وقع العديد من المشاهير في حب المغرب من أول نظرة، وقرروا الإقامة الطوعية فيه، لتتحول زيارتهم من مجرد مقام عابر إلى انتماء دائم. بعض المشاهير قادتهم الصدف إلى المغرب فرددوا رب صدفة خير من ألف ميعاد، بعد أن نالوا شهادة الإقامة وأصبحوا رقما في الإحصاء العام للسكان والسكنى.. والبعض قاده الزواج من مغربية إلى نسج علاقة انتماء مع أرض لها جاذبية لا تقاوم، بينما كان اعتناق الديانة الإسلامية لدى البعض الآخر دافعا للاستقرار والاستئناس مع المحيط الجديد، كانت جمالية المكان وراء تهافت العديد من الأسماء على مدن بسحر لا يقاوم، فيما كان العامل المناخي دافعا لاقتناء سكن بعيدا عن مسقط الرأس. في مراكش والسعيدية وطنجة وتارودانت وأكادير وجل مدن المغرب، مئات المشاهير من عالم السياسة والفكر والرياضة والفن الذين استقر بهم المقام في مغرب يجذب النجوم من كل أركان العالم..
أضحت مدينة تارودانت، خلال السنوات الأخيرة، قبلة لأرقى الشخصيات العالمية ومشاهير من عالم السياسة والفن.. ويعد الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك أبرز من تركوا بصماتهم في المدينة، منذ أن كان عمدة لباريس، خلال عقد التسعينيات، كما كان وفيا لزياراته المعتادة للمدينة أثناء فترة توليه الرئاسة وحتى بعد نهاية فترة حكمه فرنسا. لم يغير شيراك محل إقامته المفضلة في فندق «الغزالة الذهبية»، الموجود في الضاحية الغربية للمدينة، إذ دأب على الحلول به كلما حل بتارودانت، لقضاء أوقات عطله رفقة عائلته الصغيرة. أضحى اسم شيراك لدى الرودانيين كاسم واحد من أبناء المدينة، بعد أن اعتادوا مجيئه إلى مدينتهم. ورغم ما يعتري قدومه أحيانا من إجراءات أمنية متشددة، يتم من خلالها إغلاق شوارع المدينة من أجل إقامة القداس الديني في الكنيسة الكاثولكية في حي «أقنيس»، على رأس كل سنة، فإن شيراك بات اسما مطبوعا في قلوب كل الرودانيين واستطاع أن يخلق لنفسه رمزية خاصة، جسدها تهافت الساكنة على التقاط صور شخصية معه، كلما حل بأحد أسواق المدينة، لاقتناء بعض الأغراض الشخصية، كما حدث مؤخرا في سوق «جنان الجامع»... فرح ديبة زوجة شاه إيران عكس جاك شيراك، فإن فرح ديبا، زوجة شاه إيران السابق، تفضل النزول بإحدى إقامتيها الخاصتين في كل من «سيدي احساين» و«سيدي مبارك»، حيت تمتلك رياضات خاصة. ديبا، ومنذ أن اعتادت المجيء إلى مدينة تارودانت، في أواسط التسعينيات من القرن الماضي، تقول مصادر «المساء»، فضلت أن ترسم لنفسها طريقا نحو الاستثمار، خصوصا في القطاع الفلاحي الذي تشتهر به المدينة. وقد عملت في هذا الصدد على اقتناء مجموعة من الضيعات الفلاحية، في كل من جماعات «أولاد برحيل»، و«تاملوكت»، و«سيدي بورجا». استطاعت زوجة إمبراطور إيران السابق أن تكسب بدورها ود الرودانيين، من خلال أعمالها الخيرية والإنسانية التي ما فتئت تقوم بها، عبر المساهمة في بناء بعض المشاريع الخيرية ذات الطابع الاجتماعي، وكذا منح هبات مالية في المواسم والملتقيات الدينية للقائمين عليها. وتضيف مصادرنا أنه عادة ما يصاحب فرح ديبا، أثناء حلولها بتارودانت، وفد رسمي وحرس خاص طيلة زيارتها للمدينة، والتي تمتد لفترة تطول ما بين 15 الى 20 يوما، تقضيها فرح متنقلة داخل أروقة رياضاتها التقليدية، وكذا في تفقد مشاريعها في مجمل ضيعاتها الفلاحية الخاصة. وقالت مصادر ل«المساء» إن تاريخ المدينة العريق ومناخها المعتدل جعلا فرح ديبا تفضل الإقامة في تارودانت، فيما لم تستبعد المصادر ذاتها فرضية الربط بين تشيع الأميرة الإيرانية السابقة، وبين تشيع أهل تارودانت في