أعرب وزير الداخلية الإسباني، ألفريدو بيريز روبالكابا، أول أمس، عن ارتياحه لنتائج زيارته للمغرب لبحث تداعيات الأزمة التي اندلعت في معبر مليلية المحتلة، عقب لقائه بنظيره المغربي، الطيب الشرقاوي، في الرباط، ثم استقباله من قِبَل الملك محمد السادس في الدارالبيضاء. وقال روبالكابا، في ندوة صحافية في مقر سفارة إسبانيا في الرباط أول أمس: «سنعود إلى مدريد ونحن مرتاحون لأننا عقدنا لقاءات مفيدة»، موضحا أن الرباطومدريد اتفقتا على تعزيز التعاون الأمني بينهما من أجل محاربة الهجرة السرية والإرهاب والجريمة المنظَّمة. ولم يرغب المسؤول الإسباني في الحديث عن الأحداث التي حصلت في الأسابيع الماضية وأثارت نزاعا دبلوماسيا بين البلدين، وقال: «ما حصل فات لكنه مكّنَنا من الجلوس والاتفاق على عدة أمور لتحسين التعاون الأمني». وقد تزامنت زيارة الوزير الإسباني مع الإفراج عن الرهينتين الإسبانيين اللذين كانت تعتقلهما شبكة تنظيم القاعدة في مالي، وهو ما انتهزه روبالكابا لكي يُشِيد بالدور الذي لعبته الأجهزة المغربية في هذا الإطار. وأكد روبالكابا أن شرطة البلدين ستقيم مكتبا لها في كل من مدينة طنجة المغربية ومدينة الجزيرة الإسبانية بحلول الصيف القادم، حيث ستعمل الشرطة الإسبانية والمغربية على تعزيز التعاون الأمني أكثر بين الجانبين. كما أن وزيرَي داخلية البلدين اتفقا على عقد لقاء بينهما سنويا، كما أن المسؤولين الأمنيين سيعقدون لقاء كل ستة أشهر. وجاء عقد المسؤول الإسباني للندوة الصحافية إثر اجتماعه بنظيره المغربي، الطيب الشرقاوي، بمقر وزارة الداخلية في الرباط، والذي تمخض عنه صدور بلاغ مشترَك بين الطرفين. وكان مرتقَباً أن يتم عقد ندوة صحافية مشترَكة بين الوزيرين، إلا أنه تم إلغاؤها في اللحظات الأخيرة، ما دفع الصحافيين المغاربة والأجانب والصحافيين المعتمَدين إلى البقاء داخل مقر الوزارة لساعات عدة، منذ صبيحة أول أمس، دون أن يتلقوا أي معلومة بشأن الترتيبات الجديدة، بينما امتنع الوزيران عن الإدلاء بأي تصريح للصحافة، سواء لدى دخولهما قاعةَ الاجتماعات أو لدى خروجهما منها، بعد انتهاء الاجتماع، وتم إخبار الصحافيين الإسبان بأن روبالكابا سيعقد ندوة صحافية في مقر سفارة بلاده في الساعة الخامسة، ما دفعهم إلى الانسحاب، بينما بقي الصحافيون المغاربة ينتظرون إخبارَهم بأي جديد يتعلق بالبرنامج، دون فائدة، لينتقلوا، في ما بعدُ، إلى مقر سفارة مدريد حيث جرت وقائع ندوة الوزير الإسباني. ووفق بعض المعلومات، فإن الندوة المشترَكة تم إلغاؤها، تفاديا للإحراج الذي قد تسببه إثارة موضوع سبتة ومليلية المحتلتين، حيث كان هناك اتفاق ضمني على أن يتم تفادي إثارة القضايا التي من شأنها أن تُبقيَّ على صفحة الخلاف مفتوحة، وهذا ما تأكد من خلال أجوبة الوزير الإسباني في الندوة الصحافية، حيث امتنع عن الحديث عن الأحداث التي وقعت في معبر مليلية أو عن التطمينات التي قدمتها مدريد للرباط أو عن مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين. وأعلن البلدان، في بلاغ مشترَك، عن تفعيل اللجنة المشتركة لمحاربة المخدرات من أجل العمل في أقرب الآجال على بلورة استراتيجية عمل مشتركة تروم، بالأساس، الحدَّ من المظاهر المستجَدَّة للتهريب، خصوصا تلك المتعلقة بالمخدرات الصلبة وطرق عمل الشبكات، بما فيها تبييض الأموال، وأكدا التزامهما بتنسيق وتكثيف جهودهما لمواجهة كل التحديات التي يطرحها الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء وانعكاساتها على مجموع دول المغرب العربي وحوض البحر الأبيض المتوسط. وفي هذا الصدد أكد الوزير الإسباني ألفريدو بيريز روبالكابا أن المغرب حليف استراتيجي يتحلى بالمصداقية وبروح المسؤولية، مُنوِّهاً في الوقت ذاته بالمجهودات الجبارة التي بذلها المغرب في ميدان محاربة شبكات الهجرة السرية والاتجار في البشر، الشيء الذي مكّن من تقليص تدفُّق المهاجرين غير الشرعيين. وفي موضوع مكافحة تهريب المخدرات، نوّه الجانبان بالنتائج الإيجابية التي حققها المغرب والتي مكّنت من تقليص المساحات المزروعة بالقنب الهندي وحجز كميات كبيرة موجَّهة للتهريب وتفكيك عدة شبكات تنشُط في هذا المجال. وذكّر الوزيران بمتانة العلاقات الأخوية التي تجمع بين الملك محمد السادس والملك خوان كارلوس وكذا بعمق الروابط بين حكومتَيْ البلدين وبين الشعبين المغربي والإسباني، اللذين يتقاسمان التشبث بقيم الحرية والديمقراطية والتسامح.