جمعت المعلومة بنت الميداح، شادية موريتانيا الأولى، بين الفن والنضال السياسي.. تعكس أغانيها تاريخ الفلكور الموريتاني والملامح الإفريقية.. يعتبرها النقاد فنانة بالفطرة وسياسية بالممارسة فقد نجحت في التربع على عرش الفن الموريتاني بعد سنوات من كفاحها الفني والسياسي توج بدخولها البرلمان كعضو في مجلس الشيوخ بعدما كانت معارضة لنظام ولد الطايع... - بعد ظهورك في برنامج «خليك بالبيت» اتصلت بك فيروز واعترفت بموهبتك وأخبرتك بأنك تمتلكين شيئا نادرا لا يملكه الآخرون وهو الصدق. ماذا كان رد فعلك بعد سماع هذه الشهادة؟ < بقيت يوما وليلة لا أقوى على الكلام وانتابتني الحيرة وضاعت مني الكلمات بعدما انتهت المكالمة الهاتفية مع السيدة فيروز. كنت دائما أحلم بلقائها وحاولت بشتى الطرق الوصول إليها دون جدوى.. بعد تلبيتي للدعوة التي وجهها إلي الصحفي اللبناني زاهي وهبي للحضور في برنامجه «خليك بالبيت» إلى جانب الفنانة نجاح سلام وقال لي زاهي إنني أجمل من غنى لفيروز.. مباشرة بعد نهاية الحلقة وعودتي إلى الفندق، تلقيت اتصالا من مكتب الاستقبال بالفندق مفاده أن فيروز توجد على الخط الآخر من الهاتف وتريد التحدث معي.. مرت المكالمة التي حضر تفاصيلها مجموعة من الصحفيين العرب من بينهم الإعلامية اللبنانية هناء الحاج بسرعة: بالنسبة إلي كانت المكالمة مفاجأة سارة وكنت في غاية السعادة وأنا أتحدث مع رمز من رموز الأغنية العربية.. لقد أخبروني فيما بعد بأن فيروز نادرا ما تتواصل مع فنان ظهر على التلفزيون.. من الصعب جدا أن أصف تلك التجربة ومازلت أتذكر رنين كلماتها.. - بماذا أخبرتك فيروز؟ < أخبرتني بأنني كنت رائعة في البرنامج وشجعتني على الاستمرار ولم تخف إعجابها واحترامها لفني. - وقعت عقدا مع شركة فرنسية توزع في الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوربا، كيف تم الأمر؟ < قبل هذا العرض الغربي، أريد أن أشير إلى أنه سبق وأن اتصلت بي شركة «روتانا» بشأن توقيع عقد معها. سافرت رفقة مدير أعمالي إلى بيروت للاطلاع على تفاصيل وبنود العقد. بعد أن تم استقبالي بالشركة، توجه بي أحد المسؤولين لمقابلة الفنان إلياس الرحباني الذي كان مستشارا فنيا لروتانا. كنت قد قررت في البداية أن أقدم الموسيقى الموريتانية التي أتقنها مادامت هي الوحيدة التي تعكس ثقافتي وبيئتي الموسيقية.. أخبرني إلياس الرحباني بأن نجاحي رهين بالغناء بأحد الأنماط الموسيقية العربية الموجودة الآن في الساحة الغنائية. كان الرحباني صريحا معي عندما أخبرني بأن الموسيقيين اللبنانيين غير قادرين على حفظ وعزف الإيقاعات الموريتانية المحلية، ونصحني عندها بأنه من الأنسب لي أن أتعامل مع الموسيقيين الغربيين عوض العرب.. وبما أن القانون اللبناني يمنع على أي شركة إنتاج في لبنان التعامل مع الموسيقيين غير اللبنانيين ألغي مشروع التعاقد.. استنتجت أن المنتجين العرب لا يريدون التعرف على شيء جديد ولا يعرفونه، فالمظاهر الخارجية هي التي تهمهم، لذا لا يبذلون جهدا في محاولة اكتشاف الآخر. - كيف تنظرين إلى ثمرة زواج الفن بالسياسة لدى المعلومة بنت الميداح؟ < بعيد انتخابي كشيخة في مجلس الشيوخ الموريتاني، طلبت من عشاق فني أن يغفروا غيابي عنهم لسنة أو سنتين حتى أتمكن من تعلم أبجديات، العمل البرلماني، وهذا نابع من إيماني بأن العمل بالمجلس ليس فقط منصبا سياسيا بل هو في نفس الوقت رسالة نبيلة تحتاج إلى التخطيط والتفكير لمباشرتها بشكل واقعي. صعوبة الأمر في البداية كانت ربما السبب في تعثري لأنني اكتشفت أنه من الصعب إلغاء ارتباطاتي الفنية في عدد من المدن العالمية حتى أتفرغ لدورات المجلس. قررت في النهاية أن أستفيد من برنامجي اليومي بشكل يتيح لي تنظيم عروضي الفنية خارج مواعيد الجلسات والاجتماعات بمجلس الشيوخ، لكنني في نفس الوقت أرفض الحفلات التي تتزامن مع التزاماتي السياسية.