بات الذهاب إلى مصلحة الجوازات بعمالة القنيطرة، والحلول بها لإيداع ملف الوثائق الضرورية للحصول على جواز السفر، أشبه بمغامرة محفوفة بكل المخاطر التي قد لا تخطر على بال. «أسيدي، واش الملك ديالنا غادي بنا للكدام، وخدام كايبني فالبلاد، وهاد الناس كايرجعونا قرون للور، حشومة عليهوم، ثلاثة ديال الساعات وحنا كانتسناو باش ياخذو من عندك الوثائق»، بهذه العبارة وصف مواطن كان يقف ضمن طابور بشري مزدحم، اختلط فيه الرجال بالنساء، تحت أشعة الشمس الحارقة، كل واحد منهم يحاول أن يتجنب قطرات الماء المتساقطة من أنبوب أحد مكيفات الهواء المنصوبة فوق رؤوس الراغبين في الحصول على جواز سفر جديد. وغير بعيد عن المكان، بدا رئيس قسم الجوازات، والمكلف في نفس الوقت برخص حمل السلاح، غير مكترث بمرارة من حوله من المواطنين، ومعاناة كبار السن أو القادمين من المناطق البعيدة، تاركا إياهم في عهدة مخزني، لا يتورع في إهانة الكل، بسبب أو بدونه، حريص على أن يفرض نظامه وفق شروط خاصة يعتقد أنها الأصلح في مثل هذه الظروف، سيما إذا كان السواد الأعظم من الواقفين ينحدر من البوادي والقرى المجاورة. غياب خلية مكلفة بالمهاجرين المغاربة المقيمين بالخارج، جعل هؤلاء يعيشون الإهمال والإذلال، بنفس الجرعات التي يتجرعها إخوانهم المقيمون في المغرب، وهم الذين كانوا يمنون النفس بأن تقضى حوائجهم، ويلقون حفاوة الاستقبال وفق ما جاء في العروض التي تفنن مسؤولون في إلقائها على مسامع البعض منهم بمناسبة اليوم الوطني للمهاجر، الذي لم يمر على تخليده سوى أسبوعين. يقول مهاجر «لم أكن أتصور إطلاقا أن أعيش مثل هذه المواقف المقرفة، إنهم يتلذذون بشقائنا، لماذا يتم حشرنا بشكل عشوائي في هذا الفضاء الذي يفتقد إلى أدنى شروط الاستقبال، ولماذا علينا أن ننتظر أزيد من ساعتين حتى يتسلموا منا ملفاتنا، التي قد ترجع إلينا، وبعد طول انتظار أيضا، بمبرر افتقادها لإحدى الوثائق أو عدم مطابقة الصورة للمعايير المطلوبة»، تساؤلات عديدة ظل يطرحها المتحدث دون أن يجد لها أجوبة تشفي غليله، ما دفعه إلى مغادرة المكان وهو يردد اللطيف، لاعنا اليوم الذي حل فيه بهذه المصلحة. الوالي عبد اللطيف بنشريفة، وبعد عودته من عطلته الصيفية التي قضاها خارج أرض الوطن، بدا غير آبه لمعاناة مواطنين وُجد لخدمتهم والسهر على مصالحهم، ليس فقط مصالح هؤلاء الراغبين في الحصول على جواز سفر، بل حتى أولئك الذين يتحسرون على ما آلت إليه أوضاع مدينتهم القنيطرة من تدهور على صعيد كل المجالات، وكما أشار إلى ذلك البعض، فإن بنشريفة منشغل جدا هذه الأيام بالإصلاحات التي تخضع لها بناية ولاية الجهة، بعدما استكمل مؤخرا أشغال التوسيع التي همت مقر إقامته، حيث يجري الحديث عن ميزانية ضخمة خصصت للمشروعين المذكورين.