في 29 أبريل 2009، أعطى الملك محمد السادس الانطلاقة لتطبيق خطة ميثاق العلماء من أجل تحقيق هدفين أساسيين،أولا تأهيل أئمة المساجد وثانيا توعية عامة المواطنين وتوجيههم، وفي 27 يونيو2009 أطلقت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية برنامج تأهيل أئمة المساجد لتحقيق الهدف الأول من خطة ميثاق العلماء، في حين يبقى الهدف الثاني من الخطة الذي ينص على توعية عامة المواطنين وتوجيههم موقوف التنفيذ، إذ لم نسجل أي حركية باسم خطة ميثاق العلماء تستهدف عامة الناس بالتوعية والتوجيه. واليوم بعد سنة من إطلاق خطة ميثاق العلماء، جميع الفاعلين والمتتبعين للشأن الديني يتساءلون، ما هي المكتسبات التي حققها الميثاق؟ وما هي الإكراهات التي اعترضت تنزيله على أرض الواقع؟ مكتسبات الميثاق أما بخصوص المكتسبات فقد تم تأطيرأزيد من 42.000 إمام بواسطة 1420 مؤطرا، مع تحقيق تواصل ودينامية قويين بين الأئمة والعلماء، وتمكين الأئمة من إدراك شرف وظيفتهم الشرعية والتاريخية، هذا وقد نجحت الخطة بشكل ما في جعل الأئمة يتعرفون على ثوابت المملكة الأربعة جملة لا تفصيلا، كل هذا من خلال المحاور التي يهدف إليها البرنامج التأهيلي للأئمة وهي :العقيدة والمذهب ثم واجبات الإمام وثالثا تعليم القرآن الكريم ورابعا الإرشاد في العبادات والوعظ وخامسا تأهيل الدور الاجتماعي للمساجد. وتعتبر السنة الأولى من خطة الميثاق البداية التي وحدت صف الأئمة والعلماء، وجمعت كلمتهم تحت ميثاق الإمامة العظمى، البداية التي كشفت عن استعجال الفاعلين في تنزيل الخطة قبل الإعداد الكامل والنهائي لها، فعرت بذلك عجز أغلب الأئمة عن فهم مضامين الخطة، بسبب ضعف وسائل التواصل وغياب الضبط البيداغوجي للبرامج المسطرة من طرف المسؤولين. هذا الضعف خلق مجموعة من الإكراهات يمكن حصرها بلسان بعض الأئمة والمؤطرين في النقط الآتية، عدم فهم واستيعاب تفاصيل المحاور المسطرة في البرنامج التأهيلي. ضعف الأئمة في العلوم الشرعية يجعلهم عاجزين عن التواصل مع المؤطرين، هذا الضعف العلمي لدى الأئمة يعوق استفادتهم من دروس الخطة، خاصة وأنها تدرس بطريقة مركزة وغير مفصلة، في حين يحتاج هؤلاء إلى التبسيط والتفصيل والشرح التام والكامل للمصطلحات العقدية والفقهية، ثم بعد ذلك الدخول في عمق الدروس. ولهذا أبان هذا البرنامج عن الضعف العلمي للأئمة. ما العمل لإنجاح خطة ميثاق العلماء؟ لابد من استراتيجية ثلاثية الأبعاد: البعد الأول له طابع تحفيزي :من خلال العمل على ترتيب الأئمة وفق سلم إداري يخضع فيه الإمام لمعيار الكفاءة العلمية : فالإمام الذي يحصل على تزكية بميزة ممتاز مثلا يتقاضى بقرار وزاري مبلغ 4000 درهم في الشهر، والذي يحصل على ميزة حسن يتقاضى 3000 درهم، و2000 لمن يحصل على ميزة مستحسن، و1000 للحاصل على ميزة متوسط، وفي ذلك دعوة للمثابرة والاجتهاد من طرف الأئمة قصد تحسين وضعهم الاجتماعي ومستواهم العلمي والمهني. البعد الثاني بعد علمي بيداغوجي: يطلع به ثلة من العلماء عبر تحديد جدول زمني للمواد المدرسة حسب الأولوية البيداغوجية ليتحقق الفهم والإدراك لدى الأئمة. ويقدمون مجموعات قصصية حول أبي الحسن الأشعري والأمام مالك وأشهر أعلام العقيدة والمذهب بالمملكة. البعد الثالث بعد ذو طابع تحليلي تقييمي: يطلع به مجموعة من الباحثين في علم الاجتماع. يوكل إليهم إنجاز دراسات تحليلية بواسطة التشخيص لجميع الفاعلين والمشرفين والمستفيدين من خطة الميثاق من أجل الوقوف على المشاكل والأخطاء التي تبرز من خلال الممارسة، والعمل على تحويل هذه المشاكل إلى مقترحات ترفع إلى السادة العلماء للعمل بها أثناء صياغة أي محور من محاور البرنامج التأهيلي للخطة. إن المجهودات الكبيرة التي تقوم بها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، من أجل إنجاح خطة ميثاق العلماء، سجلت نجاحا ملحوظا على مستوى تأهيل الأئمة والمساجد، وخلقت ارتياحا وسط هؤلاء الأئمة، وأصداء طيبة لدى الرأي العام الوطني والدولي. لكن لازالت الخطة في حاجة إلى علماء لتحقيق الهدف الثاني منها، الرامي إلى توعية المواطنين وإشراكهم في صلب المجتمع الحداثي الديمقراطي.