الطريق إلى ضريح سيدي عبد الرحمان في الدارالبيضاء مليء بالعقبات ولا يمكن سلكه إلا بتأن. صخور البحر وطحالبه تمنعان الزوار من تسريع الخطى، فيما كانت امرأة بوجه مضطرب تمضي إليه على عجل، وكأن ثمة شيئا يجبرها على ذلك كان بعض الزوار يسيرون على امتداد الطريق المؤدي إلى الضريح وهم يترنحون يمينا ويسارا تفاديا للانزلاق، ومع ذلك واصلوا المشي ببطء، وحينما لم تعد تفصلهم سوى خطوات عن الضريح أسرعوا في سيرهم كأنهم أرادوا اللحاق بالمرأة المستعجلة.ضريح سيدي عبد الرحمان، المحطة التي تستقطب آلاف الزوار طيلة السنة، له طقوس وأجواء خاصة، ربما لن نجدها بالكثير من الأضرحة، فإذا استعصى حل معضلة على أحد "المصدقين" بجدوى التبرك به، أصبح من المداومين على الزيارة، ومن الحريصين على ممارسة طقوسها ( تمسح بجدران الضريح وقبره، تقديم الشموع) قصد تيسير أموره في الحياة، هكذا يعتقد المتهافتون على عطاءات الولي سيدي عبد الرحمان. أما يوم الجمعة فيحج إليه الزوار على نحو مكثف، فتضيق الأرصفة المحتشدة بالمارة، حيث لا توجد هناك زاوية نظر واحدة لا يمكن من خلالها عدم مشاهدة السيارات المركونة وحشود المواطنين المتدفقة في اتجاه الضريح. الكثير من مرتادي الضريح يفضلون تكريس أنفسهم لاعتقادات يرونها تنهل من عادات اجتماعية متوارثة، ويجدون في ذلك "سكينة" نفسية لا تتحقق إلا بالتسليم ل"بركات" الضريح الذي أثبت لهم في مرات عدة أن "قوته الخفية" من شأنها تخليصهم من المشاكل وتحقيق آمالهم وتطلعاتهم. ويعتبر "المتبركون" بالضريح أن الجود بالمال على مسيريه وبعض المتسولين له تأثير في بلوغ ما يصبون إليه، إذ أن "النية والتسليم" طريق قصير نحو الهدف المنشود، ولهذا لا يتوانى أكثرهم في أن يكون سخيا، ومعطاء في هذه الحالة، باعتبار أن ضريح سيدي عبد الرحمان كغيره من الأضرحة يستدعي من زواره الإكثار من الخير والتصدق على المحتاجين، الذين ليس لهم حضن يؤويهم غير سيدي عبد الرحمان، ولهذا فكثيرا ما يستوطنه المتسولون، حتى أصبح بمثابة مقر لعملهم.