وكأنه لم تمر 37 سنة. وكأن غولدا وديان وددو لا يزالون معنا. العناوين الرئيسية قفزت من الأرشيف إلى صفحات الجرائد. الحرب، التي غيرت مزاج إسرائيل وثقتها بالنفس لسنوات طويلة جدا، عادت مع المحاضر التي أُفرج عنها. ونحن مرة أخرى نسأل عما إذا كنا قد تعلمنا الدرس، وذلك خوفا من أن يكرر نفسه، لا قدر الله، إذا لم نكن قد تعلمناه. ولكن ما هو الدرس؟ تجديد الاحتياط في الساعة الثامنة صباحا وليس في في الساعة الثانية بعد الظهر؟ تصديق رئيس الموساد وليس رئيس شعبة الاستخبارات؟ تصديق أن غولدا هي التي كانت المفكر الاستراتيجي وأن ديان كان جبانا؟ دوما يسألون حول إذا ما كنا قد تعلمنا الدرس، وكأن الدرس واضح، وكل ما تبقى هو أن نطبقه. المشكلة هي أن الدرس يكاد يكون دوما موضع خلاف. يوم الغفران غير حياتي. الأيام الستة بالذات حين كنت جنديا نظاميا، ورأيت في تلك الحرب لأول مرة الناس يقتلون. لم يتغير عالمي. أما في يوم الغفران فلم أكن في الميدان بل في المكان الذي وصل إليه وزير الدفاع ورئيس الأركان. سمعت الاتصال، اليأس، الفظاظة بين غورديش وشارون. إذا كان الناس في الميدان يرون المعركة نفسها، ففي القيادة العليا يرون كل الصورة، وجوه الجنرالات القاتمة، فيفهمون أن الغطرسة حل محلها الانهيار. كسكرتير للحكومة كرست أمسيات طويلة لقراءة محاضر مداولات الحكومة. المادة من يوم الغفران كانت المادة الأكثر إيلاما. كانت قراءة الأمور من سنوات العمى الست التي بين الأيام الستة ويوم الغفران أكثر حملا على الشعور بالإحباط. الدرس يجب أن يأتي من هذه السنوات. مثير للاهتمام أن نعرف كيف أن أناسا فهيمين، يريدون مصلحة الدولة، لم يمنعوا وضعا اقترب، في رأيهم، من خراب البيت الثالث. الجواب لن يكون بوسعنا أن نجده في تبادل الحديث بينهم. ويوجد جواب. هؤلاء الأشخاص لم يعرفوا ما الذي ينبغي عمله بالمناطق التي احتلت في 1967، خلافا لليمين الذي أيد ضمها وسارع إلى الاستيطان، خلافا لبعض ممن تحدثوا عن انسحاب من طرف واحد، سمحوا للتطورات في الواقع أن تسيرهم. غولدا وديان وألون فهموا جيدا المشكلة الديمغرافية، وكانوا مستعدين لحلول وسط إقليمية، ولكنهم آمنوا بأن المناطق في هذه الأثناء تشكل حزاما أمنيا. ديان كان أكثرهم غطرسة. القول الهراء الفظيع «شرم الشيخ بدون سلام أفضل من السلام بدون شرم الشيخ» هو «يوم الغفران» الحقيقي بالنسبة إلي. حقيقة أننا اضطررنا إلى أن نخلي منازل الأطفال في الكيبوتسات التي أقيمت في الجولان، كانت الدليل القاطع على خطأ المفهوم الذي قال إن المستوطنات في المناطق ستحمي مركز البلاد. كيف تجرؤوا على التفكير في أن التضحية بالأطفال على الحدود الجديدة أمر مسموح به من أجل الدفاع عن تل أبيب؟ هذه الغطرسة أدت بغولدا إلى أن تشرح أنه لا يوجد شعب فلسطيني. يهود أمريكا ردوا بالتصفيق للسيدة التي لم تسمح لناحوم غولدمان بأن يلتقي بناصر، ورفضت اقتراح يارينغ في 1971 لعقد اتفاق سلام مع مصر، كان السادات مستعدا لأن يقبله. لو قبلته، لعلها كانت منعت الحرب. المناطق التي احتللناها في 1967 لم تصبح ورقة، فقد أضرت بنا مرتين: مرة لأنها شكلت دافعا إلى هجوم عربي منسق ضدنا بعد ست سنوات، ومرة أخرى لأن بسببها امتنعنا عن عمل الشيء الصحيح: أن نهاجم بدلا من أن نتعرض للهجوم. المحاضر الهامة حقا هي تلك التي سجلت بين الحربين. منها يمكن أن نستخلص الدرس: لا الأراضي ولا التسويات منحتنا الأمن. السلبية، وتقدير أن الزمن يعمل في صالحنا كلف إسرائيل ثمنا فظيعا بفقدان أبنائها وثقتها بنفسها. عن «إسرائيل اليوم» يوسي بيلين