جريمة قتل بشعة وقعت في مديونة في بداية تسعينيات القرن الماضي راح ضحيتَها حارس مقبرة وزوجته، لكن القاتل أو القتلة ظلوا منذ تلك الفترة غير معروفين. في أحد أيام عام 1993، عُثِر على جثة شخص يعرف باسم حرود وعلى جثة زوجته. كان الزوج يعمل حارسا ليليا لمقبرة مديونة وكان يبلغ من العمر حين مقتله 55 عاما، وكانت زوجته التي قيل إنها كانت في الأربعينات من العمر، تقيم معه في مسكن داخل المقبرة ذاتها. كان وقع الجريمة على سكان إقليم مديونة حينها كبيرا وأثارت الجريمة مشاعر الغضب لديهم، خاصة بعد أن لاحظوا الطريقة البشعة التي تمت بها عملية القتل. فقد ذُبِح حرود من الوريد إلى الوريد وقطعت جثته إربا إربا. ولم يكن مصير زوجته أحسن من مصيره، فقد عمد القاتل -القتلة إلى ذبحها من الوريد إلى الوريد وتم التمثيل بجثتها. لم يسرق القاتل أو القتلة أي شيء من مسكن الحارس، بالرغم من أنه كان يتوفر على حلي وأموال وغيرها، بمعنى أن القتل لم يكن بدافع السرقة وإنما كان لهدف آخر. بدأ السكان يطرحون السؤال تلو الآخر: من قتل حرود وزوجته؟ من له المصلحة في قتلهما؟ لماذا تم التمثيل بجثتيهما؟ هل كانت لديهما عداوات مع أحد، سواء من الأقارب أو من الجيران أو غيرهم؟ هل كان حرود يملك معلومات ما، خاصة أنه كان حارسا ليليا لمقبرة كان الدفن فيها عشوائيا؟ هل هناك قاتل واحد أم نفّذ عمليةَ القتل جماعة من الأشخاص؟.. تناسلت الأسئلة في ذهن السكان وتعددت، لكن التحقيق كان كفيلا بكشف حقيقة وملابسات تلك الجريمة البشعة. غير أنه، بعد أشهر من التحقيق والتحريات وجمع المعطيات، وهي المهمة التي تكفل بها الدرك الملكي في مديونة، لم يتم التوصل إلى حل لغز مقتل حرود وزوجته وقُيِّدت الجريمة ضد مجهول... يقول بعض السكان إن الجهات التي تكلفت بالتحقيق حينها كانت تعرف القاتل أو القتلة، غير أنها اختارت أسهل الحلول وقيدت الجريمة ضد مجهول، لغاية في نفس يعقوب... كانت السلطات قد اعتقلت شخصا مختلا عقليا وحاولت أن تنسب إليه قتل حرود وزوجته، ولكن تبيَّن، في ما بعد، أنْ لا علاقة له بالملف. هناك فرضيتان يتداولهما سكان إقليم مديونة يمكنهما أن تحلا لغز مقتل حرود وزوجته: الفرضية الأولى، التي تحتمل الصواب وتحتمل الخطأ، هي أنه كان وراء مقبرة مديونة حي صناعي فيه مصنع يملكه أحد أكبر مروجي المخدرات على المستوى الوطني، وعثِر لديه على كميات هائلة من المخدرات مخبَّأة في حاويات كبيرة. يُعتقَد أن الحارس الليلي كشف عن معطيات بشأن هذا التاجر فكانت نهايته المأساوية على يديه. وقيل في هذا الصدد، أيضا، إن الحارس كان يقوم بجولات ليلية داخل المقبرة، فرأى شخصا أو أشخاصا يقومون بأشياء مريبة، فعمدوا إلى قتله هو وزوجته... غير أن هناك فرضية ثانية مفادها أن الدفن في مقبرة مديونة كان حينها يتم بدون تصريح وترخيص وأن أشخاصا كانوا يرغبون في دفن شخص ما ليلا، فقام الحارس الليلي باعتراض سبيلهم، فلقي مصيره المحتوم. كان حرود قبل مقتله قد تقدم إلى الدرك الملكي والسلطات المحلية بشكايات حول تهديدات بالقتل يتوصل بها من مجهولين وقدم، أيضا، شكاية ضد مجهولين قاموا بقتل كلابه... والمثير في هذا الملف أنه قُتِل، في ما بعدُ، حارس ليلي آخر كان يحرس المصنع، وقيل حينها إن حجرا كبيرا سقط على رأسه فأرداه قتيلا ولا أحد يعرف من أسقط الحجر، وهل كان الحادث عرضيا أم مدبرا. وبعدها، قُتِل كذلك، حارس ليلي ثالث. وقيل حينها، أيضا، إن الحارس صعد إلى مصنع وألقى بنفسه، فمات... ولم يكن هذا الحارس يتعاطى أي نوع من المخدرات. فهل هناك خيط رابط بين مقتل الحراس الليليين الثلاثة؟ لا أحد يعرف الحقيقة. بعد مرور أكثر من 16 سنة على جريمة القتل، ما زال مقتل حرود وزوجته يشكل لغزا حقيقيا لسكان إقليم مديونة وأصبحت تتناقل حكايتَه الألسن، ولكن الناس يعتقدون أن الحقيقة قد تظهر يوما، إذا ما قامت الجهات المعنية بفتح تحقيق في هذه الجريمة البشعة.