تخليد الذكرى التاسعة والستين لعيد الاستقلال    حقوقيون يستنكرون استمرار تعليق رواتب 18 أستاذا رغم الأحكام القضائية    انتخابات جزئية بجماعات في الحسيمة والدريوش لملء مناصب شاغرة        إسرائيل تعلن اغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله ببيروت    روسيا تشن هجوما جويا "واسع النطاق" على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا    بير أوباميانغ يؤكد : الحقيقة لقد واجهنا منتخبا مستواه بعيد كثيرا عن باقي المنتخبات الافريقية    احباط تهريب 188 ألف قرص مهلوس بميناء طنجة المتوسط    موعد مباراة المغرب ضد ليسوتو بالتصفيات الأفريقية والقنوات الناقلة    المنتخب المغربي يواجه ليسوتو في الجولة الأخيرة من تصفيات "كان" 2025    عبد الحميد أبرشان يرشح نفسه لرئاسة مقاطعة طنجة المدينة    المغرب يطلق أول مصنع لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية باستثمار 1.3 مليار دولار    بعد الانتصار على الغابون.. المنتخب المغربي يضيف لرصيده 5 نقاط ويقترب من المركز 12 عالميا    مشروع قانون المالية 2025 : عدد مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة يبلغ 171 مرفقا برسم سنة 2024    إسبانيا تطلق برنامجًا جديدًا لعقود العمل الموسمية 2025    المغرب يرسل قافلة مساعدات ثانية إلى فالينسيا لإزالة مخلفات الفيضانات    الكونفدرالية الديمقراطية تدعو لمواجهة دمج "cnops" و "cnss"    ارتفاع حصيلة الحرب في قطاع غزة    أياكس الهولندي يستعيد شعاره الكلاسيكي بعد غياب 34 عاما    جوليا نشيوات.. من ضابطة استخبارات إلى مستشارة للأمن الداخلي في إدارة ترامب    التهراوي: هامش ربح الصيدلي والموزع محدد أساسي لأسعار الأدوية في المغرب    المغرب يتراجع في مؤشر حقوق الأطفال والنساء    "مفزع".. نصف المغاربة يعانون من إضطرابات نفسية    توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد    ولاية أمن فاس… توقيف شخص للاشتباه في تورطه لترويج المؤثرات العقلية وحجز كميات كبيرة من الأقراص المخدرة    الولايات المتحدة.. تعيين كريس رايت وزيرا للطاقة في إدارة ترامب الجديدة    لفتيت يدعو لمواجهة فوضى وتجاوزات وتدني خدمات سيارات الأجرة على خلفية وضع نهج جديد    "ذا تيليغراف": المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا لعام 2024    إطلاق قنبلتين ضوئيتين قرب منزل نتانياهو    صراعات عائلة السيوفي في الدراما الجديدة المُثيرة "نقطة سودة" يومياً عبر شاشة "5MBC"        عمور و السعدي يقصان شريط النسخة السابعة لمهرجان الزربية الواوزكيتية    ترامب يعين "كارولين ليفيت" متحدثة باسم البيت الأبيض في إدارته الجديدة    بيع هيكل ديناصور عملاق بستة ملايين يورو قرب باريس    مراهقون يعبثون بالأمن الطرقي بواسطة دراجات نارية مستأجرة في شوارع طنجة    لقاء بالداخلة يناقش مبادرة الحكم الذاتي    مقتل 65 فلسطينيا في قصف إسرائيلي    جمعية فنون تقدم أحدث إعمالها الفنية و