كما جرت العادة منذ سنوات الاستقلال، فإن الجمعيات المستفيدة من المخيمات الصيفية لا تتسلم أموالا من الوزارة من أجل تدبير الفترات التخييمية، كما أنها لا تحول مِنحا مالية لهذه الجمعيات، على عكس ما يتم تداوله من كون الجمعيات تتلاعب بأموال المخيمات، لأن الأمر لا يتعدى التعاملَ بواسطة المواد الغذائية، فالوزارة تخصص منحة لا تتعدى 20 درهما عن كل طفل، وفي حالة كان عدد الأطفال يصل إلى 200 طفل، حسب الرخصة المسلَّمة من الوزارة، فإن ما تتسلمه الجمعيات في اليوم هو ناتج 20 مضروب في 200 مضروبة في عدد الأيام، 15 يوما.. وهذا المبلغ يتسلمه مقتصدو المخيمات التابعون للجمعيات، على شكل مواد غذائية. ولأن العملية تتم بهذه الطريقة، فإنه يشوبها العديد من الاختلالات وتصل في بعض الأحيان إلى حد «التواطؤ» بين مسؤولين من الوزارة في المخيمات مع الممونين والجمعيات. وتنطلق هذه الاختلالات عند التقدم للحصول على صفقات تموين المخيمات بالتغذية، ذلك أن الممونين يقدمون عيِّناتٍ من مواد التغذية ذات جودة عالية ومن أحدث المواد التي يتم تداولها في السوق، لكنْ وبمجرد حصول الممونين على الصفقة من مندوبيات الوزارة، فإن المواد التي تصبح متداوَلة داخل المخيَّمات تتحول إلى مواد بجودة أقل.. والسبب أن الوحيد الذي يعرف نوعية المواد المتعاقَد عليها هم مناديب الوزارة، وبالتالي فإن أول شيء يجب أن تقوم به المفتشية العامة للوزارة، التي لا تتحرك في فترة التخييم، هو مراقبة مدى مطابقة عينات المواد الغذائية التي يوزعها الممونون في المخيمات مع تلك التي تم تقديمها في اليوم الأول عند التنافس للحصول على «صفقة» التغذيةَ!.. وإذا صادف الممون جمعية وطنية لها تجربة كبيرة في تدبير المخيمات، فإن الممونين يلتزمون بإحضار أصناف جيدة، لأنهم يعرفون أن هذه الجمعيات سوف ترفض تقديم زيوت من النوع الرديء، مثلا، للأطفال، أما الجمعيات التي تقع ضحية غش الممونين فهي الجمعيات المحلية، حيث يعمد الممونون إلى تزويدها ببعض المواد التي لا يعرف مصدرَها سوى الممون.. ويلجأ الممونون إلى طرق أخرى لكسب المزيد من الأرباح، عن طريق الغش في بعض المواد، وكمثال على ذلك، فإن بعض الممونين يعمدون إلى «ترقيد» اللحوم البيضاء (الدجاج خصوصا) في إناء كبير من الماء لحملها في الصباح إلى الجمعيات، بعد أن يكون وزنها قد «تضاعف»!.. ويحول بعض مسؤولي الجمعيات، وبتواطؤ مع بعض مقتصدي الوزارة والممونين، قيمة المواد الغذائية إلى مبالغَ مالية، وكمثال على ذلك، فإن الجمعيات التي لديها 200 طفل مستفيد، فإنها لا تجلب إلى المخيم سوى 170 مستفيدا ويتم التصريح داخل المخيم بنفس الرقم الموجود في الرخصة المسلَّمة للجمعية من طرف مصلحة المخيمات في الوزارة، وبالتالي يتم احتساب 20 طفلا في عدد الأيام (15 يوما) مضروبة في عدد المنح وهي 30 طفلا والعملية هنا تعطي ناتجا يقدر بحوالي 9000 درهم!..