ذكر سكان دوار "ولاد عبو ولاد حميدة"، المسمى ب"عريان الراس"، الموجود بمنطقة عين الذياب في الدارالبيضاء، ل"المغربية"، أن واقعهم الاجتماعي متردي بما فيه الكفايةكاريان عريان الراس يوجد بجانب فيلات فاخرة بعين الذياب (خاص) وأضافوا أنهم يضطرون كل سنة إلى تحمل الفيضانات التي تغرق "براريكهم" الضيقة، جراء تهاطل الأمطار في فصل الشتاء، وامتلاء مجاري الصرف الصحي عن آخرها بالمياه العادمة. عبر السكان عن تضايقهم من الوضع المأساوي، الذي يخلفه تسرب المياه إلى "براريكهم"، على نحو لا يستطيعون معه المكوث فيها، فيخرجون في كل ليلة ماطرة من "براريكهم" منتظرين الإغاثة، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من حاجيات أتلفت بعد انغمارها في مياه ملوثة.. ويذكر السكان أن المشكل لا يقتصر على تسرب المياه، بل إن الأمر يتعدى ذلك، إذ أفادوا أن الفضاء حيث توجد "براريكهم" يتحول إلى مرتع للنفايات والفضلات بعد أن تمتزج بمياه الأمطار، فتتكاثر الحشرات وتنتشر الروائح الكريهة، بشكل يضيق الخناق عليهم، ويعمق معاناتهم النفسية والاجتماعية، بسبب افتقارهم لحلول بديلة، تغنيهم عن العيش في "براريك" معرضة للغرق في أي لحظة. فقر وحاجة وأكد السكان أن عيشهم في هذه "البراريك" هو نتيجة فقر وحاجة، ولو كان الأمر بيدهم لغادروها إلى غير رجعة، لكن إمكانياتهم المادية ضعيفة جدا ولا تسمح لهم بالرحيل منها، ما يجبرهم على التعايش مع حالات الخوف والهلع كلما أمطرت السماء، مؤكدين أن وضعهم حينما تغرق "براريكهم" يصعب وصفه، إذ كلما حل فصل الشتاء إلا وتوقعوا أنه سيكون آخر فترة يقضونها في "براريكهم". ويصل حجم مياه الأمطار إلى متر أو أكثر، يقول السكان، ما يدفع بهم إلى قضاء الليلة الماطرة خارج دورهم، متحملين عناء البرد والسهر، بعد أن لم تنفعهم معهم تلك الحلول الترقيعية كالاستعانة بأوانيهم لتجميع قطرات المياه المخترقة لسقف "البراريك"، ووضع حواجز خشبية على عتبة الأبواب، للحيلولة دون تدفق المياه التي غالبا ما تتمكن منهم. وأفاد السكان أن وضعهم متأزم ويتفاقم سنة بعد أخرى، معبرين عن ذلك بالقول إنه "لا يعقل أن تتكرر مأساتهم في كل فصل مطير، إذ ضاقوا درعا بالعيش في الترقب والحذر، مما قد ينجم عن تساقط الأمطار". مضيفين أن عفونة المكان في غياب قمامات للنفايات يزيد الطينة بلة، فتراهم يتطوعون إلى جمع ما استطاعوا من الفضلات والدفع بها بعيدا عن "براريكهم" المهترئة، درءا لانتشار الحشرات والروائح النتنة، مشيرين في الآن نفسه إلى أن ذلك لا يكفي حتى يمنعوا عنهم ما يصاحب تساقط الأمطار من مخلفات تقض مضجعهم، وتشوش عليهم حياتهم البسيطة. وبينما يصارع سكان "عريان الراس" هول ما يتسبب فيه تساقط المطر، يظل سكان "الفيلات" المجاورون لهم في منأى عن هذه المشاكل، إذ ينعمون بالاستقرار النفسي والاجتماعي، في ظل توفرهم على شروط العيش الكريم، حسب رأي سكان "عريان الراس"، فيما يعانون هم، مرارة الفقر والعوز، وضيق الأفق، للتخلص من سيناريوهات الغرق وسط المياه العادمة كل سنة،. وسط الفيلات ولأن كريان "عريان الراس" يوجد في منحدر وسط عدد من "الفيلات"، فإن مياه الأمطار تتمكن من السكان على نحو يتحول فيه المكان إلى بركة ماء، لا يخرجون منها إلا بمشق، وبإيعاز من رجال المطافئ، الذين قالوا عنهم، إن "قدومهم لتجفيف المياه ليس حلا ناجعا لإيقاف مسلسل "الغرق تحت الماء والوحل" كل سنة، في إشارة منهم إلى أن إمكانياتهم المادية محدودة، ولا تفي بغرض اقتناء حاجيات جديدة كلما أتلفتها مياه الأمطار، في وقت يضطرون إلى استعمال ما تيسر لهم من أفرشة استطاعوا إبعادها عن المياه المتسربة. ودعا السكان إلى ضرورة مد يد العون إليهم، قبل تساقط الأمطار وانغمار "براريكهم"، التي لا يفصل بعضها البعض إلا مسافة متر، ما يعني أن طبيعة المكان تشجع على وقوع كارثة إنسانية كلما صرف النظر عنهم من قبل المسؤولين، مؤكدين أنهم غير ملامين على وجودهم بهذه "البراريك" المهددة لحياتهم، باعتبار أنهم لا يملكون مآلا آخر يلجأون إليه. يذكر أن السكان، صرحوا ل"المغربية" في وقت سابق أنهم قاسوا إلى جانب الفيضانات، تلوث الماء الصالح للشرب بالحشرات والديدان، نتيجة امتزاج المياه العادمة، التي تقذفها قنوات الصرف الصحي ل"الفيلات" . أصلع الرأس وسمي الكريان ب"عريان الراس" نسبة إلى شخص كان أصلع الرأس يملك أرضا مجاورة للكريان، فاشتهر باسمه، خاصة أن ورثته لا زالوا يقيمون في الأرض إلى اليوم، أما الاسم الأصلي للمنطقة حيث يوجد الكريان، يدعى "دوار ولاد عبو ولاد حميدة"، لكن السكان اعتادوا على اسم الشهرة، وأصبح "الكريان" معروفا به، وإن كانوا لم يبلغوا بإمكانية ترحيلهم وتعويضهم بمنازل تتناسب وعدد أفراد الأسر المقيمة فيه، خاصة أن "الكريان" شيد في منحدر يسهل غرقه في حالة تهاطل الأمطار بغزارة" الذي لا تنفع معه تلك الحفر، التي تخلقها السلطات المعنية لاحتواء مياه الأمطار كحل يمنع تسربها إلى "البراريك".