إن آلام الظهر شكوى الكثير من الناس وتعد واحدة من أهم الأسباب التي تحذو بالمريض إلى مراجعة الطبيب، هذه الآلام تختفي في أحيان كثيرة دون علاج ولكن في بعض الحالات تحتاج إلى استشارة الطبيب، علماً أنها عرض من أعراض الكثير من الحالات التي تصيب الظهر أو المسالك البولية أو التهاب البنكرياس الحاد وكذلك التهاب كيس الصفراء (المرارة) إضافة إلى بعض الأورام. إن توازن جسم الإنسان يعتمد على العمود الفقري ولكن الجهد الأكبر يقع على منطقة أسفل الظهر. إن أسباب هذه الآلام يمكن أن تكون مشتركة بين النساء والرجال ولكن هناك بعض الأسباب الخاصة بالنساء ومن الممكن أن تظهر في فئة عمرية وتبعاً للسبب، وسنتناول الحالات الأكثر شيوعاً المسببة لآلام الظهر: الإنزلاق الغضروفي تنتج آلام الظهر في أكثر الحالات عن رفع الأشياء الثقيلة، أو القيام بحركة يكون فيها العمود الفقري في وضع غير سليم، وفي معظم الحالات يتمركز الانزلاق بين الفقرتين الرابعة والخامسة القطنية، وكذلك بين القطنية الخامسة والعجزية الأولى، وهو باختصار انزلاق نواة الغضروف من موقعها إلى الخلف في القناة النخاعية، حيث تضغط على العصب في المنطقة مسببةً آلام شديدة حيث تتحدد حركة المصاب وفي بعض الحالات يعاني من ضعف التحسس في القدم والساق وقد يصاب بضمور عضلات الساق والقدم إذا لم يتلق العلاج اللازم، وغالباً ما يكون الألم في أسفل الظهر وخلف الفخذ والساق والقدم وربما يشعر المصاب بتنمل القدم وهذا ما نطلق عليه ب (عِرق النَسا)، والذي تحديداً يعني كل حالة تؤثر على عصب النًسا سواء كانت ضغطاَ كما في حالة الانزلاق أو في حالة التهاب و...الخ. إن تشخيص الحالة يتم بالفحص السريري وكذلك بأجهزة الأشعة المتطورة كالرنين مثلاً. وفي أغلب الأحيان يحتاج المريض إلى الراحة والى استخدام مسكنات الألم وإلى الأدوية التي تجعل العضلات في حالة استرخاء. أما التدخل الجراحي فيتم بإزالة الغضروف المنزلق ولكن يبقى هو الخيار الأخير في حالة عدم تحسن الحالة أو حينما تستجد مضاعفات. التمزق والتقلص يتعرض الظهر في الكثير من الأحيان إلى حالة تمزق بالأنسجة الرابطة أو إلى تقلص العضلات الكبيرة سواء تلك المرتبطة بالأضلاع (من الجهة الخلفية) أو بلوح الكتف. وأسباب هذا التمزق أو التقلص كثيرة منها الحركة المفاجئة أو نوبة سعال شديدة أو بسبب شدّة خارجية. يعاني المصاب في أغلب الأحيان من آلام شديدة تستمر لفترة طويلة ومن صعوبة في التنفس. ينصح بمثل هذه الأحوال بتدفئة المنطقة واستخدام اللصقات مع العلاجات المسكنّة. إصابات العمود الفقري وهي كذلك من الأسباب الرئيسة حيث يتعرض العمود الفقري إلى الرضوض أو الإلتواءات وكذلك إلى الكسور والتي في أغلب الأحيان تكون نتيجة شدّة خارجية، وتتوقف مدة الألم والاستجابة للعلاج على طبيعة الإصابة وموقعها وكذلك على عمر المصاب وحالته الصحية العامة، إن نسبة لابأس بها من إصابات العمود الفقري تم تسجيلها لدى المتقدمين في العمر وخصوصاً النساء المصابات بهشاشة العظام. هشاشة العظام وآلام الظهر العظام نسيج حي من أنسجة الجسم المختلفة، ولكونها نسيج حي فإنها تمتاز باستمرارية عملية الفقدان والبناء ولذلك فالعظام تبقى محتفظة بشكلها وقوامها وحالتها الطبيعية، ولكن يحدث أن تكون حالة الفقدان أكثر من البناء فتقل كمية المادة العظمية وتضعف صلابتها وهذا ما نطلق عليه بهشاشة أو ترقق أو وهن العظام، وعليه فالمريض يعاني من آلام في العظام والمفاصل المرتبطة بها إضافة إلى احتمال إصابته بالكسور وأهمها كسر عنق عظمة الفخذ وكذلك كسور الفقرات الصدرية والقطَنية، وغالباً ما يعاني المريض من تقوس العمود الفقري بسبب هذه الحالة فتزداد تبعاً لذلك آلام الظهر. إن أهم أسباب هشاشة العظام هي: • التقدم في العمر حيث تكون عملية فقدان المادة العظمية أكثر من عملية البناء، إن المادة العظمية تتكون من مواد عضوية ولاعضوية فالمواد العضوية تشكل نسبة %35 وهي البروتين الغروي (كولاجين) ومادة تشبه الزلال تسيل من العظم في حالة تعرضه للكسر وتسمى (ميوكل)،أما اللاعضوية فنسبتها %65 وأهمها الفوسفات وكاربونات الكالسيوم وفلوريد الكالسيوم وفوسفات المنغنيز وكلوريد الصوديوم. من هنا يتضح أن الخلل في توازن هذه المواد الكيمياوية يؤدي إلى هشاشة العظام. • انقطاع الدورة الشهرية لدى النساء بسبب