جرى، مساء الجمعة، في حفل نظمته جامعة محمد الخامس بالرباط، تقديم الكتاب الأبيض حول الصحة الرقمية في المغرب، أعدته الجامعة من خلال مركزها للابتكار في الصحة الرقمية بشراكة مع متخصصين في المجال. ويهدف هذا الكتاب، إلى توفير معلومات محينة وذات صلة بواقع الصحة الرقمية، وتحديد مكامن القوة والضعف في النظام الصحي الوطني واغتنام الفرص ورهانات إدماج الحلول المتاحة، وهو يستهدف الفاعلين في القطاعين العام والخاص. كما يتوخى الكتاب، تبيان العوائق والتحديات التي تعيق النهوض بمنظومة الصحة الرقمية في المغرب، وتقديم وجهات نظر استراتيجية بناء على الانتظارات والرهانات التي تم تحديدها وإعداد توصيات لفائدة صناع القرار لتطويرها مستقبلا. وأكد خالد آيت الطالب، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، "أن تطوير الصحة الرقمية يظل الطريقة المثلى لجعل العلاج في متناول الجميع، بشكل عادل ودون أي تمييز، مضيفا أن هذا المشروع يعد إحدى ركائز إصلاح المنظومة الصحية الوطنية، وسيضع حدا لتشتت وتفكك الأنظمة القائمة، وأن العديد من مشاريع الأنظمة المعلوماتية رأت النور رغم طبيعتها المجزأة، سواء على مستوى المراكز الاستشفائية الجامعية أو على مستوى الجهات الصحية. وأفاد الوزير، في كلمة بالمناسبة، أن الوزارة منكبة حاليا على إرساء نظام معلوماتي مندمج يعتمد على ملف المريض ويشمل في الوقت ذاته مؤسسات الرعاية الصحية الأولية والمؤسسات الاستشفائية. وأبرز المسؤول الحكومي أن التجارب التي تم إجراؤها حتى الآن أثبتت أنه يمكن، بفضل تنفيذ الحلول الرقمية، تعزيز التبادل التكنولوجي في مجال صحة الإنسان، ومعالجة نقص الموارد البشرية وتعزيز تعلم العلوم الطبية، لما فيه المنفعة، مضيفا أن الكتاب الأبيض حول الصحة الرقمية في المغرب، يعتبر ذا أهمية أساسية بحيث يسمح بعرض الملامح الكبرى لخصوصيات وفرص المنظومة الصحية الرقمية، على الصعيدين الوطني والجهوي والدولي. من جهته، أكد عبد اللطيف ميراوي، وزير التعليم العالي والابتكار والبحث العلمي، أهمية الدور المركزي للتكنولوجيا الرقمية في تحسين أداء وجودة وكفاءة النظام الصحي، داعيا إلى إعداد الأجيال المقبلة، وخاصة مهنيي الرعاية الصحية، للانخراط في المنظومة الرقمية وتطوير الأساليب والممارسات الحالية. وأبرز الوزير أن الجمع بين الصحة والرقمنة هو الحل الأمثل لتطوير قطاع الصحة، وأنه شيء لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تنفيذ استراتيجية وطنية للصحة الإلكترونية تقوم على عدد من الأولويات، تهم تطوير الطب المتصل الذي يسمح بتطوير تطبيقات جديدة للمراقبة عن بعد أو تفسير البيانات الطبية لمساعدة الأطباء في تشخيصهم، وتشجيع الابتكار المشترك بين المهنيين الصحيين والمواطنين والجهات الفاعلة الاقتصادية من خلال إطلاق دعوات لمشاريع مخصصة للصحة الإلكترونية، وتبسيط الإجراءات الإدارية للمرضى بمساعدة منصة رقمية تسهل الاستشارة، وتعزيز أمن نظم المعلومات الصحية من خلال خطة عمل. من جهتها، قالت غيثة مزور، الوزيرة المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة إن "هذا الكتاب يعد ثمرة لمجهود جامعة محمد الخامس بالرباط وتنسيق مع عدة فاعلين في قطاع الصحة في المغرب، وهو يشكل إضافة نوعية ومرجعا لعموم المواطنين والمهتمين بالصحة الرقمية ببلادنا، كما يقدم توصيات مهمة لصناع القرار بهدف تطوير الصحة الرقمية في المستقبل". وأضافت الوزيرة أن من بين المشاريع الطموحة التي تشتغل عليها الوزارة الربط الإلكتروني بين المنظومة الصحية ومنظومة الحماية الاجتماعية لتبادل المعطيات بطريقة آمنة وحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، مؤكدة أن الهدف من هذا المشروع هو تسهيل الإجراءات على المواطنين. وفي كلمة له بالمناسبة، أبرز محمد غاشي، رئيس جامعة محمد الخامس بالرباط، أن ميدان الصحة الرقمية بدأ يأخذ موقعه بشكل متزايد ضمن التقنيات التكنولوجية للمستقبل في المغرب، وهو ما يفرض تحولا رقميا لكافة مهن الصحة. وأضاف غاشي، أن هذه المبادرة تتماشى وروح النموذج التنموي الجديد الذي يدعو في العديد من توصياته إلى تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، خاصة الرعاية الصحية، من خلال التحول الرقمي للهيئات العامة والخاصة. وتميز اللقاء، بتوقيع اتفاقية شراكة بين القطاعات الحكومية الثلاثة وجامعة محمد الخامس بالرباط بهدف تطوير مركز الابتكار في الصحة الرقمية ولتعزيز الروابط بين الجامعة ومهنيي الصحة والمساهمة في إرساء حوار متعدد الأوجه بين مختلف الفاعلين في هذا المجال.