يبدو أن أحاديث «الكواليس» حسمت كل شيء بخصوص مجلس مدينة طنجة، فمنصب العمدة بات شبه مؤكد أنه سيكون من نصيب «البام» والمكتب المسير يضم جميع الفرق المتحالفة، باستثناء العدالة والتنمية. ومع ذلك، فإن قضية التحالفات في مدينة طنجة هي أشبه ما يكون ببيت العنكبوت، وهو ما يضفي على يوم انتخاب الرئيس إثارة وتشويقا كبيرين، مع كثير من المفاجآت. وخلال الجولة الخامسة من دورة يوليوز أول أمس، في مقر الجماعة الحضرية في طنجة، تجمع المستشارون وسط بهو المجلس في الطابق السابع، حيث قاعة الاجتماعات، ولا حديث بينهم إلا عن الدوافع والأسباب التي جعلت العمدة وأربعة من نوابه يستقيلون من المجلس. وسط هذا الحديث، يظهر الكاتب العام لولاية طنجة، مصطفى الغنوشي، أمام المستشارين الذين طلب منهم الالتحاق بقاعة الاجتماعات من أجل عقد دورة يوليوز، وهو ما أثار استغراب عدد من الحاضرين، الذين فوجئوا بقدوم الكاتب العام كممثل للسلطة في هذا الاجتماع، وهي إشارة تفيد أن دورة يوليوز المؤجَّلة باستمرار ينبغي أن تغلق في هذه الجلسة وأنه لا مجال للصراعات والنقاشات، ما دام العمدة قد قدم استقالته. وتؤكد نفس المصادر أن السلطات المحلية اجتمعت مع مسؤولي الأحزاب السياسية قبل انطلاق الدورة وحثتهم على ضرورة إغلاق دورة يوليوز في هذه الجلسة، مبررة ذلك بالظروف الجديدة التي طرأت على المجلس. وجاء تدخل السلطة في الوقت الذي كان عدد من نواب الرئيس وبعض الغاضبين داخل المجلس يخططون لإشعال فتيل صراعات مفتوحة خلال هذا اللقاء، بعد استقالة العمدة، لكن السلطات المحلية سارعت إلى إخماد هذا الفتيل قبل أن يشتعل. وقد افتتح النائب الرابع للعمدة جلسة أول أمس، دون أن يسجل المستشارون أي اعتراض، كما اعتادوا على ذلك، واعتبر أن الظروف الطارئة التي عرفها المجلس، بسبب استقالة العمدة وبعض نوابه، لا يمكن معها مناقشة أي نقطة معروضة على جدول الأعمال، وبالتالي سوف يتم تحويل جميع هذه النقط إلى دورة أكتوبر. وقبل ذلك، تلا رئيس الجلسة الأسماء المستقيلة من المجلس واستغرب الجميع كيف أنه لم يذكر نائبا للعمدة اسمه أحمد الفليوي، الذي كان من بين الموقعين على بيان الاستقالة، ومع ذلك لم يتدخل أحدهم للاستفسار عن هذا الأمر وعمَّا إذا كان الأمر مجرد سهو أم إن المعني تراجع عن استقالته، خصوصا أن مصادر أكدت أن الفليوي تراجع عن قرار استقالته، حتى يتمكن من العودة إلى المكتب المسير. من جهة أخرى، يُرتقَب أن يحل الأمناء العامون للأحزاب المتحالفة، وهي «الأحرار» و«الاتحاد الدستوري»، إضافة إلى «الأصالة والمعاصرة»، من أجل الحسم في تركيبة المكتب المسير الجديد. وكان فؤاد عالي الهمة، «مهندس» حزب الأصالة والمعاصرة، قد أكد، وفق بعض المصادر، خلال اللقاء الأخير للمكتب الوطني للحزب، أن المكتب المسير الجديد لن يضم العدالة والتنمية وأن التركيبة الجديدة ستضم الأحزاب التي يجمعها تحالف استراتيجي. غير أن مصادر أخرى أكدت أن التوافق حول مكتب مسير موحد يضم كافة الأطراف السياسية هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة الحالية داخل مجلس مدينة طنجة، ذلك أن تجربة التحالفات السابقة، التي كانت تضم «الأحرار» و«البام»، سرعان ما كشفت عن هشاشتها، حيث وجد العمدة المستقيل نفسَه، بعد شهر من انتخابه، بدون أغلبية، وهو «السيناريو» الذي قد يتكرر، في حالة عدم التوافق حول التركيبة الجديدة للمكتب المسير، بما فيها منصب العمدة. وترى بعض المصادر أن عدم التوافق حول العمدة والمكتب المسير سيجعل الباب مفتوحا أمام مفاجآت غير متوقَّعَة خلال الدورة الاستثنائية التي ستُخصص لعملية انتخاب الرئيس والمكتب المسير، والتي من المتوقَّع أن تُعقَد في الأسبوع المقبل.