«إذا انقطع الحشيش عن سجن تطوان، فمعنى ذلك أنه انقطع عن تطوان برمتها»، هذه هي العبارة التي يرددها دائما الشارع التطواني، وهي تختزل حجم كميات المخدرات التي تدخل إلى سجن «وادلاو» أو سجن تطوان بحي الصومال، وقبلهما سجن باب النوادر الذي يرجع تاريخه إلى حقبة الحماية الإسبانية. تعج زنازين السجن، حسب ما يرويه بعض المعتقلين ل«المساء»، بشتى أنواع المخدرات، انطلاقا من «الحشيش والكيف، وطابا، التي أصبحت موضة في تطوان، والأقراص المهلوسة، وصولا إلى الخمور والهيروين، ومخدرات رديئة أخرى. «كيف تدخل المخدرات إلى زنازين سجن تطوان؟» الجواب عن سؤال «المساء» لخص من طرف بعض المعتقلين في كلمتين بسيطتين: «من الباب الرئيسي!» فجل أنواع المخدرات تدخل من الباب، إذ مازال بعض الحراس السابقين في سجن باب النوادر يتذكرون قصة زميل لهم، وهو من تطوان، عندما تم ضبطه منذ سنوات يحاول، كعادته، تسريب نصف كيلوغرام من الحشيش، حينما سقطت أرضا وانكشف أمره. تم طي الفضيحة نظرا للقرابة العائلية التي تجمع بين حارس السجن وبعض العاملين في بعض وسائل الإعلام. بعد ذلك بفترة تم منح مدير السجن، حينها، صفة «رجل السنة» من طرف وسائل الإعلام نفسها، مكافأة له منها على عدم متابعة الحارس الذي مازال يزاول مهامه إلى يومنا هذا.
مناطق خضراء محمية أغلب المعتقلين وبعض حراس السجن من الذين التقتهم «المساء» كانوا يستلقون على قفاهم ضحكا وسخرية حينما نسألهم عن طرق إدخال المخدرات إلى زنازينهم. لقد تحولت بعض الزنازين إلى «سوبير مارشي» حسب قولهم، مفتوح للاتجار في مختلف ألوان المخدرات، «بمباركة» بعض حراس السجون، المنوطة بهم قانونيا مهام مراقبة كل ما يدخل المؤسسات السجنية، وتفتيش المأكولات والمصبرات وغيرها من احتياجات المعتقلين، التي تخترق قضبان السجن في صمت، لتصل إلى أيدي التجار. ويعلق بعض المعتقلين بأن سبب ذلك يرجع بالأساس إلى تقاعس مدراء بعض المؤسسات السجنية والحراس في القيام بمهامهم المنصوص عليها قانونيا، حيث تسود سياسة غض الطرف والتساهل، بل وحتى التواطؤ أحيانا، التي ينهجونها مع «بزناسة» بعض المؤسسات «الإصلاحية». ويقول أحد المعتقلين بتطوان، المسجون بتهمة اغتصاب واختطاف وحجز زوجته، إن «جميع أنواع المخدرات تدخل إلى السجن، نظرا إلى كثرة عدد المعتقلين المدمنين عليها». وحسب المتحدث فإن كميات الحشيش تدخل مدسوسة في «قفة» الأكل الأسبوعية التي يجلبها أفراد العائلة والأصدقاء، كعلب اليوغورت، ومواد التصبين، وفي أفرشة بعض الأحذية الرياضية، أو ضمن بعض الملابس والأغطية»، أغلبها يتم التغاضي عنها بعدم تفتيشها، حتى تصل إلى أيدي المستهلك، حيث يبلغ ثمن لفافة سيجارة الحشيش «جوان» عشرين درهما. ويقول آخرون إن «وسائل تسريب المخدرات باختلاف أنواعها كثيرة ومتعددة»، فالمعتقلون السابقون بسجن وادلاو أو بسجن تطوان، لا ينفون تواطؤ بعض الحراس الذين أصبحوا من أغنياء المدينة بفضل تواطئهم مع مهربي الحشيش داخل السجن، ويكفيك أن تستجوب بعضهم ليكشفوا لك عن بعض الحيل التي نهجتها كذلك عائلاتهم وذويهم لتسريب كميات من المخدرات أثناء فترة الزيارة. أكثر من ذلك، فحتى جناح النساء لم يسلم من عمليات تسريب الحشيش، حيث كشفت معتقلة سابقة للجريدة بأن «عشيقها كان يجلب لها الحشيش داخل حفاظات ابنتها التي كانت رفقتها داخل الزنزانة». وتقلل المعتقلة السابقة من حجم المخدرات التي تسرب للمعتقلين من طرف عائلاتهم، فأغلب شحنات الحشيش، حسب المتحدثة دائما، «تدخل السجن عبر بعض الحراس أنفسهم». ومن أكثر الوسائل التي يسرب بها هؤلاء الحشيش إلى داخل السجن، الهواتف المحمولة، حيث يستطيعون بواسطتها إدخال جرعات من الهيروين أو الحشيبش بعد إفراغ الهاتف المحمول من شريحته الالكترونية الداخلية، إذ تستطيع بعض الهواتف المحمولة استيعاب أكثر من 160 غراما من المخدر، سواء كان حشيشا أو هيروينا. أما أنبوب اللصاق أو ما يسمى في تطوان ب«السيلسيون» فيباع ب50 درهما، حيث يتم تسريبه داخل معجون الأسنان، فيما يبلغ ثمن علبة ورق تلفيف السجائر المحشوة بالحشيش أكثر من ذلك، وأغلبه يدخل بطريقة عادية ضمن «قفة» المعتقلين الأسبوعية، أو من طرف الحراس. ويقول معتقل آخر، إن من بين الوسائل المعتمدة كذلك من طرف بعض حراس السجن في تهريب الأقراص المهلوسة، استعمال القبعة أو علبة السجائر، وهي طريقة ذكية منهم لإدخالها دون أن يتم الانتباه إليهم، فثمن الحبة الواحدة منها يتراوح بين 40 و60 درهما. بطاطس وبرقوق مخدر لا تعدم الوسائل أبدا في ما يخص تهريب المخدرات إلى داخل سجن تطوان، فالسجن يؤوى عددا من المعتقلين الإسبان إلى جانب المغاربة، أغلبهم مدمنون على المخدرات الصلبة أو العادية، ولذلك يحاولون التوفر عليها عبر عدة طرق بعضها جديد وآخر مبتكر، فالاختراع أم الحاجة كما يقولون. ومن آخر الحيل التي بدأ يتم استعمالها، دس المخدرات داخل البرقوق ضمن أكلة «البرقوق باللحم» حيث يتم استعمال أكياس بلاستيكية سوداء في تلفيف كريات صغيرة من الحشيش، في شكل وحجم البرقوق الطبيعي، ثم تبلل بمرق الأكلة قبل أن يتم رشها بكمية من «الجنجلان»، إذ يصعب كشفها وسط فاكهة البرقوق الحقيقية. كما أن قاع «القصعة» التقليدية لوجبة «الكسكس» أصبحت تستعمل لدس المخدرات، بالإضافة إلى البطاطس والفواكه.