حددت الدراسة حول "إصلاح منظومة التقاعد: التحديات والآفاق" هيكلة منظومة التقاعد من خلال ثلاثة مستويات، بالنسبة لكل قطب. وكشفت الدراسة أن المستوى الأول يتكون من نظام أساسي إجباري يراد به الحصول على تضامن قوي لتحقيق الأهداف الاجتماعية المتمثلة في تعميم تغطية التقاعد. أما المستوى الثاني فيتكون من أنظمة تكميلية هدفها الرفع من مستوى المعاش الذي يضمنه المستوى الأول، في حين يتكون مستوى الثالث من أنظمة إضافية بمساهمة اختيارية تروم الرفع من مستوى المعاش بالنسبة للراغبين في ذلك. وبخصوص مؤشرات أنظمة التقاعد برسم 2020، أوردت الدراسة أن الخدمات بالنسبة للصندوق المغربي للتقاعد بلغت 32،6 مليار درهم، في حين سجلت الاشتراكات والمساهمات 25،3 مليار درهم، ووصلت الخدمات بالنسبة للصندوق الجماعي لمنح رواتب التقاعد 6.7 ملايير درهم وبلغت الاشتراكات والمساهمات 4.1 ملايير درهم، وشكلت الخدمات بالنسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي 22.9 مليار درهم، ومن جانب كشف التقاعد التكميلي للقطاع الخاص CIMR على أن الخدمات شكلت 5.7 ملايير درهم والاشتراكات والمساهمات 8.64 ملايير درهم، وبلغ مجموع الخدمات في الأنظمة الأربعة 67.9 مليار درهم، أما مجموع الاشتراكات فناهز 62.74 مليار درهم. وحول الوضعية الحالية لنظام المعاشات المدنية بعد الإصلاح المقياسي الذي عرفته سنة 2016 يمكن القول إن هذا النظام سيستنفد احتياطياته البالغة 70 مليار درهم بحلول سنة 2028، وللوفاء بالتزاماته بعد ذلك، سيحتاج الصندوق المغربي للتقاعد ما يناهز 14 مليار درهم سنويا لتمويل عجز النظام. وحول المستوى الحالي لنسبة المساهمة 28 في المائة وسن التقاعد القانوني 63 سنة، جاء في الدراسة بأنهما لا يتركان سوى هامش ضيق لتبني إصلاح مقياسي جديد. بالإضافة إلى ذلك، فإن أفق استدامة النظام القريب يجعل أثر الصالح المقياسي يقتصر على خفض الدين الضمني دون معالجة إشكالية نفاد احتياطيات النظام، ويعد النظام حاليا متوازنا بالنسبة للحقوق المكتسبة بعد إصلاح 2016 بحيث أن الدين الضمني الحالي يهم بالخصوص الحقوق المكتسبة في السابق. ويعرف الصندوق الجماعي لمنح رواتب التقاعد عجزا تقنيًا بلغ 2.5 مليار درهم في 2020، وبفضل المستوى المهم لاحتياطاته 126 مليار درهم، ستمكن العوائد المالية للنظام من تغطية العجز التقني. يشار إلى أن المستوى الحالي لنسبة المساهمة بالنظام 18 في المائة، وسن الإحالة على التقاعد المعتمد به 60 سنة يتركان مجال الإصلاح المقياسي. وبخصوص نظام تقاعد أجراء القطاع الخاص فإنه يتوفر على هوامش لإدراج إصلاحات مقياسية بالنظر إلى: نسبة المساهمة بالنظام 11.89 في المائة، وسن الإحالة على التقاعد 60 سنة. وسيبدأ النظام في استعمال احتياطياته سنة 2024 غير أن أفق استدامته يظل بعيدا نسبيًا "2040"، نظرا لمجموعة من العوامل منها، أنه نظام غير منصف حيث يشترط على المؤمن له أن يتوفر، للاستفادة من معاش التقاعد، على 3240 يوما كحد أدنى من التصريح، أي ما يعادل في المتوسط 15 عاما من العمل، ومن جهة أخرى يلاحظ أن المحرك الديموغرافي الإيجابي يجلب السيولة للنظام حاليا ولكنه بالمقابل يثقل دينه الضمني، هذا إلى جانب ارتباطه الكبير بالظرفية الاقتصادية، حيث سيكون للأزمة الصحية الحالية أثر كبير على توازنات النظام. وعلى ضوء ما سلف، يمكن إيجاز وضعية صناديق التقاعد في كون الصندوق المغربي للتقاعد يواجه مشكلة سيولة ناتجة عن الالتزامات السابقة لنظام المعاشات المدنية، حيث لا تولد الحقوق المكتسبة بعد إصلاح 2016 أي عجز إضافي، في حين سيمكن الإصلاح المقياسي لنظام منح رواتب التقاعد RCAR بفضل مستوى احيتاطاته المهم عبر الرفع من سن الإحالة على التقاعد من تقليص دينه الضمني، وبالنسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يبدو أنه بمجرد تراجع المؤشر الديموغرافي للنظام، ستتدهور وضعيته ما يستوجب إصلاحا مقياسيا استعجاليا لجعله أكثر إنصافا والحد من اختلالاته المالية. يشار إلى أن رئيس الحكومة كان كلف يوم 30 غشت 2017 الوزير المكلف بالمالية بقيادة دراسة تقنية، بمشاركة كل من وزارة الشغل وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي وصناديق التقاعد المعنية، بهدف وضع الإطار العام لإصلاح منظومة التقاعد الطامحة لخلق قطبين "عمومي" و"خاص". وتتمحور هذه الدراسة حول أربع مراحل، الأولى متعلقة بتشخيص وضعية الأنظمة، والثانية بتصميم المنظومة المستهدفة، أما الثالثة فتهم نظام الحكامة، في حين ستنصب الرابعة على خارطة الطريق. وللتذكير، فإن إنجاز المرحلتين 3 و4 يظل رهينا بسيناريو الإصلاح الدي سيتم اعتماده بعد المشاورات مع الفرقاء الاجتماعيين.