أظهر الدخول المدرسي لهذا العام أن هناك غيابا كبيرا لأي مظاهر للرقابة على أثمان الكتب والمقررات الدراسية، التي سجلت هذه السنة ارتفاعا صاروخيا لا نظير له، مقارنة مع السنوات الماضية، وتركت العائلات في مواجهة فوضى عارمة في الأسواق، دون أن يكون هناك مقياس معيَّن في تحديد الأسعار بين المكتبات وباعة المقررات، خاصة بالنسبة إلى المقررات التي لا تحمل أسعارَها على ظهر غلافها، الأمر الذي يبقى رهينَ «الغفلة بين البايع والشاري»!.. أكثر من ذلك، فإن العديد من المؤسسات التعليمية الخاصة أصبحت، هي نفسها، تبيع المقررات وتفرض على الأسر دفع التكاليف، وفق قائمة محدَّدة حسب المستويات الدراسية، لأن بيع الكتب الدراسية أصبح مجالا للربح وحول العملية التعليمية إلى تجارة بين الإدارة والأُسَر، «السلعة» فيها هي الطفل.. وهكذا أصبحت كلفة التلميذ الواحد في القسم الأول الابتدائي تتجاوز الألف درهم، ولكي تنهض الأسر بهذه التكاليف يلجأ العديد منها إلى القروض. هناك مشكلتان حقيقيتان، الأولى هي أن بعض هذه المقررات لا يتم استعمالها إلا قليلا جدا، خلال السنة كلها، الأمر الذي يكشف كيف أن الكتاب المدرسي أصبح يُنظَر إليه كتجارة فقط تدخلها أطراف مستفيدة تحميها لوبيات معينة، والثانية أن المردود العملي من العملية التعليمية في نهاية السنة الدراسية يكاد يكون صفرا على اليمين، وهو ما يطرح السؤال حول الجدوى من تحميل الأسر المغربية كلَّ هذا الصائر، مقابل خدمة تعليمية غير متوفرة أصلا...