دعا المغرب المجموعة الأوروبية إلى التحلي ب"المسؤولية والحكمة والتريث في إصدار الأحكام"، إزاء حملة التضليل والافتراء، التي يقودها ضدها أعضاء ينتمون إلى فريق غير رسمي بالبرلمان الأوروبي. وقال سفير المملكة المغربية لدى المجموعة الأوروبية، لمنور عالم، في رسالة وجهها إلى مختلف المؤسسات الأوروبية، وتوصلت وكالة المغرب العربي للأنباء بنسخة منها، يوم الثلاثاء المنصرم، إن المغرب "يرفض بشكل كامل ادعاءات بعض الأوساط التي سارعت إلى اللجوء إلى التضليل"، متحدثة على الخصوص عن "الاختطاف والاعتقال والضغط، وكذا انتهاك الشرعية الدولية". وأضاف أن هذه الحملة تندرج في إطار استراتيجية "العرقلة الممنهجة، التي تعتمدها الجزائر و"البوليساريو"، معربا عن استغرابه وأسفه "لتحركات أعضاء فريق غير رسمي جرى تشكيله داخل البرلمان الأوروبي ضد المملكة المغربية، الذي يعمل جاهدا، منذ بضعة أيام، على استمالة نواب أوروبيين، بناء على معلومات خاطئة، حول معاملات سيئة قد يكون تعرض لها مواطنون مغاربة في الأقاليم الجنوبية. وأكد عالم أن هذه المناورة تروم "عرقلة الدينامية السياسية، التي جرى الانخراط فيها تحت رعاية الأممالمتحدة لفائدة المبادرة المغربية للحكم الذاتي بجهة الصحراء، كأرضية للتفاوض حول حل سياسي لهذا النزاع الإقليمي يكون مقبولا من الطرفين". وأوضح الدبلوماسي المغربي أن الوقائع التي استغلتها هذه الحملة تتعلق بحالة ثمانية أفراد، سبعة منهم يتابعون حاليا بتهمة القيام بأعمال تعرض أمن الدولة والنظام العام على التراب الوطني للخطر وتمس مشاعر جميع المغاربة. وأضاف أن "هؤلاء الأفراد تخصصوا في المناورات الإعلامية والتحرك ضد المصالح الوطنية العليا للمغرب، بتواطؤ مع أطراف خارجية، وهما الجزائر و"البوليساريو". وأشار إلى أن هؤلاء الأشخاص "يستغلون بشكل منتظم وطوعي" فضاء الحرية المفتوح في المغرب، لإثارة ردود أفعال ضدهم من قبل السلطات المغربية، بغية الترويج لمجموعة من المعطيات التضليلية. وتابع أن "المغرب تحلى دائما بضبط النفس، والتسامح في إطار القانون، في وقت كان هؤلاء الأشخاص يستغلون، وعلى مدى سنوات، وبشكل مفرط جواز السفر المغربي لخدمة أنشطتهم بالخارج، مؤطرين في ذلك من قبل المصالح الديبلوماسية الجزائرية". وجاء في رسالة عالم أن "خطورة الأعمال المنسوبة إليهم لم تعد قابلة لأي هامش للتسامح"، بالنظر إلى المشاريع الواضحة لزعزعة الاستقرار، التي كان يتبناها المعنيون بالأمر، خصوصا عقب رحلتهم التي جرى الترويج لها إعلاميا بالجزائر العاصمة (في يوليوز2009)، وفي مخيمات تندوف جنوبالجزائر (من 24 شتنبر إلى 5 أكتوبر2009). وذكر السفير بأن هؤلاء الأشخاص كانوا التقوا بمسؤولين كبار بمصالح الأمن الجزائرية، وبعض "ضباط البوليساريو"، وشاركوا في تجمعات سياسية وعسكرية، عبروا من خلالها علانية عن نواياهم العدائية، في تجاهل تام، ليس فقط لأبسط واجبات المواطنة، ولكن أيضا لمشاعر مواطنيهم المغاربة. وتطرق السفير في هذه الرسالة إلى حالة المدعوة أميناتو حيدر، مسجلا أنها كانت المسؤولة الوحيدة عن "الوضع الذي حشرت نفسها فيه عمدا"، برفضها الخضوع