بدأ يطغى وسط المنظومة الصحية نقاش حول ضرورة تعزيز السياسة التواصلية أكثر بهدف إقناع غير الملقحين بالانخراط في حملة التطعيم ضد (كوفيد -19)، وتشجيع أصحاب الجرعة الثالثة على تلقي هذه الجرعة المدعمة، وذلك تفاديا لحدوث انتكاسة وبائية في ظل تفشي الفيروس على نطاق أوسع في عدد من الدول الأوروبية، وهو التطور الذي يحتمل معه مواجهة المغرب موجة جديدة محتملة، قد تضعه أمام اختبار سيناريوهات عدة، منها قاسية وهي الاضطرار إلى اعتماد إجراء الإغلاق الذي يصبح أكثر الخيارات المطروحة، إذا ما شهدت الجائحة مستجدات مقلقة. وتشير المؤشرات التي رصدتها "الصحراء المغربية" من خلال جس توجهات النقاش الدائر بالقطاع إلى أن المقترحات تذهب في اتجاه الدفع بتقوية هذه السياسة بأفكار مبتكرة جديدة تأتي بأساليب غير تقليدية يكون لها تأثير يلامس هذه الفئة بشكل مباشر ويحول شكوكها إلى يقين، والتي زرعتها عملية "صناعة الإشاعة" المحركة آلتها بشكل مكثف في توجه مخدوم لتغليط الرأي العام. وفي هذا الإطار، أكد فاعل بارز في القطاع الصحي، أن الأمر بات ملحا لتقوية وزارة الصحة منهجيتها التواصلية لتشجيع الفئات المستهدفة على الإقبال على مراكز التلقيح، وذلك حتى لا نواجه سيناريوهات يصعب اختبارها مجددا، قبل أن يضيف "قائلا "هل نحن قادرون على العودة مجددا إلى الحجر؟". ليمضي شارحا "هذه الفرضية مطروحة إذا سجلت انتكاسة وبائية جديدة، ونحن ما زلنا لم نبلغ مرحلة المناعة الجماعية التي يفصلنا عنها 4 ملايين شخص، إلى جانب البطء الذي تتسم به عملية الاستفادة من الجرعة الثالثة، إذ أنها لا تتجاوز حاليا نسبتها 27 في المائة". وزاد موضحا "على ما يبدو أن هناك حاجة إلى رسائل تواصلية بأساليب مختلفة ومعززة بأكبر قدر من المعطيات والتفسيرات، حتى إلى هذه الفئات بالوضوح المطلوب، الذي يجعلها تقتنع بالتلقيح ومدى أهميته في حماية حياة الملقح أولا ومحيطه والمحافظة على الصحة العامة"، مشيرا إلى أن "التطورات الوبائية التي تشهدها عدد من الدول تدق ناقوس التنبيه إلى ضرورة الانخراط الجماعي في هذه الحملة الوطنية حتى نخرج بأمان من هذا الظرف الاستثنائي الصحي، في أفق تحقيق انطلاقة اقتصادية واجتماعية جديدة". وأحدثت المقاربة الوقائية المرتكزة على اعتماد "جواز التلقيح"، والذي وافقت الحكومة على مطلب استبداله ب "الجواز الصحي" استجابة لتوصية المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كوثيقة أساسية ورسمية ووحيدة للتنقل وولوج الأماكن العمومية، مفاجأة داخل المنظومة الصحية، بتحقيقها واحدة من أهم الأهداف المسطرة لها بنتيجة لم يكن أشد المتفائلين توقعها، وهي تشجيع أكبر عدد من المتقاعسين والممتنعين على حسم قرارهم بشأن التطعيم ضد (كوفيد -19). واستنادا إلى ما خلفته هذه المقاربة من قفزة في العداد الوطني للتطعيم، فإن التدبير الوقائي للجائحة سيسير، على ما يبدو، على النهج نفسه، والذي يجمع بين تعزيز التواصل بمختلف الأشكال المساهمة في تبديد الشكوك المتولدة لدى المترددين بسبب تناسل الإشاعات، مع الاستمرار في "الخطة الوقائية" نفسها، والتي تشمل مواصلة العمل بإلزامية الإدلاء "بوثيقة جواز الصحي" أو "بشهادة الإعفاء من التلقيح"، للسفر إلى الخارج والولوج لجميع الفضاءات المغلقة، من مقرات العمل، والمؤسسات السياحية والتجارية والمقاهي والمطاعم وقاعات الرياضة والحمامات، إلى غير ذلك من المرافق العمومية. كما تشمل هذه التدابير التي أرفقت بإعلان رفع حظر التنقل الليلي بمجموع التراب الوطني، السماح بالتنقل بين العمالات والأقاليم بدون الإدلاء بأية وثيقة، والسماح بإقامة الجنائز وتنظيم الحفلات والأفراح، في احترام تام للتدابير الاحترازية المعمول بها، ومواصلة إغلاق الفضاءات التي تحتضن التجمعات الكبرى أو التي تعرف توافد عدد كبير من المواطنين، وفق ما تضمنه البلاغ الحكومي الصادر في هذا الشأن.