يعيش سكان أحياء (تمرسيط وأيت أوجرار وأزرو) في مدينة أيت ملول في ظل واقع بيئي خطير، نتيجة انبعاث الروائح الكريهة وانتشار الحشرات السامة في البِرَك المائية الآسنة المتسربة من محطة تصفية مياه الصرف الصحي المتواجدة بجانب وادي سوس. وقال المتضررون، في إفاداتهم ل«المساء»، إنهم أضحوا يُعانُون من مشاكل متنامية انعكست على صحتهم وخصوصا على صحة أبنائهم الصغار الذين أضحَوا عرضة لبعض لأمراض الجلدية الخطيرة، وكذا من انتشار حالات الإصابة بالحساسية بينهم. وأضاف السكان المتضررون في «تمرسيط» أن محطة معالجة المياه المستعملة القادمة من جماعة «الدراركة» في ضواحي أكادير تم إنشاؤها بعشوائية في موقع قريب من أحياء تشهد كثافة سكانية كبيرة، دون مراعاة الانعكاسات السلبية لذلك، ولم يتمَّ وضعها في مكان مناسب، وفق دراسة تقنية مسبقة، وهو ما جعل الكميات المتسربة من المياه تتحول إلى بِرَك آسنة أضْحت مرتعاً خصبا لمختلف الحشرات الضارة التي تقضُّ مضجع الساكنة، وتزداد وتيرتها في أوقات ارتفاع درجات الحرارة. واستطرد هؤلاء أن المكتب الوطني للماء الصالح للشرب في الجهة المشرفة على تسيير محطة التصفية عمل على إزاحة مياه الصرف الصحي من جنبات قنطرة واد سوس ودفعها في اتجاه منازل السكان، اعتبارا لموقع القنطرة الاستراتجي، حيث تعد صلة وصل بين مدينة أكادير ومطار المسيرة في أيت ملول وتعرف حركة دؤوبة للسيارات العابرة من وإلى عاصمة سوس، في وقت لم تؤخذ فيه مصالح السكان المحليين بعين الاعتبار. وأكد هؤلاء أنه سبق لهم أن وجهوا عدة شكايات في الموضوع إلى كل من عامل الإقليم ومصالح وكالة حوض الماء والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب والمجلس البلدي، غير أنها بقيت دون جدوى. من جانبه، أشار عبد الله بوعسرية، رئيس «جمعية تمرسيط للتنمية»، أنه تم إشعار مسؤولي المجلس البلدي بخطورة الوضع البيئي الذي يهدد سكان المنطقة، غير أن ممثلي المجلس أكدوا أن المشكل المطروح يتجاوزهم كطرف واحد وتتطلب معالجته تضافر جهود جميع المتداخلين، قصد إيجاد حلول جذرية ونافعة، في وقت تكتفي مصالح الجماعة -يضيف بوعسرية- باستعمال بعض الأدوية المضادة للحشرات والبكتيريا، غير أنه سرعان ما ينتهي مفعولها بعد أيام معدودات، لتستمر بذلك معاناة الساكنة مع انبعاث الروائح الكريهة إلى أجَل غير مسمى، في تناقض صارخ مع مقتضيات الميثاق الوطني للبيئة والتنمية. وذكر المصدر نفسه أن الفرشة المائية أضحت بدورها عرضة للتلوث، نتيجة تسرُّب المياه العادمة إلى باطن الأرض واختلاطها بالمياه الجوفية، لتمتزج بآبار السقي، حيث يتم في هذا الصدد زرع بعض المنتوجات الفلاحية في عدد من الضيعات الفلاحية في المنطقة، وهو ما يهدد، بشكل مباشر، صحة المستهلك. يشار أن مدينة أيت ملول تعيش تلوثا بيئيا خطيرا، نتيجة توفر مجوعة من العوامل الموضوعية، وهو ما أجَّج غضب الجمعيات المدنية التي أسست، في الآونة الأخيرة، تنظيما جديدا أطلقوا عليه تنسيقية أيت ملول للدفاع عن البيئة، استطاعت من خلاله تحقيق مجموعة من المكتسبات، بعد خوض وقفات ومسيرات احتجاجية عديدة تطالب بحق السكان المحليين العيش في بيئة سلمية.