لم يعد التنافس بين الأغنياء والعائلات الميسورة حول شكل الفيلات والسيارات وأماكن قضاء العطل، بل طفت إلى سطح الأحداث، في السنوات الأخيرة، قضية التنافس بين شباب «مدلل» يتحدرون من عائلات مشهورة، حول جلب شواهدَ من أطباء نفسانيين في الخارج (إيطاليا، سويسرا، فرنسا)، والإدلاء بها عند الحاجة، ك«دليل» للهروب من متابعات قضائية، سواء كانت جنحية أو جنائية. وكانت شهادة طبية صادرة عن طبيب سويسري، تفيد بأن كمال حمدي، ابن والي مدينة كلميم، (المزداد سنة 1980) مصاب بمرض يسمى «العصاب القلقي الاكتئابي»، (كانت) كافية لإنقاذه من المتابعة في قضية مصرع مواطن يدعى محمد الرحيلي، ودهس شخصين آخَرين، أحدهما شرطي مرور في الدارالبيضاء. وفي الوقت الذي كان يُنتظَر أن يتم اعتقال ابن الوالي، تداخلت العلاقات والنفوذ من أجل فك سراح «المهندس»، بدعوى إصابته بمرض نفسي وتوفره على شهادة تثبت عدم إدراكه لتصرفاته، مسلَّمة له من طبيب سويسري. بدأت الحكاية ذات مساء رمضاني، عندما سلك ابن الوالي طريقا ساحليا يربط بين البيضاء ومنطقة دار بوعزة، وكان حينها يقود سيارة «زيبرا» بسرعة جنونية في أحد شوارع البيضاء، وهو في حالة سكر طافح، حيث تسبب في وفاة رب أسرة كان على متن دراجة نارية في طريق ليساسفة، قبل أن يُقدِم على دهس شرطي مرور، حينما حاول اقتحام حاجز أمني نصَبته عناصر الشرطة بعد مطاردات «هوليودية» في شوارع البيضاء. وبعد أن ألقي عليه القبض، أحيل، في حالة اعتقال، على النيابة العامة في البيضاء، بتهمة ارتكابه حادثةَ سير نجمت عنها وفاة. وفي الوقت الذي كان الجميع ينتظر تفعيل القانون في حق الابن المدلَّل، تحركت نفس الآلة القانونية لإفراغ الملف من محتواه، كما تداخلت مصالح الأطراف المتدخِّلة في الدعوى، منها شركة التأمين والشركة المالكة للسيارة التي كان يقودها ابن الوالي، فيما تنازل الشرطي، الذي أصيب أثناء محاولة توقيف «الابن المدلل» في حاجز أمني، ولم يقدم شكاية في حق ابن الوالي، لتظل أسرة الضحية الفقيرة في مواجهة «ضغط» السلطة والنفوذ، وليتقرر في الأخير متابعة ابن الوالي في حالة سراح والحكم بعدم مسؤوليته في هذه القضية. جلسات المحاكمة التي احتضنتها القاعة 2 في محكمة القطب الجنحي في البيضاء، شهدت في العديد من المرات تغيب ابن الوالي، بدعوى أنه ما زال يرقد في إحدى المصحات الخاصة في الدارالبيضاء، هذا في الوقت الذي حاول دفاع ابن الوالي إبعاد التهمة عنه، عبر نفي علاقته بحادثة سير ارتُكبت في طريق ليساسفة، والتي ذهب ضحيتَها صاحبُ الدراجة النارية. كما أن نتائج الخبرة التي أجرتها الفرقة التقنية والعلمية، التابعة لمصلحة التشخيص القضائي، التابعة للقيادة الجهوية للدرك الملكي في الدارالبيضاء، على سيارة المتهم، لم تكشف عن وجود أثر للدم في الواجهة الأمامية للسيارة.