للإجراءات القانونية للدخول إلى التراب الوطني، التي تطبق على المواطنين المغاربة والأجانب. وأوضح أنه نتيجة لذلك "طلب منها العودة إلى المكان الذي قدمت منه (جزر الكناري)، دون أن تتعرض لأي إهانات جسدية أو معنوية، بإشراف الوكيل العام للملك، وبحضور أفراد أسرتها، الذين كانوا شهودا على التعامل المحترم، الذي حظيت به". وأكد عالم ضرورة البحث عن الدوافع الحقيقية وراء قيام أفراد معينين باستفزازات متطرفة من هذا النوع تجاه السلطات والشعب المغربي، مباشرة بعد قيامهم باتصالات مع مسؤولين بالجزائر و"البوليساريو". وتساءل عن الجهة المستفيدة من التأثير على وسائل الإعلام الأجنبية، بغرض توظيف رد فعل السلطات المغربية، رغم كونه شرعيا وقانونيا. وأبرز أنه يمكن بالتأكيد العثور على عناصر الجواب لدى الجانب الجزائري، الذي يقدم دعمه المالي وتأطيره الديبلوماسي والإعلامي لهذه الأعمال، التي لا يشكل فيها الانفصاليون إلا أداة تنفيذية". من جهة أخرى، أكد ضرورة أن تدرك المجموعة الأوروبية الأبعاد والأهداف السياسية الحقيقية لهذه الخطوة "المراوغة"، التي اقترح عليها المشاركة فيها، بهدف تحويل الاهتمام عن الأولوية الحقيقية، المتمثلة على الخصوص في الحفاظ على الدينامية السياسية الحالية، برعاية الأممالمتحدة، ورفع المعاناة عن السكان المحتجزين في ظروف لا إنسانية بمخيمات تيندوف جنوب غرب الجزائر. وأوضح عالم أن مسؤولية الجزائر تبقى كاملة بخصوص هذا الوضع على المستويات السياسية والقانونية والأخلاقية، لا سيما في ما يتعلق برفضها إجراء إحصاء لسكان المخيمات، التي تتحكم فيها "البوليساريو"، حسب ما سجل المفوض السامي للأمم المتحدة في شؤون اللاجئين في آخر زيارة له للمنطقة، وأيضا في ما يخص تعتيمها على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بمخيمات تيندوف، وكذا تيسيرها لعمليات تحويل المساعدات الإنسانية، كما ورد في عدة تقارير لكل من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وبرنامج الغذاء العالمي، والمكتب الأوروبي لمكافحة الغش. تلك المساعدات التي، يؤكد الديبلوماسي المغربي، يقف وراءها المواطن الأوروبي، باعتباره الواهب الرئيسي. ودعا الجزائر إلى الانخراط "بشكل إيجابي" في منطق بناء والتخلي، في المقابل، عن تعاملها مع كل القضايا المغاربية ب"جمودها المعروف على نحو واسع، والمأسوف عليه من قبل المجموعة الدولية". وأضافت الرسالة أنه أخذا بعين الاعتبار المرحلة الحاسمة التي يعرفها اليوم مسلسل المفاوضات، فإن المغرب دعا المجموعة الأوروبية إلى مطالبة الجزائر والبوليساريو بتحمل "مسؤولياتهما بشكل كامل"، عن طريق وضع حد للتجاوزات الخطيرة التي ارتكباها معا، والتي تهدد المسلسل السياسي، وبالتالي السلام والأمن بالمنطقة. وأكد عالم، في الرسالة التي وجهها إلى مجموع ممثلي الهيئات الأوروبية والسفراء والممثلين الدائمين للبلدان الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس ما فتئ يجدد التأكيد على تشبث المغرب بمسلسل المفاوضات الجارية برعاية الأممالمتحدة، وانخراط المملكة في ترسيخ دولة القانون وتحقيق الديمقراطية.