بمدينة السبعة قصور، فكيك، يوجد مسجد أثري، يحمل اسم مؤسسه العلامة سيدي عبد الجبار المتوفى حوالي سنة 918 هجرية، ويقع المسجد في قلب قصر المعيز، وشرع في بنائه بعد عودته من رحلته العلمية الطويلة أواسط القرن التاسع الهجري. يتوسط المسجد فناء صغير تحمله أربعة أعمدة مقوسة متناسقة ونوافذ تحقق للمسجد الإضاءة الطبيعية، ومزيدا من التهوية من الجهات الأربع. ويوجد بالمسجد ثلاثة أبواب، الباب الغربي الذي يصل بين المسجد وما نعتقد أنه خلوته التي كان ينفرد فيها للعبادة والقراءة والذكر وتحتضن الآن ضريحه تحت قبة جنائزية ، حسب مقال لصاحبه محمد بنعلي منشور بمجلة المجلس التي يصدرها المجلس العلمي الأعلى. والبابان الشرقيان: أحدهما هو المدخل الرئيسي الآن، وثانيهما ثانوي والمرجح أنه كان من قبل رئيسيا،أيضا بدليل أنه مدخل مشترك بين المسجد والكتاب الذي بقي لعدة قرون خلت رافدا ثريا للزاوية العلمية، وتخرج منه عشرات الطلبة والقراء وصغار الفقهاء وفي وسط جدارهما جدار القبلة يقوم منبر مجوف تؤطره زخارف بسيطة لا تمثل الكتابة جزءا منها . وعلى بضعة أمتار تعلو منارته المربعة حوالي ستة عشر مترا على الأرض يمكن أن تلامس جامورها المفتوح على الفضاء الواسع بعد اجتياز عدة أدراج من خشب النخيل وتم تشييدها في القرن التاسع عشر. ويوجد بالمسجد منبر منزو لم يعد يستغل منذ أزيد من عقد من الزمن، وهو تحفة فنية رائعة تتميز بألوانها البديعة المتناسقة والزاهية والآيات المنقوشة على جنباته، وهي قوله تعالى من سورة التوبة ، الآية 18 «إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة، وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله». حسب المقال ذاته. وحسب أحد المعمرين فإن هذا المنبر صنع في سنة 1933 ميلادية. وهناك ثلاثة عوامل ساهمت بشكل مباشر في تنشيط الحركة العلمية بهذا المسجد وهي كتاب المسجد ، ويقع فوقه من الجهة الشرقية، وذكرت المستكشفة الفرنسية “آن ليفينك” سنة 1884 أن المار من تحته كان يسمع لطلبة القرآن أزيزا كأزيز النحل من أثر الترديد والحفظ.. والخزانة العلمية التي اختار لها أحد أركانه وأثثها بمجموعة معتبرة من المخطوطات، ثم نقل جلها إلى خزانة دار العدة بعد تأسيس الزاوية العلمية. والعامل الثالث تمثل في الأحباس، ومنها أحباس الإفطار والبخاري وليلة القدر وليلة المولد بل وأحباس إنارة المغتسلات والمستحمات، وأحباس عابري السبيل وأحباس طلبة العلم وحفظة القرآن. يذكر أن مدينة فكيك من أعتق المدن المتواجدة بالمنطقة الشرقية، الشبه صحراوية. فهي عبارة عن واحة كبيرة تتكون من عدد ضخم من النخيل تتوسطها مجموعة من القصور، هذه الأخيرة تنقسم إلى سبعة قصور : ستة منها تكون تجمعا سكانيا واحدا لا يفرق بينها إلا بعض البنايات وفي بعض الأماكن بعض الأسوار والتي تلاشت حاليا، والقصور هي قصر لوداغير «آيت عدي» وقصر أولاد سليمان وقصر الحمام الفوقاني «آيت عامر» وقصر الحمام التحتاني «آيت وداي» وقصر العبيدات «آيت النج». والقصر الوحيد الذي ينفرد عن المجموعة السابقة هو قصر زناكة.