أثارت سلسلة المشاريع التي أشرف العاهل المغربي محمد السادس على تدشينها في الفترة الأخيرة مباشرة بعد عودته من عطلته السنوية جدلا وسط الأوساط المهتمة، بخصوص دور الحكومة في هذه المشاريع ومصدر الأموال التي شيدت بها. بالنسبة إلى إدريس بنعلي، الخبير الاقتصادي والرئيس الأسبق لجمعية بدائل، فإن مصدر تمويل قسط كبير من تلك المشاريع وميزانية الأنشطة الملكية الموازية لها، هو صندوق الإيداع والتدبير، أما المشاريع ذات الطابع الجهوي فإن تكلفتها المالية تتكفل بها الجماعات المحلية الحاضنة لتلك المشاريع. وأوضح بنعلي، في تصريح ل»المساء»، أن جميع المشاريع الكبرى، مثل أبي رقراق ومشروع طنجة المتوسطي والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، يعد هذا الصندوق -الذي يترأسه مصطفى الباكوري عضو الحركة من أجل كل الديمقراطيين التي أطلقها صديق الملك فؤاد عالي الهمة- أكبر المساهمين فيها. وكشف بنعلي أن تمويل هذه المشاريع يتم خارج مراقبة الحكومة، كما أن قرارات إخراج وتحضير تلك المشاريع إلى حيز الوجود يتم اتخاذها بعيدا عن أعين الحكومة التي ينحصر دورها في تنفيذ وتفعيل ما تم تسطيره بعيدا عنها. ويبقى صندوق الإيداع والتدبير، حسب بنعلي، بمثابة الدرع المالي للمؤسسة الملكية التي تستند عليه في تنفيذ المشاريع التي عجزت الحكومة عن إخراجها إلى حيز الوجود. وأضاف الخبير الاقتصادي أن الحكومة يبقى دورها هو تنفيذ الإرادة الملكية، على اعتبار أن جميع الخيارات الكبرى تبقى مركزة بين يديه. من جانبه، أوضح نجيب بوليف، خبير اقتصادي دولي ونائب رئيس لجنة المالية بمجلس النواب، أن جميع المشاريع التي يشرف على تدشينها الملك تعد عموما مبرمجة في الميزانية العامة التي تعدها الحكومة سنويا، لكن تبقى بعض المشاريع التي تتطلب غلافا ماليا ضخما معلقة إلى حين توقيع اتفاقيات آنية إما مع البنك الدولي أو مع أحد البنوك العربية. وبخصوص حجم المبالغ المالية التي رصدت لتمويل هذه المشاريع، كشف بوليف، في تصريح ل«المساء»، أن هذه المبالغ لا تتجاوز في عمومها 30 مليار درهم، مشيرا إلى أنها تبقى ضئيلة جدا مقارنة مع الاتفاقيات التي تبرم في دول أخرى، مثل الاتفاقية التي أبرمت بالجزائر والتي ناهز فيها مبلغ الاستثمار 50 مليار دولار. وحول الدور الذي تضطلع به الحكومة في هذه المشاريع، اعتبر بوليف أنها لا تمارس اختصاصاتها كما أنها غير قادرة على ممارسة ذلك، مشيرا إلى أنها تنازلت عن تلك الاختصاصات نظرا لضعف شخصية الوزير الأول. وبخصوص الدور الذي يقوم به صندوق الإيداع والتدبير في إخراج تلك المشاريع، أوضح بوليف أن هذا الأخير يعد بمثابة درع مالي للدولة، وأن جميع المشاريع التي تعرف خصاصا على مستوى التمويل يتدخل هذا الصندوق لسد الفراغ الحاصل. وكشف بوليف أن صندوق الحسن الثاني يتوفر حاليا على مبلغ 25 مليار درهم جامدة في البنوك ولا يتم استثمارها في أي شيء، علما بأن عددا من مناطق المغربية تعاني من وضعية هشاشة مقلقة. وحسب بوليف، فإن صندوق الإيداع والتدبير هو بمثابة صندوق احتياطي تعده الدولة للأيام السوداء. يذكر أن الملك ترأس مؤخرا بمدينة بركان مراسيم التوقيع على اتفاقية شراكة تتعلق بإنجاز برنامج التأهيل الحضري للمدينة خلال الفترة ما بين 2008 و2011، بغلاف مالي يبلغ 271 مليون درهم، ويساهم في تمويل المشاريع التي يتضمنها البرنامج، كل من وزارة الداخلية بمبلغ 121 مليون درهم، ووزارة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية ب70 مليون درهم، ووكالة تنمية وإنعاش عمالات وأقاليم الجهة الشرقية ب40 مليون درهم، ومجلس الجهة الشرقية ب16 مليون درهم، والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب ب10 ملايين درهم، والجماعة الحضرية لبركان ب8 ملايين درهم، والجماعة الحضرية لسيدي سليمان شراعة بمليوني درهم.