التراثية أغنية " لالة منانة" من أداء المجموعة الموسيقية لأكاديمية ميزينوكس    أكبر الشركات العالمية تواصل إبداء اهتمامها بالطريق السيار الكهربائي الداخلة-الدار البيضاء    المنتخب المغربي يُحقق الفوز الخامس توالياً في تصفيات كأس إفريقيا 2025    صحيفة بريطانية تستعرض الوقائع التي تجعل من المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا    ندوة حول موضوع الفلسفة والحرب: مآزق العيش المشترك    حصة تدريبية خفيفة تزيل عياء "الأسود"    انعقاد الاجتماع الإقليمي للمدن المبدعة لليونيسكو بتطوان من 19 إلى 22 نونبر الجاري    تراجع طفيف في ثمن البنزين في محطات الوقود    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    تعهدات في مؤتمر وزاري في جدة بمقاومة مضادات الميكروبات بحلول عام 2030 (فيديو)    جائزة المغرب للشباب تحتفي بالتميز    المرتجي: التراث اللامادي بين المغرب وهولندا أفق جديد للتعاون الثقافي    حشرات في غيبوبة .. "فطر شرير" يسيطر على الذباب    دراسة تكشف العلاقة بين الحر وأمراض القلب    "باحة الاستراحة".. برنامج كوميدي يجمع بين الضحك والتوعية    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    وكالة الأدوية الأوروبية توافق على علاج ضد ألزهايمر بعد أشهر من منعه    ارتفاع كبير في الإصابات بالحصبة حول العالم في 2023    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة مفتوحة إلى السادة نواب وكيل الملك بالقصر الكبير
نشر في المساء يوم 09 - 06 - 2008


إخواني القضاة في الأسرة القضائية، بعد التحية والسلام، اسمحوا لي أن أراسلكم عبر هذه الرسالة المفتوحة، لأعبر لكم عن تضامني الصادق معكم في محنتكم ضد «جريدة المساء»، فأنا ربما أشعر ببعض مما تحسون من ندم وحسرة على الورطة التي تم توريطكم فيها، فبدل أن تتقاطر عليكم المراسلات التضامنية معكم، ها أنتم تجدون نفسكم أمام امتحان صعب ليس بالنسبة إليكم وحدكم، بل بالنسبة إلى كل المؤسسة التي تنتمون إليها، وبالنسبة إلى وطن بكامله، ولم تعد المسألة بمثابة ذلك التمرين القانوني البسيط، الذي يجد حله في النصوص القانونية كما كنتم تعتقدون، لأن المسألة أصبحت أعمق وأعقد من مجرد ممارسة حق دستوري وقانوني. لقد أردتم تلقين جريدة «المساء» درسا لن تنساه، وقد نجحتم إلى حد ما في مسعاكم، غير أن مطالبتكم بمبلغ ضخم أفقد طلبكم قيمته المعنوية، وأسبغ عليه قيمة تجارية لا تناسب شرف مقامكم. أعذروني إن كنت أتدخل في إرادتكم -إذا كانت تلك بالفعل إرادتكم الحقيقية أو على الأقل إذا كانت لا تزال كذلك- فأنتم لم تقصدوا حتما من خلال طلبكم الاغتناء على حساب جريدة تعتبرونها أساءت إلى سمعتكم، فلستم من قناصي قضايا التعويضات، وسلوككم لمسطرة تقديم الشكاية دليل على حرصكم على نقاء سمعتكم وصفاء ذمتكم، لأن القاضي الذي تحوم حوله الشبهات، لا يقحم ذاته في نقاش عمومي، لذلك أستسمحكم في السؤال إن كنتم لا تشعرون اليوم بأنه تم استغلال سمعتكم الجيدة لتصفية