بعد تصريحاته، التي أثارت الرأي العام المصري، والتي تحدث فيها عن جواز بيع الآثار، أكد الداعية الإسلامي، الشيخ محمد حسان، أنه لم تصدر عنه فتوى بتحطيم الآثار أو التماثيل، مؤكداً أن الفتوى، التي قد تقوده إلى المثول أمام النيابة العامة في مصر، «تم فهمها بطريقة خاطئة.» وأبدى الشيخ حسان، في بيان رسمي، استغرابه لما نشر مؤخراً عن فتواه الخاصة ببيع الآثار، مشيراً إلى أن هذه الفتوى تعود إلى 23 مارس من العام الماضي. كما نفى أن تكون قد صدرت عنه فتوى جديدة يحث فيها على تحطيم التماثيل، إلا أنه قدم الشكر لمن أثاروا هذه القضية «بدافع الغيرة على ثروة مصر». وقال الشيخ حسان ، في بيانه الصادر عن قناة «الرحمة» الفضائية، المملوكة له: «ما قلتُ أبداً بتحطيم الآثار، ولا أجيز لأي أحد ذلك، بل ذكرت أكثر من مرة أنني لا أعلم دليلاً يثبت أن عمرو بن العاص والصحابة الكرام أمروا بتحطيم هذه الآثار بعد الفتح الإسلامي، بدليل وجودها إلى اليوم، ولا يزعم أحد أنه أغير وأفقه وأعلم من الصحابة». وأضاف في شرحه لكلمة «الركاز» أنه «كل ما يخرج من الأرض من معدن أو مال أو كنز»، وأنه «إذا ظهر في ملك أي إنسان، فهو حق لصاحب الملك، وهذا قول جمهور أهل العلم، وتجب عليه زكاته بمقدار الخُمس، أما إذا وجد في ملك أو أرض الدولة، فليس من حقه، بل هو حق للدولة»، مؤكداً أن هذا ما قاله ويدين به. وتابع: «أما إذا رأت الدولة أن الآثار بجميع أشكالها وعبر جميع العصور التاريخية لا تندرج تحت الركاز، باعتبارها عملاً إنسانياً وهي ملكية عامة في الدولة خاصة وللحضارة الإنسانية عامة، ففي هذه الحالة لا يجوز لأحد أن يتاجر بها، وإن عثر على شيء من ذلك، فعليه التواصل مع الجهات الرسمية المختصة بذلك». وكان الشيخ حسان قد أجاب من خلال برنامجه على شاشة فضائية «نسائم الرحمة» التي يمتلكها عن سؤال حول حكم بيع الآثار بقوله: «إذا كانت في أرضٍ تملكها أو في بيت لك فهذا حقك، ورزقك ساقه الله لك، ولا إثم عليك ولا حرج، وليس من حق دولة ولا مجلس ولا أي أحد أن يسلبك هذا الحق، سواء كان ذهباً أو كنزاً. وأضاف «أما إذا كانت تلك الآثار تجسد أشخاصاً، فعليك أن تطمسها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعها، ومن حرم بيعه حرم ثمنه، وأما إن كانت هذه الآثار في أرض عامة تمتلكها الدولة فليس من حقك أن تأخذها أو تهرّبها أو تسرقها أو تبيعها، فهذا حرام ومالها حرام. وعلى إثر هذه التصريحات، شن عدد من خبراء وأساتذة الآثار هجوما حادا على الداعية محمد حسان، مؤكدين على أن هذه الفتوى ستؤدي إلى تبديد التراث المصري، ومطالبين بتقديم حسان إلى المحاكمة. وفي تصريح للدكتور سعيد الجوهري، أستاذ الآثار المصرية بجامعة القاهرة، لصحيفة «اليوم السابع» المصرية أكد أنه «لا يجوز أن نستجيب لفتوى حسان ونبيح بيع وتداول الآثار المصرية أو نحطم كل ما نعثر عليه من تماثيل لمجرد أنه يرى أنها تماثيل حرمها الإسلام والرسول - صلى الله عليه وسلم- لأن هناك فرقا واضحا بين أصنام الجاهلية التي كانوا يعبدونها وبين الآثار التي أمرنا الله عز وجل أن نتأمل فيها لنتعظ». وأضاف الجوهري: «ينبغي على أي إنسان يعثر على أثر في بيت أو أرض ملكا له، أن يرجع بها إلى المجلس الأعلى للآثار، التي تحدد إذا كان له قيمة أثرية أم لا، وبناء عليه يقوم المجلس بتعويضه ماليا أو أن يسمح له بالاحتفاظ بالأثر مع عدم بيعه أو تداوله». واتفق معه الدكتور رأفت النبراوي، رئيس قسم الآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة، قائلا: «هذه فتوى باطلة وغير قانونية أو شرعية، لأن بمنتهى البساطة الآثار ملك للدولة وليس للفرد، وأنصح حسان بمراجعة قانون الآثار المصرية، الذي يجرم بيع وتداول الآثار، وينص على أن كل أثر يتم العثور عليه هو ملك للدولة، وما يحرمه القانون يحرمه الشرع، وهذه الفتوى إذا تم الإعمال بها سندمر التاريخ المصري ونهدر رأس مالنا». وكانت جماعة تطلق على نفسها اسم «الحملة المصرية لغلق قنوات التطرف» قد تقدمت ببلاغ إلى النائب العام المصري المستشار عبد المجيد محمود، أواخر الأسبوع الماضي، ضد الشيخ محمد حسان، بعد فتواه التي تبيح بيع الآثار إذا وجدها الإنسان في أرضه. وقد أثارت تلك الفتوى انتقادات واسعة، خاصة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، حيث ظهرت بعض المجموعات التي تندد بالفتوى، فيما سعت أخرى إلى جمع توقيعات من مستخدمي الإنترنت لتقديم شكوى رسمية ضد الشيخ محمد حسان وإغلاق قناة «الرحمة» الفضائية.