قبل شهر واحد من تنظيم موسم الولي عبد السلام بن مشيش، بادرت مجموعة من الزوايا الصوفية إلى الإعلان عن إنشاء اتحاد للزوايا الشاذلية المشيشية بالمغرب، هو الأول من نوعه منذ انخراط المغرب في إعادة هيكلة الحقل الديني، حيث تم مؤخرا انتخاب المكتب الإداري للاتحاد، المشكل من 19 عضوا يمثلون مختلف الزوايا المشيشية، فيما أسندت رئاسة الاتحاد إلى شيخ الطريقة الكتانية الدكتور يوسف الكتاني. وكانت المبادرة قد انطلقت قبل أشهر بعقد اجتماع في بيت الكتاني بالرباط لتشكيل النواة الأولى للاتحاد، ثم دخل المؤسسون في مفاوضات مع زوايا أخرى تمثل مختلف جهات المغرب من أجل تأسيس أول اتحاد للشاذليين، أراد له مؤسسوه أن يكون خطوة في اتجاه تنظيم المجال الصوفي ومواجهة مشروع وزير الأوقاف أحمد التوفيق الذي أنشأ تجمع سيدي شيكر، الأمر الذي اعتبره هؤلاء محاولة لسحب البساط من تحت الزوايا الشاذلية. وشكل التحاق عبد الهادي بركة، وهو نقيب الشرفاء العلميين، بالاتحاد دفعة قوية لهذا الأخير. وقالت مصادر مطلعة ل«المساء» إن التحاق النقيب بركة جاء بعد مشاورات قام بها هذا الأخير مع بعض المسؤولين الذين منحوه الضوء الأخضر. كان بركة قد نظم في يوليوز عام 2008 أول ملتقى عالمي للزوايا الشاذلية المشيشية بكل من طنجة وتطوان، حضره العديد من ممثلي الزوايا الشاذلية المشيشية في العالم، علاوة على مفتي الجمهورية المصرية الشيخ علي جمعة. وجاء ذلك الملتقى في وقت كان يجري فيه التجاذب بين المغرب ومصر حول مشروعية تمثيل التصوف الشاذلي المشيشي، حيث تدعي الزوايا المصرية أن أبا الحسن الشاذلي، دفين مصر، هو الممثل الوحيد للتصوف الشاذلي، بينما ترى الزوايا المغربية أن عبد السلام بن مشيش، دفين جبل العلم قرب العرائش، هو الأصل وأن الشاذلي هو تلميذه الوحيد الذي نشر طريقته في العالم. ولوحظ أن ذلك الملتقى عقد قبيل الدورة الثانية لسيدي شيكر الذي تشرف عليه وزارة الأوقاف بنواحي مراكش، والذي تم فيه الإعلان عن إنشاء القرية الكونية للتصوف، كرد غير مباشر على الملتقى العالمي للمشيشية الشاذلية. وقد أثارت خطوة الوزارة استياء واسعا لدى الزوايا الصوفية بالمغرب، خصوصا منها الشاذلية، كانت من بينها الزاوية الريسونية التي وجه كاتبها العام رسائل إلى الديوان الملكي يتهم فيها أحمد التوفيق بتحريف التصوف المغربي عن مقاصده وضرب خصوصيته المغربية لصالح المشرق، من خلال عقد لقاءات سيدي شيكر. وتزامن الإعلان عن الاتحاد مع خروج شيخ الطريقة الكتانية، الدكتور يوسف الكتاني، عن صمته منذ تعيين شيخ جديد للزاوية في فبراير من العام الماضي، حيث خصص مقدمة الجزء الثالث من كتاب «الزاوية الكتانية»، الذي ظهر قبل أسبوعين، لانتقاد سياسة أحمد التوفيق في المجال الصوفي. واتهم الكتاني وزير الأوقاف بتضييع أموال الأوقاف «هباء منثورا» في لقاء سيدي شيكر. وأضاف مخاطبا التوفيق: «هل تريد حجب الحقيقة عن جلالة الملك في قضية الشيخ الكتاني ولا تعلم جلالته أن الطريقة الكتانية تتوفر على مشيخة قائمة فاعلة قوية مختارة من طرف قواعدها؟». وقال إن المطلوب اليوم «هو إعادة النظر في هذا التدخل المجانب للحقيقة ولتاريخ المغرب وللزاويا التي لها كامل الحرية في اختيار شيوخها وقادتها، وقد كان ملوكنا يحترمون هذا الاختيار ويزكونه بظهائر التوقير والاحترام للشيوخ المختارين الذين يقابلون ذلك بالولاء لأمير المؤمنين بانتظام». وزاد الشيخ يوسف الكتاني قائلا: «من أجل ذلك، فإن الطريقة تتعرض لامتحان لا يد لها فيه، تسببت فيه جهة لا تعرف ماذا تفعل ولا تدري ماذا تصنع، ولكننا موقنون بأن الله سيكلل أمرنا بالنجاح والنصر على العابثين بوحدة الطريقة واستقرارها، وسنمضي قدما في جهادنا ضد الأمية والتخلف والعبث بأمر التصوف». وحذر الكتاني من سياسة وزارة الأوقاف تجاه الزوايا الصوفية، وقال إن تدخل الوزارة «يكاد يجرف التيار الصوفي ويفسده، كما هو شأن الوزارة في كل أمر تدخلت فيه، مما ينذر بالشرور والزوابع سواء في أوساط الزوايا ومشيخاتها أو في المجالس العلمية وأعضائها، مما يدعو جلالة الملك إلى التدخل العاجل وإلا ارتد السهم في صدر صاحبه».