حساب قذر لا دخل لكم فيه، والزج بالقضاء من خلالكم في نفق مظلم، وحدكم من يملك القدرة على إخراجه منه بشرف كبير. صدقوني إن قلت لكم، لو أنكم اكتفيتم بالمطالبة بدرهم رمزي، لكان الأمر مختلفا تماما، وكنتم ستجدون من يدافع جهارا عن موقفكم، وربما كسبتم المعركة، أما وقد حكمت المحكمة الابتدائية بالرباط لصالحكم بمبلغ مخيف، فقد أصبح الأمر مبعثا للتخوف على قيمة أكبر، هي حرية التعبير. نعم أنا معكم في أن حرية التعبير لا تبيح ولا تبرر ممارسة التشهير، لكن الحكم الصادر لصالحكم لم ينصفكم على أية حال، لأن قيمتكم أكبر وأثمن من أن تُسام، وإذا حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم الصادر لصالحكم، أعتقد جازما أنكم ستحزنون وتتحسرون على ما سيدخل ذمتكم المالية من مبالغ ناتجة عن تفليس مقاولة صحفية تشغل أزيد من مائة مواطن، أما إذا رفعت محكمة الاستئناف مبلغ التعويض لصالحكم -وهو أمر أستبعده شخصيا- فستزجون بنفسكم وبالمؤسسة التي تنتمون إليها في متاهة لا نهاية لها، وسوف يقال إن آلة القضاء طحنت مؤسسة صحفية، ليس لكونها تحدثت عنكم بالذات، ولكن لكونها تحدثت بشكل مباشر عن غيركم ممن تعرفون. أما إذا حكمت محكمة الاستئناف بخفض التعويض المحكوم به لفائدتكم -وهو أمر وارد جدا- فصدقوني أنكم ستشعرون في قرارة أنفسكم، بأن كل درهم ينتقص من المبلغ المحكوم به ابتدائيا، انتقاص من كرامتكم شخصيا، وعدم تقدير لمعاناتكم وتخل عنكم. من المؤكد أن هناك من سيقول لكم إنه لا مجال للتراجع، فالمسألة مسألة حياة أو موت، وتنازلكم الآن هو تنازل عن حق أنتم مستأمنون عليه بالنسبة إلى وطن بكامله، فكيف تتخلون عنه عندما يتعلق بكم أنتم؟ هناك من يوسوس في صدوركم بأن المعركة لم تعد معركتكم، وبأن تنازلكم هو تنازل عن كرامة القضاة جميعا، قبل أن يكون تنازلا عن كرامتكم، وتشجيع للصحافة وللشارع من أجل الضغط على مؤسسة دستورية لها حرمتها وقداستها. وهناك من يقول لكم بنبرة تهديد مبطن: إننا لسنا أمام لعب أطفال، نقدم الشكايات، نطالب بحق، ونشعل حريقا تمتد ألسنة لهيبه إلى خارج الوطن، ثم نتراجع في عز المعركة، ويزيد البعض ليطمئنكم بأنكم أصبحتم من الأصدقاء المحظيين، وأنهم لا يتخلون عن الأصدقاء. فأي مجد ينتظركم إخواني في الأسرة القضائية، إذا كنتم ستنعتون من طرف شعب بكامله بنعوت أفدح مما تظلمتم منه؟ لقد عرف العالم كله أن أي واحد منكم لم يكن حاضرا ليلة الحفل المشؤوم المذموم بالقصر الكبير، وعرف العالم كله أنكم، مثل أغلبية سكان القصر الكبير ومعه أغلبية الشعب المغربي، تدينون أخلاقيا ذلك الحفل البذيء، وترفضون أن يقال ولو على سبيل التعميم إن واحدا منكم كان حاضرا فيه، لقد صرختم بكل ما أوتيتم من قوة أنكم أبرياء مما تدعيه «المساء»، وأن حضور حفل ماجن لا يشرفكم، بل يمس وضعكم الاعتباري، الذي تحرصون على نقاوته. إنه بالفعل لظلم كبير أن يقال إن أحدكم كان حاضرا في حفل شواذ، هكذا شعرتم، وأنا أحس بشعوركم، ولكن فكروا إخواني في الأسرة القضائية وتساءلوا مع أنفسكم، إن كنتم في سبيل القصاص لنفسكم من شبهة غير مباشرة وظلمها، لم ولن تظلموا أحدا بشكل مباشر؟ فجريدة «المساء» -وكل الصحف عموما- ليست ملكا لصاحبها، هي ملكنا جميعا، وأنا على يقين من أنكم غالبا ما كنتم تقرؤونها كل صباح، تحيون جرأتها أحيانا، وتنتقدونها أحيانا أخرى، دون أدنى تفكير منكم في الإجهاز عليها نهائيا، كما أنني على يقين تام بأنكم تواظبون على اقتنائها اليوم أكثر من أي وقت مضى، لتطالعوا ما يكتب عن قضيتها/قضيتكم من تصريحات، ورسائل التضامن معها، والوقفات الاحتجاجية الممنوعة عبر ربوع المملكة، وربما حتى حجم الإعلانات الإشهارية، فهل سيغمض لكم جفن وأنتم تعلمون أنكم قدتم مقاولة مشغلة إلى الإفلاس؟ لا أعتقد ذلك، لكن القرار سيكون في النهاية قراركم وحدكم، ولا أحد يستطيع أن يتدخل في حرية قراركم، فكونوا حريصين على أن يظل كذلك. إخواني في الأسرة القضائية، إن شكايتكم تنم عن حنكة قانونية لا جدال فيها، لكنها تنطوي على غياب حس سياسي كبير لديكم، فالحنكة القانونية تحسب لكم، أما غياب الحس السياسي فلا يعيبكم، لأنكم قضاة، وبما أنكم قضاة فليس مطلوبا منكم ولا مرغوبا فيكم أن تمارسوا السياسة، فأنتم لا تنتمون إلى حزب سياسي ولا تصفون حسابات سياسية أو حتى حسابات شخصية ضيقة، ولكن رجاء، لا تتركوا أحدا يمارس بكم وعليكم سياسته، وإذا كان لا بد لكم من ممارسة سياسية معينة، فلتكن سياستكم العليا وهدفكم الأسمى -الذي لا يشك فيه أحد- مصلحة هذا الوطن الذي يجمعنا جميعا، قبل مصلحة الأفراد. تصوروا معي سادتي القضاة لو أنكم كنتم خمسة نواب بالقصر الكبير، عشرة نواب، أو مائة نائب، بدل أربعة؟ أو لو أن جريدة «المساء»، بدل أن تقول إن أحد نواب وكيل الملك كان حاضرا في الحفل المشؤوم، قالت إن أحد المحامين هو الذي كان حاضرا فيه؟ فهل كنتم تتصورون أن محاميي مدينة القصر الكبير سيقدمون شكايتهم جميعا من أجل تأكيد أن أي واحد منهم لم يكن حاضرا؟ وهل كان القضاء سيحكم لكل هؤلاء بتعويض يساوي الملايير؟ ثم إنني أعتقد جازما أننا كمحامين لن نجازف بتقديم شكاية تخصنا في الموضوع، لأن إخوانكم المحامين أكثر احتراسا من أن ينجذبوا إلى معركة تورطهم مباشرة في صراع سياسي خفي الأهداف ومتشعب الأبعاد، حتى ولو كان محسوما قانونيا، وهذا جوهر نصيحتي المتواضعة إليكم. إخواني في الأسرة القضائية، إن تنازلكم عن شكايتكم لفائدة الوطن، بإرادتكم الحرة وشجاعتكم التي أبنتم عنها، أنبل وأسمى هدية تقدمونها لوطنكم، وهو أفضل من التمسك بصراع يفاقم معاناتكم الإنسانية، وبقميص عثمان في وجه حرية الصحافة والحق في التعبير، ولكم أن تستنيروا بموقف صاحب الجلالة محمد السادس نبراسا لكم في الترفع عن متابعة الصحافة عن كل ما ينشر عن جلالته، وفي عفوه السامي عن من حوكموا بالمس بشخصه المقدس. فتحية لكم مرة أخرى، وعذرا إن كنت تدخلت بمناشدتي هاته كمواطن غيور على سمعتكم، التي هي من سمعة الوطن، والتي لا تعوضها كل كنوز الدنيا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.