يتوالى مسلسل فضائح الإعلام الإسباني، الذي يقود هذه الأيام حربا بلا هوادة على المغرب، فبعد فضيحة نشر وكالة الأنباء الإسبانية «إفي» ومعها عدد من وسائل الإعلام صورا لأطفال فلسطينيين ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة في يونيو 2006على أنهم «ضحايا الجيش المغربي في العيون»، وتداول قناة «أنتينا تريس» صورا لجريمة شنعاء معروفة من جرائم الحق العام، كانت قد هزت مدينة الدارالبيضاء في 26 يناير 2010 وقدمتها على شاشتها كجرائم مزعومة اقترفت في المناطق الصحراوية، انفجرت فضيحة جديدة، بطلها هذه المرة جريدة «إلموندو» التي لفقت إلى رضا الطاوجني، رئيس جمعية الصحراء المغربية، تصريحا يدين فيه «اعتداءات المستوطنين ضد الصحراويين». وفوجئ رئيس جمعية الصحراء المغربية بوضع إدارة تحرير الجريدة الإسبانية عنوانا لحوار كان قد أجراه معه الصحافي المغربي علي المرابط، لا يمت لمضمون التصريحات التي أدلى بها بأي صلة. «بعد إجراء الحوار معي من قبل الصحافي المرابط يوم الثلاثاء 16 نونبر الجاري فوجئت بالعديد من الاتصالات التي تستفسر عن سر التصريحات التي تضمنها الحوار مع الجريدة الإسبانية المنشور في عدد يوم الأربعاء الماضي، فكان ردي أني لم أصرح بأي شيء يناقض مواقفي المعروفة. لكن بعد أن أطلعت على نص الحوار، والمنشور في «إلموندو» تبين لي سر تلك الاستفسارات التي تلقيتها، خاصة بعد أنه وضعت الجريدة عنوانا لم يرد في نص الحوار، ويشير إلى أن الطاوجني يدين اعتداءات المستوطنين ضد الصحراويين»، يقول الطاوجني ل«المساء»، قبل أن يضيف: «مباشرة بعد اطلاعي على ما ارتكبته «إلموندو» من خطأ مهني جسيم اتصلت بالصحافي علي المرابط لأستفسره عما وقع.. فعبر لي عن غضبه مما وقع وأكد بالمقابل أن ما ورد كعنوان للحوار لم يرد بأي شكل من الأشكال في نص الحوار الذي أجراه معي، بل أكثر من ذلك بعث برسالة إلي يعتذر فيها عما صدر عن الجريدة التي يعمل بها، وتدخل لدى مسؤولي «إلموندو» لتدارك الخطأ، وهو ما تم بالفعل، إذ اتصلت بي المسؤولة عن قسم الأخبار الدولية للبحث عما سمته تخريجة، لكني رفضت تلك التخريجة، معلنا لها أنه في ظرف 48 ساعة إذا لم تقدم الجريدة أي اعتذار لما أوردته سأنتقل إلى إسبانيا لتقديم شكاية أمام القضاء الإسباني، خاصة أمام خطورة ما أوردته لأنه لا يمكن لشخص يدافع عن مغربية الصحراء أن تصدر عنه مثل تلك التصريحات». تهديد سيجد صداه لدى إدارة تحرير «إلموندو» التي اضطرت إلى تقديم اعتذار لرئيس جمعية الصحراء المغربية، نشرته في عددها الصادر يوم الخميس الماضي في نفس الصفحة التي نشر فيها الحوار. من جهته، أوضح الصحافي، علي المرابط، في اتصال مع «المساء» أن «الجريدة تداركت ما وقعت فيه من خطأ تسببت فيه مسؤولة بالتحرير من خلال وضع عنوان لم يرد بأي شكل من الأشكال في الحوار، واستعمال كلمة مستوطنين التي لا نستعملها في المغرب، بتقديم اعتذار إلى الطاوجني الذي شكرهم على حرفيتهم، وبذلك تم طي الملف». وأشار المرابط الذي، لم يخف في رسالة اعتذار وجهها إلى الطاوجني غضبه من إدارة تحرير الجريدة، إلى أنه كان قد اقترح على إدارة تحرير «إلموندو» فسح المجال لوجهة النظر المغربية، خاصة المجتمع المدني للتعبير عن رأيه في ما وقع من أحداث في العيون، عوض الاكتفاء بوجهة النظر المدافعة عن البوليساريو، وهو ما تحقق من خلال إجراء حوار مع رئيس جمعية الصحراء المغربية. وفي الوقت الذي اعتبر الطاوجني، من خلال بلاغ صادر عنه، أن ما صدر عن جريدة «إلموندو» دليل آخر على فقدان الصحافة الإسبانية للموضوعية والمهنية، وأنه يندرج في إطار حملة قوية للتضليل، يرى المصدر ذاته أن ما واجهه المغرب خلال الأسابيع الماضية من حرب إعلامية إسبانية، يرجع في جزء كبير منه إلى ضعف التأثير المغربي في الساحة الإسبانية مقابل قوة اللوبيات المؤيدة للبوليساريو وللجزائر: «في الوقت الذي نهاجم فيه الإعلام الإسباني نغفل أننا مسؤولون عن ذلك الوضع بسبب ضعفنا على مستوى التواصل، وفشلنا في تكوين لوبي قوي مؤيد للمغرب في إسبانيا. فالأحداث الأخيرة كشفت أنه بالرغم من توفرنا على جالية مغربية تفوق 500 ألف مهاجر مغربي، وجمعيات أصدقاء المغرب بإسبانيا، لم نصل إلى مزاحمة ومنافسة اللوبي المؤيد للبوليساريو والجزائر. وباختصار، فنحن ضحية ضعفنا». ويبدي رئيس جمعية الصحراء المغربية استغرابه من التركيز على الحرب الإعلامية التي تشنها وسائل الإعلام الإسبانية، فيما يتم إغفال الحرب التي تقودها ضد المغرب كل من قناة «الجزيرة» القطرية، ووكالة رويترز ووكالة الأنباء الفرنسية (أ.ف.ب). وبرأي المصدر ذاته، فإن ما كشفت عنه أحداث العيون يقتضي استخلاص الدروس في ما يخص التعامل الإعلامي مع القضية، وهيكلة جذرية لتسيير ملف الصحراء داخليا، وإعادة تنشيط اللوبيات للدفاع عن قضية الصحراء المغربية والتعريف بها والتصدي للخصوم على المستوى الدولي.