سيكون من الصعب على جمال لبيض، مواطن مغربي، مقيم بالولايات المتحدةالأمريكية أن يستوعب كيف أنه باع أرضه بقيادة سيدي بوعثمان بمدينة بن جرير، ووقع على وثائق البيع، وهو لم يطأ أرض المغرب خلال عملية البيع، أو المصادقة على تلك الوثائق، ولم يوكل بذلك أحدا، على حد قوله في لقاء مع «المساء». فجمال لبيض، الذي يشتغل محققا بدولة البرازيل، تمكن من الحصول على وثائق بيع ممتلكاته يوجد فيها طرفا بالاسم، دون ذلك بالفعل. ويتهم المهاجر المغربي الذي يتحدر من مدينة قلعة السراغنة، كاتبا عاما سابقا بعمالة المدينة بالمساهمة في الاستيلاء على أرضه، بجماعة «اثنين المحرة» بإقليم الرحامنة الحالي، والذي كان آنذاك خاضعا ترابيا للعمالة المذكورة، عندما ترأس هذا المسؤول، الذي أصبح واليا فيما بعد، اللجنة المكلفة بدراسة طلبات الإذن في التقسيم بتاريخ 22يوليوز1996 لدراسة طلب تقسيم تقدم به جمال لبيض، في حين أن الأخير غادر المغرب بتاريخ 18يونيو 1994، ولم يدخله إلا في 12 مارس 2003. هذه المفاجآت لا تنتهي هنا، فالمحقق ببلاد «الصامبا» وجد نفسه بتاريخ 10يوليوز 1996 موقعا على عقد بيع حصته، البالغة 14 هكتارا و54 آرا و08 سنتيارات، من مجموع الأرض المسماة «دريع الزمان»، ذات الرسم العقاري عدد 1830 الكائن بمحل يدعى «بالبحيرة» بالرحامنة، لفائدة المدعو «عبد اللطيف لحمادي»، حددت الوثيقة مبلغ البيع في 120 ألف درهم دفعه المشتري، وهو مالك حالي لإحدى وحدات التصبير بالقلعة، للبائع. لكن ما يلاحظ على عقدة البيع هي أنها أخطأت تاريخ ازدياد جمال لبيض، وأضافت له سنتين كاملتين فعوض 27/09/1976 جاء في الوثيقة تاريخ 27/09/1974. الأمر لا يقف عند هذا الحد، بل إن رئيس الجماعة القروية لجماعة المحرة، وبناء على محضر اللجنة السابق، الذي حصلت «المساء» على نسخة منه، يصرح بأنه سلم لجمال شهادة إدارية تحت رقم 98/1996 تخص أرض «دريع الزمان» البالغة مساحتها 400 هكتار و25 آرا، بينما يصر جمال على أنه لم يطلب هذه الشهادة، ولم يوكل أحدا لطلبها أثناء وجوده خارج المغرب. أمام هذا الوضع المعقد، تقدم المهاجر المغربي بشكاية إلى الوكيل العام للملك بمراكش، ضد لحمادي، الذي دأب على الترشح في الانتخابات الجماعية، بما فيها الأخيرة، يتهمه فيها بالتزوير، وانتزاع عقار من الغير، والترامي على ملك الغير، واستعمال وثيقة مزورة. وينفي المشتكي نهائيا أن يكون أبرم أي عقد مع المشتكى به، كما أنه لم يطلب أي وثيقة إدارية متعلقة بعقد البيع المزعوم، ويدلل على أقواله بأنه لم يكن موجودا خلال هذه المدة بالمغرب، ولم يدخله إلا بعد عشر سنوات من الغربة، أي بتاريخ 12 مارس 2003، حسب شهادة من شرطة المرور والحدود التابعة لمديرية الأمن الوطني. وقد انتقلت «المساء» إلى مدينة قلعة السراغنة من أجل الحصول على الوثائق التي تثبت ملكية المشتري لهذه الأرض، كما طلب عبد اللطيف لحمادي، الذي يتهمه لبيض بالاستيلاء على أرضه، وبعد انتظار للحصول على كل الوثائق، التي يمكن أن تدحض «مزاعم لبيض»، على حد قول لحمادي»، سلم هذا الأخير «المساء» ورقة عبارة عن بيان في الموضوع، جاء فيها أن نشر الموضوع في الجرائد يهدف إلى «ضرب عرض الحائط مكانتي المرموقة»، وأن كل ما يطرحه جمال لبيض في وثائقه «كذب»، بالرغم من أن لحمادي لم يدل بأي وثيقة قانونية تثبت أقواله. وبينما قال لحمادي في الورقة إن المحكمة حكمت على جمال بإتمام بيع الأرض المتنازع عليها بتاريخ 7شتنبر1992، فإن تاريخ ازدياد جمال (البائع) وهو من مواليد 27/4/1976 يبين أن الأخير كان قاصرا ومحجورا عليه من طرف أمه، لأنه لم يكمل سنه السادسة عشرة. كما لاحظت «المساء» أن تصحيح الإمضاء على عقد البيع ورد بتاريخ 10يوليوز 1996، في حين أن التاريخ الوارد أسفل التوقيع المفترض لجمال، يبدو أنه مأخوذ من طرة أحد سجلات بلدية القلعة التي وقع فيها جمال للحصول على وثيقة ما تحت رقم3010/93 أي أن السنة أصبحت 1993 وليست 1996.