في سنة 1998 دخل المغرب في برنامج للإصلاح الاستشفائي بمشروعين، الأول يهم المنطقة الشرقية ويعرف ب (Pagss) وكلفته 22 مليون دولار. وقد مول هذا المشروع من طرف الاتحاد الاروبي. أما المشروع الثاني فيتعلق بتمويل وتسيير قطاع الصحة(PFGSS). وهذا البرنامج الذي تبلغ كلفته 76 مليون دولار، 85 بالمائة منها، أي 57,2 مليون دولار، ممولة من طرف البنك الدولي، يهم خمس مستشفيات بالمغرب، هي مستشفيات مكناس وسطات وأكادير وآسفي وبني ملال. ويهدف هذا المشروع إلى إصلاح القطاع الاستشفائي، عبر إعادة هيكلة المستشفيات في الجانب التنظيمي، ومقطعة المصالح السريرية، وإحداث وظيفة التخطيط الاستشفائي بإعداد أجرأة المشروع المؤسساتي (PEH)، وإعداد مخطط معياري لحاجيات الموارد البشرية والنظام الداخلي الجديد للمستشفيات، والتحكم في تكلفة العلاجات الاستشفائية بإنجاز دراسات حول تكلفة العلاجات الاستشفائية (كلف بها مستشفى أكادير في إطار القطب «س») ووضع منهجية لاحتساب تكاليف العلاجات الاستشفائية، ثم إعداد وأجرأة المساطر المالية والمحاسباتية (GFC)، وتحديث وعصرنة آليات التسيير الاستشفائي بتحسين تسيير الموارد البشرية وإدخال النظم المعلوماتية SIHوإعداد نظام لاعتماد المستشفيات، وبدء العمل بمقاربة التعاقد مع المستشفيات، وتأهيل البنايات وعصرنة التجهيزات بتأهيل البنايات في إطار مخطط مديري للبنايات (PDI)، وتحديث وعصرنة التجهيزات البيوطبية والتقنية والمعلوماتية. لكن هذا البرنامج عرف تعثرات منذ بدايته، مما استدعى تدخل البنك الدولي واسترجاعه لمبلغ 20 مليارا ك«عقوبة» لوزارة الصحة لعدم احترامها الشروط والآجال المحددة. وفرض البنك الدولي على الوزارة التعاقد مع كونسورسيوم كندي للمساعدة التقنية هو مجموعة (UGC) الكيبيكية للإشراف على إنجاز هذا البرنامج. ورصد المشروع لمستشفى محمد الخامس بمكناس مبلغا ماليا يقدر بحوالي 14 مليارا، واختير هذا المستشفى لمهمة تنفيذ القطب «ب» من هذا المشروع، أي تحسين جودة الخدمات. لكن المبالغ المالية الضخمة التي صرفت على هذه المؤسسة لم تمكن من تحسين وضعها، الذي يوصف في بعض التقارير النقابية ب«البئيس». فممرات المستعجلات الجديدة لا تتسع للتدفق الكبير للمرضى، وتعيش أغلب المصالح مشكل الانقطاع المتكرر أو الارتفاع الفجائي للتيار الكهربائي لعدم وجود «STABILISATEUR» وكذلك لغياب وجود «la mise à terre». وتسبب هذا «الخلل» في الشبكة الكهربائية، الذي عرفته المصالح الإدارية الجديدة وقسم الإنعاش والمستعجلات ومركز تحاقن الدم، في شهر نوفمبر الماضي، في إتلاف أغلب التجهيزات البيوطبية وعدد كبير من مكيفات الهواء. ويعمل المستشفى بتيارين مختلفين بدلا من التحويل من B1 إلى B2 كما كان مقررا. ويُتخوف على سلامة المرضى والعاملين بالمستشفى وإتلاف الأجهزة البيوطبية من جراء هذا الوضع. وتعاني أغلب الأقسام والمصالح بالمستشفى من ظاهرة التسربات المائية ومشكل مياه الصرف الصحي بسبب أن الإصلاح لم يشمل قنوات الصرف الصحي، خصوصا في قسم الأشعة والمختبر والمركب الجراحي والإنعاش. ورغم التعاقد مع مكتب للدراسات ومع مكتب للمراقبة ومع شركة في صفقة بحوالي 500 مليون، في نهاية سنة 2006، فإن العاملين بالمستشفى والمرضى في الأسبوع الأول من سنة 2008 فوجئوا بتسربات وببرك مائية في عدد كبير من الأقسام كمصلحة القلب وقسم الأشعة وقاعة الاجتماعات، مما ترتب عنه إتلاف عدد من المعدات اللوجستية. وتعطل قسم