هو مسرحي متمرِّس ومن الأوفياء للمسرح، ممثلا، مُخرِجا وسيناريست.. لم يلمَع اسمُه جزافاً في سماء «أب الفنون» في المغرب.. فقد بدأ مشواره الفني في أواخر خمسينيات القرن الماضي، مع فرقة «العهد الجديد»، منذ سن السابعة، لينتقل بعد ذلك إلى «مسرح البدوي»، الذي أسسه واحد من رواد هذا الفن في المغرب، عبد القادر البدوي، أحدِ أهرامات المسرح في بلدنا الذين تنكر لهم الجميع، بمَن فيهم مَن تتلمذوا على يديه وتعلموا منه الكثير عن فن جميل وراقٍ، ما كان أن يُكتَب له «شرفُ» التألّق أو حتى الاستمرارية، لولا تضحيات أمثال هؤلاء الرواد من قبيل «البدوي»... درَس عبد الرزاق البدوي المسرحَ في فرنسا، ليعود محمَّلاً بأفكار ورؤى فنية تنضح جَمالاً وإبداعاً، ليوظِّفها في إخراجه المسرحي للعديد من الأعمال التي ساهمتْ، إلى حد كبير في تحسين ذائقة المغاربة وتجبيب فن الركح إليهم وتقريبه منهم، في أيام الفن الجميل... في ليلةٍ كان من محاسنها أنها «صادفت» احتفالَه بعيد ميلاده ال63، وببداية عروض مسرحيته الجديدة «40 عام عِشرة»، «كرَّمتْ» إذاعة طنجة سيراً على عادتها في الاهتمام برواد الثقافة والفن المغربيَّيْن، المسرحي المتميز عبد الرزاق البدوي، في نهاية الأسبوع ماقبل الماضي، ضمن برنامج المتميِّزين «أنيس الليل، أنيس المبدعين»، الذي ينشِّطه عبد الحميد النقراشي... كان أول من تدخل في الحلقة عبد القادر البدوي، الشقيق الأكبر لعبد الرزاق، والذي قاد تجربة «مسرح البدوي» الرائدة التي ساهمت في تربية الذائقة الفنية لأجيال من المغاربة وساهمت في تقريب المسرح إليهم وتحبيبه إليهم... وتحدث «الشقيق الأكبر» أيضا أن إبداعات عبد الرزاق «الطفل –المعجزة» الذي شد إليه أنظار المتتبعين لمسرحيات محترَف البدوي، ومنهم محمد عصفور، الذي أصر على إشراكه في أحد أفلامه (اليتيم)، بعدما أعجب بموهبته التي ظهرت ملامحُها منذ سن مبكر من عمر عبد الرزاق... كما ذكر عبد القادر أن عبد الرزاق البدوي «لم تكن تعجبه حتى الجزئيات الصغيرة في أي من أعماله ما لم يسهر عليها بنفسه»... وأشار في هذا الصدد إلى مسرحية عبد الرزاق البدوي الأخيرة «40 عام عِشْرة» التي شاركتْه تقمُّصَ دوريها الرئيسيين رفيقة دربه عائشة ساجد، التي كون معها ثنائيا استثنائيا في الحياة المهنية والشخصية معاً»... وتدخل حسن النفالي، رئيس «الائتلاف المغربي للثقافة والفنون»، بالنيابة، والذي حرص على «الإشادة بعظمة «فرقة البدوي»، التي أعطت الكثير للمسرح المغربي منذ 54 سنة، بعد أن أمضت 8 سنوات فقط على درب الهواية»... واسترجع النفالي بعض الأعمال العالمية التي استنبطتها «فرقة البدوي» وأعطتها بعدا محليا يتناول قضايا من صميم المعيش اليومي لعموم المغاربة... لينتقل إلى الحديث عن عبد الرزاق «النقابي»، الذي قال النفالي إنه يتميز بالالتزام الدقيق بالمواعيد وبالدفاع المستميت على حقوق زملاء المهنة وعمق إحساسه بواقع بعضهم المرير، إلى الحد الذي لا يستطيع معه منعَ دموعه، أمام بعض «حالات» هؤلاء الفنانين... الصحافي عزيز المجدوب قال إنه، وهو يهنئ عبد الرزاق البدوي بعيد ميلاده ال63،اكتشف فيه «شابا في الستين»... كما ذكر أن عبد الرزاق البدوي إنسان شعبي متشبع بثقافة درب السلطان، وفي نفس الوقت هو إنسان حداثي عرف ويعرف كيف ينفتح على مختلف التجارب الفنية»... وكانت مسكَ الختام شهادةُ شريكة الحياة ورفيقة درب الإبداع، التي ذكرت أنها عاشت، كزوجة، «38 سنة مع فنان يحب الاشتغال في صمت ولا يريد أو لا يجيد الحديث عن نفسه وينتظر ممن يعاينون إبداعاته فوق الركح التكفُّلَ بهذه المهمة»، وإن كان هؤلاء، من قبيل الأشخاص «الذين يشرعون الأبواب أمام مجموعة من «الكْليان» تجمعهم بهم مصالح مشترَكة وتحكمهم قواعد الزبونية والمحسوبية، ما يسمح بلهم بأن يفرضوا على المتلقي إنتاجاتهم الرديئة، رغم موجة الانتقادات التي ما فتئت بعض المنابر الصحافية، حسب عبد الرزاق البدوي، توجهها إلى هذه العينة من «الإنتاجات»، بينما يُهمَّش المبدعون الحقيقيون...