دشنت الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة قبل بضعة ايام قناة تلفزيونية جديدة، تضاف إلى مجموع قنواتها الرقمية الأرضية، أطلق عليها اسم «أفلام تي في» أو «السابعة» (بحكم أنها السابعة في الترتيب، وتلميحا إلى علاقتها بالفن السابع)؛ وهي قناة «مختصة ببث الأفلام السينمائية والتلفزيونية والمسلسلات والسلاسل والمسرحيات، المغربية منها والعربية والأجنبية»! وبصرف النظر عن المؤاخذات التي سجلتها بعض الأوساط على القناة الجديدة بمجرد إطلاقها، من قبيل «احتلالها لترتيب القناة الأمازيغية المنتظرة» (وهو قول غير دقيق، بحكم حصول القناتين معا على ترخيص البث في وقت واحد من الهيئة العليا للتواصل السمعي-البصري) أو أن ما تعرضه سبق بثه من قبل وبالتالي فهي مجرد «قناة إعادات»، أو أنها ليست قناة تلفزيونية بما تحمله الكلمة من معنى بسبب كونها لا تتوفر على طاقم تدبيري ولا على ميزانية خاصين بها... بصرف النظر عن كل ذلك يمكن القول إن القناة التلفزيونية الجديدة تمثل إضافة فعلية، ومنتظرة منذ زمن، للمشهد السمعي – البصري المغربي، من شأنها أن تساهم في إغناء العرض الذي يقدمه «القطب العمومي» للمشاهد المغربي، وهذا دون الحديث عن المستوى التقني الجيد الذي ظهرت به القناة صورة وصوتا (هي أول قناة تلفزيونية مغربية تبث اعتمادا على تقنية القناة الصوتية المزدوجة، أو «الستيريو»). إلا أن هذا الواقع لا يمنعنا من تسجيل مآخذ عديدة حول «الملابسات» التي سبقت إطلاق القناة وواكبتها إلى حد الآن، والتي من شأنها أن تحولها إلى مشروع باهت عديم الأثر، إن لم تحكم عليها، مسبقا، بالإخفاق. لنسجّل، مثلا، كيف أن الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة لم تحسن الإعلان عن مولودها الجديد، واكتفت باللجوء إلى وسائل تقليدية ثبت أنها غير ناجعة في التواصل مع المتلقي؛ حيث لم يعد يكفي إخبار الناس (اعتمادا على وصلة تلفزيونية وإعلان في الصحف وتحقيق ضمن نشرة الأخبار) بأن القناة الجديدة قد شرعت في البث كي ندفعهم للبحث عنها ومتابعتها، وإنما صار يتعين إخبارهم بما هو أكثر من ذلك: أي تزويدهم بمعلومات تفصيلية يومية عنها، حول أهم الأفلام والبرامج المبثوثة، وساعات بثها، مثلا، ويستحسن أن يكون ذلك بطريقة مشوّقة وجذابة؛ ولا حاجة بنا للقول إن هذا الأمر يتطلب بذل مجهود إضافي يتمثل في إعداد وصلات إشهارية شبه يومية، إنطلاقا من الوصلات الدعائية الخاصة بالأفلام المعروضة نفسها، وبثها على قنوات القطب العمومي (الأولى، طبعا، والثانية، إضافة إلى «المغربية» والرياضية والرابعة) بشكل منتظم. ولأن المشاهد المغربي اليوم صار يملك حرية اختيار واسعة في المتابعة، بحكم ارتفاع عدد المعروض عليه من الفضائيات العربية والأجنبية، فإن من الضروري أيضا تزويده بعناوين الأفلام المعروضة ومواعيد بثها لكي يختار من بينها ما يرغب في مشاهدته. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه لم يعد يكفي نشر برامج المحطة أو القناة في بعض اليوميات أو الأسبوعيات المغربية وإنما صار من الضروري توفير منشور (أسبوعي أو شهري) خاص بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة يتم التواصل عبره مع المشاهدين؛ وكذا العمل على توفير خدمة التلفزة النصية (أو «التليتكست») لمجموع قنوات القطب العمومي، حتى نتيح للمواطن إمكانية اختيار ما يرغب في مشاهدته في الوقت الذي يناسبه. علما أن هذه «الشكليات» (التي قد تبدو بسيطة في الظاهر) هي مجرد مدخل لتأسيس علاقة جديدة مع المشاهد قوامها الإنصات لحاجياته ورغباته والذهاب باتجاه السمو بذوقه الفني؛ الشيء الذي يعني، في نهاية المطاف، ضرورة التوفر على استراتيجية محددة للقناة الجديدة وعلى مخطط عمل لها مضبوط، بما يكفي لأن يجعلها ذات فعالية وليست مجرد إضافة عددية لما يتوفر من قنوات إلى حد الآن.