صفق الحاضرون في افتتاح المؤتمر الدولي حول الاتحاد من أجل المتوسط لأكثر من مرة لأخ العقيد الليبي معمر القدافي وهو يعبر عن معارضته لمشروع اتحاد متوسطي يقتطع شمال إفريقيا ويعزله عن القارة السوداء ويشمل كل دول أوربا بما فيها دول البلطيق. وذكّر أحمد قداف الدم القدافي، والذي لم يقدم في البرنامج الموزع على الصحافة بأي صفة رسمية، بالصراعات التاريخية والتوترات التي شهدتها مراحل تاريخية بين الأوربيين والمسلمين، قائلا إن هذه المرحلة يجب أن تنتهي لتبدأ مرحلة أخرى من الود والوئام والتعاون بعيدا عن «الأساطيل والرعب والتلوث». فيما دافع مستشار الملك أندري أزولاي عن هذا المشروع الذي طرحه الرئيس الفرنسي ساركوزي خلال حملته الانتخابية للرئاسيات الفرنسية. وذهب أزولاي إلى أن تفعيل المشروع من شأنه أن يؤدي إلى ازدهار المنطقة وتكريس الحوار والتعاون بين شعوب وحضارات المنطقة المتوسطية. ودعا أخ العقيد القدافي إلى التوجه نحو بناء الوحدة الإفريقية، عوض الدخول في اتحاد مع دول البلطيق وغيرها، مخاطبا المؤتمرين: «نحن يا سادة ننتمي إلى قارة، نحن في القارة الإفريقية»، قبل أن يظهر خريطة هذه القارة بلون أسود ويضيف أن أي محاولة لتفريق هذه القارة يعتبر خيانة. وذهب إلى إمكانية التعاون بين جنوب أوربا وشمال إفريقيا، «لكن أن يتعاون جزء من إفريقيا مع أوربا بالكامل فهذا غير منطقي». وفي الوقت الذي أشار فيه المستشار الملكي أندري أزولاي، الذي يترأس مؤسسة «أنا ليند»، إلى أن مشروع الاتحاد المتوسطي يعتبر بمثابة استمرار لمسلسل برشلونة، أورد أخ القدافي ومبعوثه الخاص الدائم أن هذا المسلسل فشل، مرددا: «لو لم يفشل لما جئنا إلى هنا لنتحدث عن اتحاد متوسطي». ودافعت كل من لطيفة أخرباش، كاتبة الدولة في الشؤون الخارجية والتعاون، ونزهة الصقلي، وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، والسفيرة المتجولة للمغرب آسية علوي بنصالح عن نفس مقاربة مستشار الملك أندري أزولاي، معتبرة أن هذا المشروع من شأنه أن يحقق الازدهار لشعوب المنطقة ويساهم في محاربة التطرف ونبذ العنف ومواجهة الجريمة المنظمة في المنطقة المتوسطية. فيما تدخل كل من العمدة شباط ومحمد القباج، رئيس مؤسسة روح فاس ووالي الدارالبيضاء، وسعد الكتاني، المفوض السامي لجمعية 1200 سنة على تأسيس فاس، لمباركة المؤتمر وما سيتمخض عنه من توصيات يرتقب أن ترفع إلى قمة باريس والتي ستقرر في مآل مشروع ساركوزي والذي يقدم على أنه يرمي إلى تكريس التعاون بين دول الشمال ودول الجنوب في المنطقة المتوسطية. وسيستمر هذا المؤتمر، الذي اعتمد منهجية ورشات العمل، إلى اليوم الجمعة، وهو نفس اليوم الذي ستعطى فيه الانطلاقة للدورة ال14 لمهرجان فاس للموسيقى الروحية. وشهد افتتاح المؤتمر، التي احتضنها أحد فنادق فاس، استنفارا أمنيا مكثفا، وحضور عدد من الشخصيات الفرنسية والعربية ضمنها ألير مالي، رئيس منتدى باريس، والسفير الفرنسي المكلف بالمشروع ورونال دوماس، وزير الخارجية السابق لفرنسا، وحسن أبو أيوب، السفير المغربي المتجول، وأسماء أخرى في مجال الدراسات الاستراتيجية جاءت من الجزائر وتونس وفرنسا وإسبانيا. وفضل أغلب المتدخلين استعمال اللغة الفرنسية، لغة الرئيس ساركوزي، صاحب المشروع، للإشادة بالمبادرة، فيما استعان أخ القدافي بمترجم خاص رافقه طيلة أشغال افتتاح المؤتمر الذي نظم من طرف المركز المغربي متعدد التخصصات للدراسات الاستراتيجية والدولية.