اشتكت زوجة رجل أعمال في الدارالبيضاء من تهافت بعض الشابات على الأنشطة التي دأبت منذ أسابيع جمعية 12 قرنا على تأسيس مدينة فاس على تنظيمها، وقالت بصوت هامس لصديقتها، وهما تتابعان بقليل من الاهتمام ندوة علمية نظمتها الجمعية حول «العلوم الحقة»: إن «البرهوشات» بتن يشكلن خطرا محدقا بأرباب الأسر»، لكزت السيدة صديقتها وهي تمط شفتيها مومئة برأسها نحو فتاة في العشرينات من عمرها، ببشرة قمحية لوحتها أشعة الشمس وقوام ممشوق. حاولت صديقتها أن تلفت انتباهها إلى متابعة أستاذ كان يلقي محاضرة حول «الرياضيات» وسط جمع قليل من الناس، لكن الزوجة لم تعبأ للأمر، عدلت من وضع نظارتها الطبية، وطفقت تحدث الجالسة بقربها بصوت خافت عن قصة فتاة لعوب تمكنت من تشتيت شمل أسرة وخطفت زوج إحدى قريباتها، وأقنعته بالتخلي عن زوجته وأبنائه لتنفرد به لوحدها. بعد انتهاء المحاضرة، لازمت السيدتان الفتاة كظلها إمعانا في إحراجها عن سبب اختيارها متابعة محاضرة باردة، لكن الفتاة نظرت إليهما بتعال وظلت تمشي بخيلاء في بهو الفندق متبوعة بنظرات الصديقتين الخبيثة. ولا يعرف حجم الميزانية المخصصة لتسيير جمعية تحظى بالرعاية الملكية وتروم تذكير المغاربة بتاريخهم، وقد تهرب سعد الكتاني، المندوب السامي للجمعية، من الكشف عن حجم الميزانية المخصصة لتسيير جمعيته، وقال ردا على سؤال طرح عليه في ندوة صحفية عقدها بالدارالبيضاء، إن الجمعية تدبر تمويل أنشطتها من الميزانية التي أقرها القانون المالي لسنة 2008، وأضاف أنها تعيش بفضل «المحتضنين» ورجال المال والأعمال والمتطوعين. وحرص المندوب السامي على التأكيد على أن المهندس أحمد بن الصديق لم تعد تربطه أية صلة بجمعية 1200 سنة على تأسيس فاس، مشددا على أن بن الصديق لم يعد له مكان ضمن أعضاء الفريق المسير للجمعية، رغم «المعزة الخاصة» التي يكنها له المندوب السامي، على حد قول الكتاني. وأجهد الكتاني نفسه وهو يتحدث بعربية ثقيلة متهجيا أوراق كلمة تلاها بمناسبة الإعلان عن انطلاق «قافلة التاريخ» يومه الجمعة من مدينة فاس، لتجوب طيلة 16 أسبوعا مدنا متنقلة بين مختلف جهات المغرب، لتحط الرحال في الرباط بداية نونبر المقبل كمحطة أخيرة. وأشار الكتاني إلى أن «قافلة التاريخ» تستهدف الشباب بشكل خاص، بجعلهم يشعرون بأن تاريخ بلادهم مازال حيا ومتحركا، و»هناك مجال لكتابة المزيد من صفحاته المجيدة، وقد يكونون هم صانعوها وشاهدين عليها». وظهر المندوب السامي في ندوة تقديم مضامين «قافلة التاريخ» محاطا بأشخاص جدد منحدرين من مدينة القرويين ويشغلون منصب «مدير عام» في شركات مقربة من الهولدينغ الملكي. وأكدت مصادرنا وجود «حرب طاحنة» بين أهل فاس فيما بينهم، وسعي غالبيتهم إلى الاستفادة من مالية الجمعية والتقرب إلى سعد الكتاني الذي فاجأ المحيطين به حين قرر تخصيص جزء من وقته للتزود بجرعات في دروس التقوية بشكل أسبوعي ليرطن بكلمات باللغة العربية. وجرى التخلص من أسماء ظلت «أساسية» في تسيير الجمعية، كمحمد شهيد سلاوي، الإطار في مؤسسة «أونا»، وموظفة شبح استقدمها أحد أعضاء الجمعية. وطردت الجمعية بعض أبناء الميسورين الذين ظلوا مجرد «موظفين أشباح»، مباشرة بعد افتحاص مالي أظهرت نتائجه وجود موظفة تتقاضى 80 ألف درهم كأجرة شهرية ولا تقوم بأية مهمة محددة في الجمعية، وتحظى ب»امتيازات» خاصة برعاية مسير بالجمعية، بل إنها جلبت معها عضوات جديدات يعملن ب»نشاط» في الجمعية. مصادر أخرى عزت كثرة عدد العاملين والمتدخلين في جمعية 12 قرنا على تأسيس فاس إلى «طيبوبة» الكتاني ووجود علاقات نافذة لأعضاء يعملون في مؤسسة «أونا»، ويتدخلون لتشغيل مقربين منهم بأجور شهرية خيالية تصرف لهم من ميزانية الجمعية الكائن مقرها الاجتماعي ب»توين سنتر» في أحد أهم شوارع المال والأعمال بالدارالبيضاء. مصادر مقربة من المطبخ الداخلي للجمعية أكدت أن بعض الموظفات المحسوبات على أقسام «العلاقات العامة» بوكالات الاتصال والاستشهار، تمكن من اختراق العالم المخملي للجمعية، مشيرة إلى أن بعضهن تابعن الندوات العلمية والورشات التاريخية، ليس حبا في تاريخ مرور 1200 سنة على تأسيس فاس، ولكن بحثا عن صيد ثمين في لقاء مهم، يمكن أن يضمن لسيدة «العلاقات العامة» مزيدا من جني المال بالغنج وحلاوة اللسان، ولم لا استمالة رجال من أهل فاس المترفين. ولا يفتأ سعد الكتاني، يؤكد، كلما سئل عمن يعمل معه في الجمعية، أن هناك «فريقا» يقوم بتسيير جمعية مازال مديرها التنفيذي الموقوف من مهامه يعض بالنواجذ على منصبه كمدير تنفيذي، ويتمسك بكونه معينا من قبل الملك محمد السادس.