سيدة تكبل زوجها، وأخرى تطعنه بسكين، وثالثة تكسر أسنانه، ورابعة ترميه بدقاق (مهراس) وخامسة تمسه في رجولته أمام الأبناء والأهل والجيران، وسادسة تطرده من بيت الزوجية، وسابعة تستولي على ممتلكاته، وثامنة تعلن له عن هيامها بعشيق، إمعانا في إهانته... تلك بعض أشكال العنف المادي والمعنوي التي يزعم رجال في المغرب أنهم تعرضوا لها من قبل زوجاتهم، والتي وقفت عندها الشبكة المغربية للدفاع عن حقوق الرجال، المؤسسة قبل أكثر من أربعة أشهر، والتي جعلت من بين أهدافها فضح العنف الذي تمارسه النساء على أزواجهن. الشبكة انكبت، منذ أعلنت عن نفسها، على معالجة 161 ملفا لرجال يشتكون من عنف زوجاتهم. هم رجال ضاقوا ذرعا بما يدعون أنه عنف يتعرضون له، ولم يجدوا حرجا في الاستنجاد بالشبكة والإفصاح عن هوياتهم، حيث يلتمسون منها النصح والإرشاد والمساعدة على تجاوز معاناتهم النفسية. غير أنه إذا كان من الرجال من تخلصوا من التردد وقرروا تكوين ملفات عن معاناتهم، فإن ثمة من يتوخون الحذر ويأتون لعرض مشاكلهم أمام الشبكة، رافضين الإفصاح عن هوياتهم تفاديا للفضيحة، وهناك من الرجال من يختارون الحديث إلى الشبكة من وراء حجاب الهاتف، طالبين النصح والإرشاد. العنف الذي يتعرض له الرجال من طرف الزوجات يخترق جميع الفئات السوسيومهنية، كما يشدد على ذلك عبد الفتاح بهجاجي، رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن حقوق الرجال، حيث يطال الأستاذ الجامعي والإطار الكبير والبائع المتجول والمتقاعد الذي بلغ من العمر عتيا، وهو يعتبر أن العنف قد يجد تفسيره وجذوره في أغلب الحالات، كما تبدى من خلال الملفات التي تنكب عليها الشبكة، في الحالة النفسية للزوجة التي تدفعها إلى تعنيف الزوج وفي رواسب تربية غير سوية، وقد يبرره سلوك بعض الرجال الذين تضيق زوجاتهم في بعض الأحيان ذرعا بتصرفاتهم غير المسؤولة، كما يمكن أن يجد تفسيره في ضعف شخصيات بعض الرجال أمام زوجاتهم. لكن كيف يجرؤ الرجل المغربي على البوح بما يعانيه من عنف تمارسه عليه الزوجة؟ بهجاجي يعتبر أن العديد من الرجال كان لديهم دائما استعداد للحديث عن معاناتهم لكنهم كانوا ينتظرون الإطار الذي يخول لهم ذلك، والبعض الآخر اقتضى منه الأمر ترددا طويلا قبل أن يكسر طوق الصمت الذي لاذ به، غير أن ما حرض عددا من الرجال على الحديث عن معاناتهم هو تشجيع الأهل والجيران والأصدقاء الذين يقصدون الشبكة للتنبيه إلى ما يعانيه أصدقاؤهم وذووهم وجيرانهم من عنف. فما هو رأي المرأة في ما يدعيه الرجل من عنف تمارسه عليه؟ زاهية عمومو، المحامية وعضو الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء، تعتبر أن العنف الذي تتحدث عنه الشبكة، إن وجد، لا يشكل «سوى استثناء» لا القاعدة، فهي تعتبر أن العنف الذي يرقى إلى مستوى الظاهرة هو ذاك الذي يمارسه الرجل ضد المرأة في المغرب، بما لذلك من تداعيات هدامة للأسر، وهي تستغرب حديث الشبكة عن عنف تمارسه المرأة على الرجل الذي يتمتع بالعديد من الامتيازات والسلطة التي تخول له أن يسود داخل الأسرة ويتحكم في مصيرها. أشكال العنف التي رصدتها الشبكة > العنف الجسدي باستعمال آلات حادة في بعض الأحيان، مما تتولد عنه جروح ورضوض، تشير إليها شواهد طبية، > الطرد من بيت الزوجية بالاستعانة بالأقارب أو أشخاص غرباء، > التجريح والحط من الكرامة أمام الأبناء والأقارب والجيران، > الاستيلاء على ممتلكات الزوج وحجز الأجرة والوثائق المتعلقة بالعمل والبطاقة الوطنية، > التهديد باللجوء إلى القضاء واستعمال مسطرة عدم الإنفاق.