الاختلال الهورموني، إن الاختلال الهورموني هذا إما سببه فسيولوجية جسد الأنثى وهو الأمر الطبيعي بالنسبة لتقدم العمر أو بسبب حالة مرضية أدت إلى رفع المبايض أو هناك اختلال هورموني في الغدد الصماء المسؤولة عن الهرمون الأنثوي، إن الربط بين هذا الهورمون وبين هشاشة العظام لدى النساء سببه الدور الذي يلعبه في عملية بناء المادة العظمية لعظامهن. • زيادة نشاط الغدة الدرقية. • سوء التغذية وفقدان المواد الضرورية لعملية البناء العظمي. • حالات مرضية تقتضي ملازمة الفراش فترة طويلة. • الإفراط في التدخين وتناول الكحول حيث كشفت الدراسات الدور السلبي الذي يلعبه النيكوتين والقطران وكذلك الكحول في عملية التمثيل الغذائي وبالتالي في عملية البناء العظمي. • زيادة الوزن وكذلك عدم مزاولة الرياضة. الإلتهاب المفصلي للفقرات بتقدم العمر تصاب غضاريف الظهر بالانحلال والضمور كباقي غضاريف مفاصل الجسم وهو أمر طبيعي الحدوث إلا أنه يتفاوت بين الناس بالوقت وبالشدّة حيث تلعب العوامل التالية دورها في هذه الحالة: العامل الوراثي، زيادة الوزن، انقطاع الدورة الشهرية، نوع العمل وغيرها. إن الضمور والانحلال الذي يصيب الغضاريف يحيلها إلى نسيج ليفي مما يفقدها الليونة ووظيفتها كوسائد بين الفقرات وبالتالي ستقل المسافة بين الفقرات ويزداد الضغط والاحتكاك مؤدياً إلى ظهور نتوءات في أطرافها. إن الآلام الناتجة إما إنها موضعية في أسفل الظهر أو إنها ممتدة من أسفل الظهر إلى خلف الفخذ والساق مع وجود تنمل في القدم،غالباً ما تصاحب هذه الحالة تقلصات في عضلات الظهر مسببةً آلام إضافية، إن هذه الآلام تكون على حدتها في فصل الشتاء أو في حالة انخفاض درجة الحرارة وكذلك تزداد عقب الاستيقاظ من النوم. إن هذه الآلام تقل تدريجياً أثناء الحركة. ينصح المريض بالركون إلى الراحة واستعمال الكمادات الحارة مع مسكنات الألم إضافة إلى استخدام حزام الظهر الساند. التيبس العظمي للعمود الفقري مرض يصيب الذكور أكثر من الإناث بين 20و30 سنة من العمر ولم تحدد أسبابه بشكل قطعي لحد الآن، تبدأ الأعراض بصورة بطيئة على هيئة آلام بالمفصل الحرقفي إما في جهة واحدة من العمود الفقري أو في الجهتين وكذلك أسفل الظهر، الألم يكون على أشده في الصباح ويقل بالحركة ولكنه يعاود الازدياد بالجلوس ولفترة طويلة وقد يمتد الألم الى خلف الفخذ والساق، في هذه الحالة المرضية تتحول أنسجة وأربطة المفاصل إلى تراكيب تعظمية حيث يزداد الألم بمرور الوقت، إن الحالة تزداد سوءاً إذا لم تعالج في وقت مبكر. آلام الظهر الخاصة بالنساء غالباً ما تشكو النساء من آلام الظهر ولأسباب تتعلق بوضعهن، ويمكن تلخيص هذه الأسباب والحالات في ما يلي: • استخدام الحذاء ذي الكعب : ثبت بما لا يقبل الشك أن الحذاء ذي الكعب يخل بتوازن العمود الفقري ويتسبب في حدوث الشد على الفقرات والعضلات والأنسجة الرابطة للظهر. • آلام الدورة الشهرية: وهي جزء من الصورة الفسيولوجية في جسد المرأة تنتهي بظهور الطمث. • الحمل: وخصوصاً في الأشهر الأخيرة حيث يتقوس الجزء الأسفل من العمود الفقري كوسيلة لحفظ التوازن فيزيد من الضغط على الأعصاب الخارجة من فتحات العمود الفقري، وتزداد حدة الألم حينما يكون الحمل توأماً. • استخدام حبوب منع الحمل: إن التشكيلة الهورمونية لحبوب منع الحمل تعمل على احتجاز الماء داخل الأنسجة مما يسبب زيادة الضغط على الأعصاب متمثلةً في ألم في كل المفاصل والظهر. • السمنة: من أهم أسباب آلام الظهر لدى النساء وخصوصاً حينما يتقدمن في العمر، ومما يذكر أن آلام الظهر للبدينات لا تفيده أي وسيلة من وسائل العلاج عدا تخفيف الوزن. • الالتهابات: وبالذات منها التهابات عنق الرحم والمبيضين. • هبوط الرحم: وهي حالة ليست قليلة الحصول، فهي تحدث بنسبة لابأس بها بين النساء ويحصل هبوط الرحم كنتيجة لاختلال الأنسجة الرحمية الرابطة. مما تقدم يبدو أن أسباب آلام الظهر كثيرة وأسبابها عديدة ولذلك فالمريض بحاجة إلى استشارة الطبيب حينما تكون الآلام قوية ومستمرة لفترة ليست قصيرة، وحينما تمنعه الآلام من القيام بأعماله الاعتيادية، وكذلك في حالة وجود مشاكل في الأمعاء أو المسالك البولية مصاحبة لآلام الظهر، وأخيراً فإن التنمل في طرف سفلي أو كليهما و حتى القدمين تدعو المريض إلى ضرورة الإسراع باستشارة الطبيب.