استنفر حريق شب حوالي الساعة الواحدة ظهرا من أول أمس الثلاثاء في غابة «امتوكة»، نواحي مراكش، مروحيات تابعة للدرك الملكي، قادمة من العاصمة الرباط. وأتى الحريق الذي لم تعرف أسبابه إلى حدود كتابة هذه السطور، على مساحة تبلغ 25 هكتاراً من الغابة التي تعرف انتشار أشجار العرعار والأعشاب اليابسة التي تغطي الغابة بكثافة. وقد هرع حوالي 250 عنصرا، ينتمون إلى مختلف المصالح الإقليمة والجهوية والمحلية، مكونة من الدرك الملكي والقوات المساعدة، وممثلين عن مندوبية المياه والغابات وممثلين عن الوقاية المدنية إلى مكان الحريق الذي خلف خسائر كبيرة في المساحات الخضراء في الغابة، حيث شرعوا في عمليات إخماد الحريق الذي وصفته مصادر عليمة في اتصال مع «المساء» ب«الكبير»، لكن سرعة الرياح القوية التي تزامنت مع اندلاع الحريق وارتفاع درجة الحرارة حال دون السيطرة على المجال الذي شبت فيه النيران، مما اضطر المصالح المعنية إلى توجيه برقيات استغاثة إلى سرية الدرك الملكي، من أجل توفير مروحيات خاصة لهذه المهمة الصعبة. وفي حدود الساعة السابعة من مساء أول أمس الثلاثاء، وصلت المروحيات القادمة من العاصمة الرباط معززة بتقنيات خاصة بإخماد الحرائق وبطاقم متخصص في هذه العمليات، إذ عملوا على تطويق الأماكن التي بدأت تتسع فيها النيران وحاولوا التخفيض من حجم النيران المتصاعدة، لكن إسدال الليل خيوطه وحجب الظلام الرؤية عن فرق الإنقاذ جعل الفيلق الخاص يوقف عملياته، بسبب عدم وضوح الرؤية ويعود من حيث أتى. وحسب معلومات استقتها «المساء» من مصادر ضمن فريق الإغاثة التي هرعت إلى مكان الحريق فور علمها بالحادث، فإن الشرارات ما زالت مشتعلة داخل الغابة، في الوقت الذي عمد سكان العديد من المناطق المجاورة للغابة إلى التدخل بشكل تطوعي لإخماد الحريق الذي يمكن أن تطال ألسنته مساكن العديد من القرويين القريبين من المنطقة. وما زالت عمليات الإطفاء جارية إلى حدود أمس الأربعاء من قبل المصالح المحلية والجهوية والإقليمية، ولم يعد الوضع يستدعي تدخل المروحيات القادمة من الرباط، نظرا إلى انخفاض مستوى خطورة الحريق. وما زالت أسباب الحريق مجهولة، بينما فتحت المصالح الأمنية تحقيقا بخصوص الحادث، لمعرفة ملابسات الكارثة البيئية. وأوضحت مصادر «المساء» أن الحريق استنفر الكاتب العام لعمالة شيشاوة شكيب بلقايد،الذي انتقل إلى مكان الحادث، رفقة بعض المسؤولين حيث عاينوا حجم الأضرار التي نجمت عن الحادث الأول من نوعه في هذه الغابة وأعطى توجيهاته لاحتواء الوضع ووضع حد لأي تطورات أخرى يمكن أن تنجم عن الحريق. وقد سبق لحريق شبيه بحريق «امتوكة» أن اندلع قبل حوالي شهرين في غابة «سيدي بوعثمان» في جماعة «أسيف المال»، إقليم شيشاوة. وقد شب الحريق في مساحة قدرها 3186 هكتارا، والتي تشكل 14 في المائة من المساحة الإجمالية للجماعة. وقد أتى الحريق على حوالي هكتارين من العشب اليابس، الذي ساهم بشكل كبير في تأجيج النيران وخلق مساحة لانتشارها وسط الغابة، التي أُحدثت في فاتح يناير سنة 1923 من قِبَل الحماية الفرنسية، وتلعب هذه الغابة دورا مهما في التوازن الإيكولوجي، بثروتها النباتية والحيوانية، وتعتبر فضاء خصبا لانتشار أنواع مختلفة من الوحيش، كالأرانب البرية، الخنازير، الحجل والثعالب... ولم يُخلِّف الحريق الكبير خسائر مادية كبيرة، في الوقت الذي رجّحت مصادر من الوقاية المدنية أن يكون الحريق نتيجة التفاعلات الكيميائية بين مكونات أنواع من الأشجار، التي غالبا ما تتأثر بفعل ارتفاع درجة الحرارة.