيقيين في الأقاليم الصحراوية. وفيما أبدى المصدر المذكور تخوفه من أن تلقي الصراعات الداخلية بين مكونات اللجنة بظلالها على النتائج التي ستخرج بها في نهاية أشغالها، قال رئيس اللجنة في اتصال مع «المساء» إن «كل أعضاء اللجنة واعون بأن هذه الأخيرة ليست فضاء لتصفية حسابات سياسية، بل على النقيض من ذلك هناك توافق، ولم نلمس أي صراع بين الأصالة والمعاصرة والاستقلال». وفي نفس السياق، كشف مصدر، حضر اجتماع انتخاب هياكل اللجنة يوم السبت الماضي، أن الاجتماع شهد مشادة كلامية بين كل من حميد نرجس، عضو المكتب الوطني ل «البام»، ولطيفة بناني سميرس، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، بعد أن طالبت هذه الأخيرة القيادي في حزب الهمة ب»التأدب»، وهو ما لم يرق لنرجس الذي رد بالقول:»الأدب خاصك تكوني مولاتو»، مشيرا إلى أن تلك المشادة الكلامية لا علاقة لها بالصراع بين الحزبين. وفي الوقت الذي أبرز المصدر المذكور أن اجتماع السبت عرف صراعا وتنافسا حادا بين رؤساء الفرق من أجل الظفر برئاسة اللجنة، خاصة من لدن بناني سميرس، التي كانت تمني النفس بالظفر بها، اعتبر نرجس، في اتصال مع «المساء»، أن اللجنة «أمام تحديات بالغة الأهمية تجعل كل عكس للصراع بين الأحزاب على أعمالها خيانة للوطن».