أعدت وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، بدعم من برنامج الأممالمتحدة للتنمية، إطارا استراتيجيا وطنيا للحد من الفقر، بتشاور مع القطاعات الحكومية، وجمعيات المجتمع المدني العاملة في مجال محاربة الفقر.وأوضحت نزهة الصقلي، وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، في ندوة صحفية، نظمتها الوزارة وبرنامج الأممالمتحدة للتنمية، بشراكة مع تنسيقية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، أول أمس الخميس بالرباط، أن هذه الاستراتيجية الوطنية تهدف إلى الحد من الفوارق السوسيو اقتصادية، والمجالية، وفوارق النوع الاجتماعي، وإلى تحسين ظروف عيش السكان الفقراء، وإدماج تدخلات كافة الفاعلين، وتدبير حسن الموارد البشرية والمادية. ويهدف هذا الإطار الاستراتيجي أيضا، حسب الصقلي، إلى وضع إطار لتنسيق العمل الحكومي في مجال محاربة الفقر، مع الأخذ بالاعتبار كافة الأبعاد. وأضافت أن هذا العمل يرتكز على منظور يعتبر أنه من دون سياسة مندمجة، تتناول كل محددات الفقر، لا يمكن الحصول على أثر سريع ودائم في مجال التقليص من الفقر. وأفادت الصقلي أن هذه الاستراتيجية تهدف إلى تحقيق ثلاثة أهداف أساسية، تتمثل في الحد من الفقر، والمساعدة على الخروج منه، إضافة إلى الحد من آليات وميكانيزمات التفقير، كما ترمي إلى الجمع بين البعد الاستراتيجي والإنجاز الفعلي للبرامج والمشاريع، بشكل تجريبي، في مجالات ترابية محددة، قبل توسيعها إلى المجالات الترابية الأخرى. وقالت الوزيرة إن "الطابع المعقد والمتعدد الأبعاد لظاهرة الفقر، يدفعنا للأخذ بعين الاعتبار، عند بلورة وثيقة الاستراتيجية، لمختلف أبعاد الفقر، كالدخل، والصحة، والتربية، ويجب ألا يشكل هذا الطابع المعقد لظاهرة الفقر عاملا لتثبيط همم مختلف الفاعلين". وأكدت المسؤولة الحكومية أنه لن تكون لهذه الاستراتيجية أي فائدة دون إعمال وتنفيذ قارين، تساهم فيهما مختلف القطاعات الحكومية، والفاعلون الاجتماعيون المعنيون بمحاربة الفقر. وذكرت الصقلي بتقديم تصور أولي لهذه الاستراتيجية، التي أعدت السنة الماضية، وأنه منذ ذلك الوقت، استمر خبيران مغربيان في تطوير هذا التصور الأولي، أحدهما تكفل بالشق المتعلق بآثار السياسات على الفقر، والثاني تكفل بمفهوم الفقر، وتحليل الوضعية. وقالت الصقلي في هذا اللقاء، الذي حمل شعار "جميعا ضد الفقر من أجل أهداف الألفية"، بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على الفقر "نحن في منتصف الطريق نحو 2015، كتاريخ أقصى لتحقيق الأهداف المعلنة من قبل المجتمع الدولي، ويظهر جليا أن بلدنا حقق تقدما ملحوظا في مجال محاربة الفقر، وتقليص الفوارق الجهوية والمجالية، بفضل الجهود المبذولة خلال السنوات الأخيرة، سواء في مجال حقوق الإنسان، أو محاربة الفقر والتهميش الاجتماعي"، مشيرة إلى أن المغرب حقق تقدما ملموسا في مجال تحسين عيش السكان ذوي الأوضاع الصعبة في الفترة بين 2001 و 2007، إذ انخفض معدل الفقر، على المستوى الوطني، من 14.5 في المائة إلى 9 في المائة، وفي الوسط الحضري، تقلص من 7.6 في المائة سنة 2001 إلى 4.8 في المائة سنة 2007، أما في الوسط القروي، فتراجعت هذه النسبة من 25.1 في المائة إلى 14.5 في المائة. ولاحظت الوزيرة أنه، رغم هذا التقدم، ما زالت هناك العديد من الاختلالات الاجتماعية، تتطلب تضافر ومضاعفة الجهود والعمل الخلاق، لتلبية الحاجيات والانتظارات الاجتماعية، المتعددة والمتزايدة. من جهتها قالت زكية الميداوي، مديرة التعاون المتعدد الأطراف بوزارة الخارجية، إن ما تحقق حتى الآن بالمغرب يبين أنه يسير في الاتجاه الصحيح لتحقيق أهداف الألفية من أجل التنمية في أفق 2015، مضيفة أن هناك جهودا يجب أن تبذل في مجالات الصحة والتعليم، وأن المغرب يخصص حصة مهمة جدا لتنفيذ أهداف الألفية بتعاون مع شركائه الدوليين. وذكرت نديرة الكرماعي، العاملة منسقة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بالإصلاحات الشاملة التي انخرط المغرب فيها على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مشيرة إلى الانخراط في عملية طويلة من الاصطلاحات، ذات طابع سياسي، واجتماعي، واقتصادي، من خلال إطلاق أوراش كبرى، مثل مخطط المغرب الأخضر، والموانئ البحرية، والصحة والشغل والحماية الاجتماعية. وأبرزت أن هذه المبادرة تضع الإنسان في مقدمة اهتماماتها، إذ استفاد منها حوالي 4 ملايين شخص. وأكدت أن محاربة الفقر تتطلب مجهودات وإمكانيات مادية وبشرية، ومشاركة الجميع. من جهتها، اعتبرت علياء الدلي ممثلة برنامج الأممالمتحدة للتنمية بالمغرب، أن الإطار الاستراتيجي للحد من الفقر يشكل أداة فعالة، تستقي من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية الرؤية التنموية لتعميم التدخلات على المستوى الوطني، مشيرة إلى أن برنامج الأممالمتحدة الإنمائي يعتبر أن برامج مكافحة الفقر وتحقيق أهداف الألفية الإنمائية والتصدي لآثار التغير المناخي لا يمكن أن تعالج إلا من خلال مقاربة مندمجة ومتكاملة، من أجل تحقيق تنمية مستدامة.