باتت الفلاحة بجهة الغرب الشراردة بني احسن مهددة أكثر من أي وقت مضى بشتى أنواع الديدان والحشرات، التي أضحت تستهدف بعض المزروعات والمنتوجات الفلاحية، وتقضي عليها في ظرف وجيز، تاركة الفلاح في حيرة من أمره، عاجزا عن صد هذا العدوان المفاجئ، والذي قد يتكرر أكثر من مرة خلال السنة الواحدة، لكن بوسائل جديدة، لم يعهدها الفلاحون من قبل، مادام أنهم يجهلون عنها كل شيء. خلال الأيام الماضية، وقفت «المساء» شاهدة على خطر من نوع آخر أحكم قبضته على أشجار «الكاليبتوس»، وداهم المئات من الهكتارات المغروسة بها بالعديد من مناطق الجهة، ومن المحتمل جدا أن يتعاظم هول هذه الكارثة، في القادم من الأسابيع، بفعل الانتشار السريع لحشرة تعرف باسم «البسيل» التي فتكت بأوراق هذه الأشجار، وحولت لونها من الأخضر إلى الأصفر، قبل أن تعمد إلى إسقاطها الواحدة تلو الأخرى. العديد من التصريحات التي استقتها الجريدة من عين المكان، على هامش اليوم التحسيسي الميداني الذي نظمته مؤسسة نالسيا للتنمية والبيئة حول هذه الآفة بجماعة للاميمونة إقليمالقنيطرة، دقت ناقوس الخطر، وأعربت عن خوفها الشديد من أن يتطور الوضع إلى ما هو أخطر، خاصة، أن بداية الإرهاصات الأولى لكارثة أكبر بدت تلوح في الأفق، بعدما تأثر قطاع إنتاج العسل بشكل كبير، بفعل إبادة حشرة «بسيل» للأزهار، وهجومها على الأشجار التي تورقها، وإمكانية التأثير السلبي على قطاع إنتاج مادة الخشب، وعلى التنوع الإيكولوجي وسلامة المحيط البيئي. ولم تستبعد العديد من المصادر، أن يكون وراء موجة الحشرات والديدان التي أصبحت تفترس مزروعات ومنتوجات بعينها، عملا مقصودا ومدبرا، فيما اعتبرها البعض الآخر حربا بيولوجية غير معلنة على القطاعين الغابوي والفلاحي بالمغرب. وكشف الخبير الفلاحي، عبد الكريم النعمان، رئيس المؤسسة المذكورة، في تصريح ل«المساء»، أن «بسيل» تكتسي خطورة بالغة على الثروة النحلية بالبلاد، وبعض المواد الصيدلية، ومن المرجح جدا، حسبه، أن تنتقل، في حال عدم التصدي لمحاصرتها، إلى زراعات أخرى كالزيتون والخضراوات والأشجار المثمرة. وأشار النعمان إلى أن هذه الحشرة المتساوية الأجنحة، قد تحمل أمراضا فيروسية فتاكة، مؤكدا أن استعمال المبيدات الحشرية قد لا يجدي نفعا في القضاء عليها، نظرا لسماكة الغشاء القطني، المتكون من مادة شمعية، الذي يساهم في حماية البويضات واليرقات داخل هذا الغشاء، داعيا في الوقت نفسه، إلى اعتماد الوسائل البيولوجية من خلال التعرف على الحشرات النافعة المنتشرة في الغابة، واستيراد حشرات أخرى للقضاء على حشرة «بسيل»، فقط لا غير، على غرار التجربة الفرنسية لسنة 1977، حيث جيء بحشرة مفترسة من أستراليا، وحققت نجاحا في القضاء على هذه الآفة. من جهته، كشف حسن الشيكر، ممثل المديرية الجهوية للمياه والغابات بالجهة الشمالية، أن لجنة مشتركة أنشئت لهذا الغرض، قامت بالتحريات الأولية، وتقفت آثار هذه الحشرة، واكتشفت أنها منتشرة بشكل كبير على صعيد الجهة. وقال الشيكر إن «بسيل» عادت إلى الظهور بقوة خلال ارتفاع درجات الحرارة، بعد اختفائها لمدة في الأيام الممطرة، وهو ما دفعنا إلى مراسلة المندوبية السامية للمياه والغابات لاستدعاء جميع المختصين، بالمقابل، أبرز سعيد بصري، عن المكتب الوطني للسلامة الصحية والغذائية، أن هذه الآفة تمت معاينة ظهورها ربيع السنة الماضية، وهمت منطقة الغرب إلى حدود مدينة القصر الكبير وسيدي بطاش، مشيرا إلى عدم وجود أية معطيات مضبوطة حولها، باستثناء أن الأشجار التي تفقد أوراقها بفعل الحشرة، تعيد إخراجها في وقت لاحق.