حركت الدعوى القضائية التي رفعتها إدارة شبكة «الجزيرة» ضد الوزير الأول عباس الفاسي ووزير الاتصال خالد الناصري المياه الراكدة في علاقة المغرب بالقناة القطرية. وترمي الدعوى إلى الضغط على المغرب لإعادة اعتماد مراسلين مغاربة للعمل في مكتب القناة. قد يكون هناك خطأ ما شاب إدارة هذه الأزمة، لكن رفع قطر دعوى قضائية ضد المغرب لن يزيد الموقف إلا تأزيما و دفعا به نحو النفق المسدود. ورجحت مصادر أن تدفع هذه الأزمة إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين المغرب ودولة قطر، بعد أن أصبحت طرفا في الدعوى القضائية التي رُفِعت ضد الوزير الأول ووزير الاتصال. وكان إدريس لشكر، الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان، قد نبه «الجزيرة» إلى أن المغرب لن يقبل مقاضاتها للمغرب في عقر داره واعتبر أن تغطيتها لقضية الصحراء أصبحت مكشوفة وألحقت بسمعتها ضررا جسيما، إذ تراجع إقبال المغاربة على القناة القطرية، بعدما كانت هي المفضلة لديهم. ويستغرب المتابع لقناة الجزيرة وسلوك مكتبها في المغرب كيف أنها تدفع دائما نحو التأزيم، فقد باتت تشكل «الاستثناء» في تعاملها مع المغرب دولة وشعبا. وترى المصادر أن غياب محاور رسمي للقناة في المغرب يعتبر من الأسباب التي أدت إلى تدهور هذه العلاقات، لاسيما أن المدير العام للقناة، وضاح خنفر، كان دائما يعبر للمسؤولين المغاربة عن حسن نيته ورغبته في توسيع نشاط «الجزيرة» في المغرب، وفق المعايير المهنية المتعارف عليها في الموضوعية والحياد والنزاهة. وقد اعتبرت مبادرة «الجزيرة» إلى إطلاق نشرة مغاربية من الرباط بادرة طيبة في هذا الاتجاه، لكن الرياح سارت بما لا تشتهيه السفن وأصبحت تلك النشرة موجهة ضد المغرب، بكل سوء نية. وقد سبق للمغرب أن نبه القناة القطرية إلى مظاهر الخلل في إدارة مكتبها في المغرب، بعد زيارة مسؤولين من القناة لمقر وزارة الاتصال. لكن القناة لم تبادر إلى إصلاح تلك المظاهر الشاذة والتي لا علاقة لها بالعمل المهني، الشيء الذي أدى إلى فقدان الثقة بين الطرفين. ومما زاد الطين بلة أنه لوحظ أن الخط السياسي للقناة طرأ عليه تغيير كبير، بعدما كانت تلتزم بموقف محايد في قضية الصحراء وتحولت إلى طرف يساند أطروحة الانفصال. ففي تغطيتها ل»الناشطة» الصحراوية أميناتو حيدر خصصت لها حيزا واسعا من تغطيتها الإعلامية وصل حد إرسال صحافيي القناة إلى مدريد والعيون، لكنها لم تكلف نفسها القيام بذلك، لتغطية قضية سلمى مصطفى ولد سيدي مولود، ولم تبعث أي مراسل، سواء إلى الزويرات الموريتانية أو إلى تندوف. وفي مقابل ذلك، تحمست كثيرا للذهاب إلى المنطقة العازلة في ميجيك، لتغطية نشاط دعائي للبوليساريو، واصفة ميجيك بالمناطق «المحررة». ويستغرب المتابعون كيف أنه لا يخلو يوم دون أن تصر الجزيرة على تقديم برامج مضادة للمغرب ومسيئة إلى صورته الخارجية والداخلية، بعناد وسبق إصرار. وقد يقول قائل إن المغرب التزم ضبط النفس كثيرا في هذه القضية، لكن الأمر الآن وصل إلى مستويات غير مقبولة، خصوصا بعد قضية ولد سلمى، فقد تحولت «الجزيرة» من وسيلة إعلامية لنقل الأخبار إلى «ناطق رسمي» باسم الانفصاليين، ولم نر تحركا لطواقم «الجزيرة» حين كان المغرب يعج بالاحتجاجات المساندة لولد سيدي مولود من طرف منظمات غير حكومية، بل إنها كانت تقاطع كل الأخبار المرتبطة بالموضوع. ويرى مراقبون أن حسن نوايا مدير الشبكة، وضاح خنفر، وآماله في توسيع نشاط مكتبه في المغرب تصطدم بسوء التدبير الذي يشوب مكتب المغرب، وهذا يطرح أمام مسؤولي القناة قضية ملحة: إما أن يختاروا معاملة المغرب بالمثل أو يعرضوا العلاقات بين المملكة المغربية ودولة قطر لأزمة قد لا تُبقي ولا تدر.