قالت فاطمة خير، الفنانة والنائبة البرلمانية عن فريق حزب التجمع الوطني للأحرار، إن الحديث اليوم عن الصناعة الثقافية والاقتصاد الثقافي والدبلوماسية الثقافية، حديث غير منفصل تماما عن الأبعاد الثلاثة، التي ترتكز عليها الدولة الحديثة، ويتعلق الأمر بالبعد (السياسي والاجتماعي والاقتصادي)، مؤكدة أن هذه الأبعاد لا تتقوى إلا بالاستغلال الجيد للموروث الثقافي والحضاري المغربي. ولأن لكل صناعة وقواعد أسسا وضوابط تحكمها، أبرزت خير، في تعقيبها، الاثنين، خلال الجلسة الشهرية المخصصة لمساءلة عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، حول موضوع «السياسة الحكومية في المجال الثقافي والاستراتيجية الحكومية لتعزيز أهمية الثقافة المغربية وتشجيع الإبداع»، أن هناك أيضا قانونا يؤطر هذه العملية، لذلك وجب التفعيل والتسريع بتنزيل القوانين التنظيمية لقانون الفنان لحل كل الإشكاليات القانونية المتعلقة بخصوصية المهن الفنية وفق الفصل 26 من دستور المملكة. وشددت خير، على أن الوعي بالثقافة والفنون هو وعي مرتبط أساسا بالإدراك على أن الإنسان دائما وباستمرار متعطش للمعرفة، لكن المتتبع للشأن الثقافي والفني بالمغرب يلاحظ أنه في الوقت الذي يحقق المغرب إنجازات على المستوى الاقتصادي وإشعاعا في المجال الدبلوماسي واستقرارا في المجال السياسي والأمني، هناك تراجع ملحوظ وواضح في المجال الفني والثقافي. وأوضحت أن الدولة رغم أنها كانت ولا زالت هي من توفر كل اللوازم المادية من دعم الأنشطة الثقافية والفنية والإنتاجات السينمائية والتلفزيونية والمسرحية، لكن بالمقابل هناك قاعات سينمائية تقفل كل يوم. وأضافت أن هناك مسارح تفتقر لمستلزمات العمل الإبداعي وخزانات لا يعرف لها الشباب الطريق، وبالتالي هذا لا يشجع هؤلاء الشباب على البحث عن المعرفة ولا على القراءة ولا على الثقافة بصفة عامة. وأشارت إلى أن الإحصائيات صادمة في المغرب، صادمة في مغرب الألفية الثالثة، لأنه ما زال البعض ينظر إلى أن الثقافة فعل نخبوي، في حين أنه في الدول المتقدمة، القراءة فعل يومي كالأكل والشرب. وتابعت فاطمة خير «ندرك جيدا كمغاربة القوة التي يمتكلها المغرب، من خلال موقعه الجغرافي وغنى موروثه الثقافي والحضاري، من تنوع في الفنون واللغة والعادات والتقاليد والهندسة المعمارية، الآثار اللباس، الطبخ، مبرزة أنه للحفاظ على كل هذا الموروث وجب الاهتمام بالثقافة. وأفادت أن الحكومة مطالبة اليوم أكثر من أي مضى، أن يكون لها مشروع ثقافي منسجم ومتناغم مع ما يملكه المغرب من ذاكرة تاريخية قوية وكفاءات بشرية لإقامة صناعة ثقافية قوية تساهم في تطوير وخلق فرص الشغل، وتشكل قاطرة للنمو الاقتصادي أمام كل التحديات، التي يعيشها العالم في هذا القطاع. وأكدت خير أن الأزمة التي يتخبط فيها قطاع الثقافة ليست أزمة إبداع، لكنها أزمة صناعة واستثمار كانت خارج أجندة السياسات العمومية والدبلوماسية الثقافية التي باتت تعرف ب»القوة الناعمة» للتعريف بالتنوع الثقافي وكيفية استثماره وتسويقه على الصعيد الكوني، مشيرة إلى أن التجارب العالمية أثبتت أن تحقيق التنمية يمر دائما وباستمرار عبر طريق الثقافة فقبل التخطيط الاقتصادي، يجب تهيئة الإنسان، ويجب تقويمه وتمكينه من وسائل المعرفة والانفتاح على العالم وإدراك التنوع الثقافي والفكري لأن اقتصاد المعرفة أصبح يفرض نفسه، والحكومة تنبهت وراهنت على بناء الدولة الاجتماعية التي في جوهرها الاستثمار في الرأس المال البشري. وعبرت خير عن ثقتها في الحكومة، التي يمتلك رئيسها ما يكفي من الجرأة والشجاعة لاقتحام هذا الورش، والنجاح في إعادة الاعتبار لكل المبدعين في شتى الميادين، لأن الأمر اليوم، تضيف خير يتطلب التسريع ليستمر المبدعون في إبداعاتهم مع حفظ كراماتهم. الأزمة التي يتخبط فيها قطاع الثقافة ليست أزمة إبداع لكنها أزمة صناعة واستثمار كانت خارج أجندة السياسات العمومية