حقبة معينة من التاريخ الإسلامي، حين ازدهرت مظاهر التشيع في تارودانت في القرن الثالث الهجري، إذ أضحت معقلا للشيعة تحت إمرة وقيادة الفرس الباجاليين الذين دخلوا المدينة آنذاك، تحت قيادة عبد الله البجلي، غير أن هذه الإمارة لم تلبث أن قُضي عليها من طرف المرابطين أثناء فتحهم المدينة، في القرن الرابع الهجري. الرسام العالمي كلاوديو برافو.. إقامة دائمة في تارودانت اختار الرسام العالمي الإسباني الجنسية والشيلي الأصل، كلاوديو برافو، أن يحجز لنفسه مكانة متميزة بين أهل تارودانت، بعد أن اختار محل إقامته الدائمة في «قصر أكو يدير»، على مشارف الجماعة القروية «تمالوكت» في إقامة مزينة بمجسم فني رائع لمَعلَمتي الكتبية والمنارة في مراكش. لقد استطاع هذا الفنان أن يحول بيته إلى قبلة لكل زوار المدينة وضيوفها الأجانب، حيث يعرض لوحاته التي يستوحيها من التراث المحلي والمعماري للمدينة. يقول أحمد سلوان، وهو باحث في التراث المحلي، «إن تارودانت أضحت قبلة مفضلة لكل باحث عن الراحة، ولكل ملاحظ ومتأمل عن مشاهد مألوفة في تارودانت وغريبة عن الفكر الغربي، لهذا فإن اللوحات المنجزة بريشة هذا الفنان العالمي تعني صميم الواقع المعاش وتثير الاهتمام وتبهر كل متبع لا يعرف ولم يألف رؤية تلك المشاهد المجتمعية التي تطبع الحياة اليومية في مدينة ضاربة جذورها في الأعماق». يتم عرض اللواحات التشكيلية لهذا الفنان، كما تفيد بذلك مصادرنا، في أشهر دور العرض في العواصم العالمية، كباريس ومدريد وواشنطن، حيث يتم بيعها بأثمان جد باهظة. وعلى غرار شهرته الفنية، أصبح كلاوديو برافو مثالا في أعمال الخير والإحسان والمساهمة في بناء مشاريع اجتماعية، من ضمنها بناء إعدادية «تمالوكت»، التي تم تصنيفها كأحسن مؤسسة تعليمية في الإقليم، من حيث توفرها على تجهيزات في المستوى، وكذا من خلال بنياتها النموذجية، ثم الاهتمام بتلاميذها، من خلال مساعدتهم على اقتناء دراجات هوائية ولوازمهم المدرسية. غير أن أفضل مساهمة لبرافوا ستبقى تلك المساعدة المادية التي قدمها كهبة لعمالة تارودانت، والتي وصلت قيمتها المالية إلى مليار سنيتم، حيث أوصى بأن يتم تخصيصها لتوسعة المستشفى الإقليمي «المختار السوسي»... أمراء وسفراء وفنانون عالميون استهوتهم تارودانت سنة بعد أخرى، صار اسم تارودانت يسطع في الأفق، وأضحى رديفا لأمراء وزعماء وفنانين انبهروا بجمالية المدينة وما حباها الله به من موروث تراثي وسياحي جعلها قِبلة مفضَّلة لكل هؤلاء، ومن ضمنهم الأمير الدنماركي «هنري ماري جون أندري»، حيث اعتاد الأمير زيارة المدينة منذ أزيد من سنة، والنزول بها ضيفا لدى صديقه الفرنسي الجنسية في ضيعته الكائنة في حي «زاوية سيدي داود»... أمير الدنمارك -تقول مصادر «المساء»- عادة ما شوهد وهو يتجول في شوارع المدينة، دون مرافقة وفد رسمي، كما أن الأمير يخصص أغلب أوقاته لممارسة هواياته المفضلة، خصوصا صيد الطيور والحلوف البري في المناطق النائية للإقليم.. أميرات الأردن بدورهن استهوتهن تارودانت وصرن على هذا المنوال بعد أن خصصن زيارة رسمية للمدينة، خلال شهر مارس الفارط، حيث حللن بمحل إقامة فرح ديبة في حي «سيدي مبارك».. ومن زعماء ومشاهير السياسة إلى مشاهير السينما، حيث نجد اسم الممثل الأمريكي الشهير «بول برينر»، الذي فضل أن يتجول في شوارع المدينة على متن حصانه على شاكلة أفلامه السينمائية... إلى جانب الحضور المتميز لجوني هوليداي، المغني الفرنسي المشهور والفنانة «باربارا»، التي شوهدت وهي تقتني غطاء للرأس من أحد الأسواق المعروفة في المدينة.