المحروقين في المستشفى بعدما كان مرجعا وطنيا، ولم يعد يستقبل المرضى منذ مدة طويلة تقترب من العقد. ويتم توجيه المرضى حاليا إلى الدارالبيضاء لتلقي العلاج. وتعيش الطبيبة المسؤولة عن هذا القسم حالة عطالة تقنية. وبدل الاشتغال في تخصصها كطبيبة لمعالجة المحروقين، كلفت عبر مذكرة من مدير المستشفى بمتابعة أوراش البناء والصيانة. واقتنى المستشفى تجهيزات بيوطبية حديثة بأثمنة باهظة، دون أن يكون هناك تكوين لتقنيي المستشفى للتعامل مع عدد من هذه الأجهزة التي تتعرض لعطل متكرر. ونفس العطل المتكرر يهم التجهيزات التقنية الأخرى كأجهزة التكييف ومراكز تنقية الهواء CTA، التي جهزت بها أقسام الجراحة والمحروقين والمختبر. ويتعرض ما يفوق من 10 مصاعد بالمستشفى للعطل على الرغم من تجديدها وإصلاحها. ويحتفظ بعض الأشخاص بمفاتيح بعضها لاستغلالها، مما يضطر عائلات المرضى إلى حمل ذويها عدة طوابق إلى أقسام جد حساسة كقسم القلب أو الطب الباطني أو قسم العظام. وطعنت بعض المصادر النقابية في عمليات استلام الأشغال والتجهيزات التقنية والبيوطبية بالمستشفى. وقالت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في تقرير لها حول المستشفى رصدت فيه ما أسمته «الإختلالات»، إن هذه العمليات يشوبها الغموض في غياب لجنة متخصصة تعينها الجهة المقتنية، والتي هي DEM أو المندوبية، موردة بأن أغلب المعدات قام بعملية استلامها مهندس واحد، مما يتناقض ومبدأ التخصص. كما أن اغلب التجهيزات تم إمضاء استلامها ولم تشغل إلا بعد سنوات، مما جعلها تفقد ضمانة تغييرها أو إصلاحها من طرف الشركات المتعاقدة. وتكرر ذلك مؤخرا في عملية استلام جهاز مجهر جراحة الشرايين باهظ الثمن، الذي رفض من طرف المستشفيين الجامعيين بكل من الرباط وفاس وأرسل إلى مكناس حيث لازال لا يشتغل لحد الآن. ويتعرض جهاز طحن النفايات البيوطبية لعطل متكرر. ولا يتوفر المستشفى على تقنيين متخصصين لتشغيله. أما المختبر فغير مجهز بقنوات الغاز، كما أن معظم آلات التحليلات باهظة الثمن التي تم اقتناؤها مؤخرا لا تشغل أو معطلة. ويعمل بهذا المختبر حوالي 50 من الممرضين والمساعدين الطبيين والأعوان، لكنه لا يقوم سوى بإنجاز تحليل السكر. ورغم أنه أعيد إصلاحه خلال الصيف الماضي بميزانية ممولة من طرف المعهد الوطني للصحة INH، فإن خدماته لم تشهد تحسنا، وبقيت أغلب تجهيزاته معطلة. وأحدث مشروع SAMU في مستشفى محمد الخامس في بناية كانت في الأساس مخصصة للفحص الطبي الخاص برخص السياقة وتسليم الشواهد الطبية الشرعية. وكلف هذا المشروع الذي أثار احتجاجات عدد من العاملين في القطاع ما يفوق 860 مليون سنتيم. وكلف هذا المشروع وزارة الصحة مئات الملايين، لكن دون أن يرى النور. لماذا مستشفى مكناس؟ اختير مستشفى محمد الخامس بمكناس لمهمة إنجاز القطب «ب»، أي تحسين الجودة، مع الاعتماد على منهجية لتحقيق الجودة معتمدة في كيبك، وتعرف هذه المنهجية ب Méthode d'évaluation par critères objectif، إلا أن الفريق الكندي الذي تتبع بعض الأجزاء من تنفيذ هذا المشروع اعتبر بأن نتائج التقييم كانت في الأعم دون المتوسط. وكانت النتيجة هي احتلال المستشفى للصف العاشر والأخير في مباراة الجودة التي نظمتها وزارة الصحة بإشراف وتمويل من الوكالة الألمانية للتنمية (GTZ).واستدعت عدد من هذه «الاختلالات» حضور فريق تفتيش تابع لوزارة الصحة في أبريل من سنة 2007، دون أن يعرف عن نتائج تقاريرها أي شيء.