عبد العزيز فوكني: تقرير للمجلس الأعلى للحسابات سنة 2018 بضياع 280 مليارا من تحصيل الغرامات وراء فكرة إحداثها فريد مرجان: نترقب لقاء مع وزير العدل وفي حال تأكيد إحداثها لن نسكت لأن فيها ضربا لمؤسسة تضم 1700 مفوض قضائي إضافة إلى كتابهم في عرضه أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب خلال دراسة الميزانية الفرعية لوزارته برسم السنة المالية 2022، أعلن عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، عن مجموعة من المتغيرات والمستجدات، التي يتوخى إدخالها على منظومة العدالة بكل مكوناتها. ومن بين هذه المستجدات إنشاء أو إحداث مؤسسة مستقلة لتنفيذ الأحكام القضائية، وهو ما أثار ردود أفعال خاصة لدى أحد مكونات منظومة العدالة والمعنية مباشرة بالتنفيذ والتبليغ، وهي مؤسسة المفوض القضائي. ففي الوقت الذي عبر وزير العدل عن رغبته في إبعاد تنفيذ الأحكام القضائية عن المحاكم، بما فيها تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الدولة، معلنا "أنه يتم دراسة مقترح لتأسيس وكالة مستقلة تعنى بتنفيذ الأحكام القضائية عوض المحاكم"، حيث كانت مبررات وزير العدل أمام أعضاء اللجنة "ما يجده المواطنون من صعوبات في تنفيذ الأحكام القضائية"، وأن الحل لهذه المشكلة تجري دراسته لخلق وكالة مستقلة تقوم بتنفيذ الأحكام، فإن هذه المبررات لم تلق صدى مماثلا لدى هيئة المفوضين القضائيين الذين اعتبروا إحداث الوكالة ضربا لمؤسسة تعتبر مفصل منظومة القضاء، وتجربة اشتغالها التي تفوق 30 عاما. وفي هذا الصدد، قال فريد مرجان، رئيس الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين بالمغرب، إن "فكرة إحداث الوكالة المستقلة للتنفيذ التي تحدث عنها وزير العدل ليست وليدة اليوم، بل سبق أن طرحها وزير العدل السابق مصطفى الرميد"، معتبرا أن أسباب النزول تتمثل في "تقرير سابق للمجلس الأعلى للحسابات سنة 2018، الذي سطر مجموعة من المؤاخذات بخصوص تنفيذ وتحصيل الغرامات، التي ضيعت مبالغ مالية مهمة على خزينة الدولة ". وأضاف مرجان في اتصال ب "الصحراء المغربية" بالقول إن "اختصاص تنفيذ وتحصيل الغرامات كان من الأجدر أن يترك بيد المفوض القضائي وليس إحداث وكالة مستقلة لذلك، لأن المؤسسات العمومية للدولة مثل إدارة الضرائب والخزينة العامة للمملكة والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لجأت إلى عمل المفوض القضائي ما أعطى نتيجة مهمة في تحصيل هذه الغرامات". ووصف رئيس الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين، مشروع إحداث وكالة مستقلة للتنفيذ بكونه "ضرب لمؤسسة المفوض القضائي وتجربة 30 سنة من عملها، وكذا لمقتضيات قانون المسطرة المدنية ومؤسسة كتابة الضبط"، معتبرا أن "توقيف مهنة المفوض القضائي هو وقف لعجلة القضاء بعد أن أصبحت مؤسسة المفوض القضائي مختصة في التنفيذ والتبليغ ومعممة على صعيد مدن المملكة". ولم ينكر المتحدث وجود مشاكل بالمهنة، وبالمقابل قال "المفوض أعطى الشيء الكثير للمهنة ولمنظومة العدالة، وفي الوقت الذي ننتظر تحديد موعد مع وزير العدل للحديث عن مشاكل المهنة والبحث عن مخرجات وحلول، وتحسين ظروف المستوى المهني والرفع من المستوى المعيشي والمادي للمفوض القضائي، وإخراج القانون المنظم للمهنة، والحصول على اختصاصات أخرى، وإصلاح مسودة قانون المسطرة المدنية، التي تحدد وسائل العمل، نتفاجأ بتصريح الوزير حول إحداث هذه المؤسسة". وأكد مرجان أن "المفوضين القضائيين يترقبون لقاء قريبا مع وزير العدل لمناقشة هذا الأمر، وإن كان سيجري فعلا إحداث هذه المؤسسة فلن نسكت عن الأمر لأن فيه ضربا لمهنة تضم 1700 مفوض قضائي بالإضافة إلى كتابهم؟". من جانبه قال عبد العزيز فوكني، نائب رئيس الاتحاد الإفريقي للمفوضين القضائيين، والرئيس السابق للهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين، إن "ما سبق وخلص إليه تقرير سابق للمجلس الأعلى للحسابات الذي أكد ضياع 280 مليارا من عدم تحصيل الغرامات، كان وراء طرح فكرة إحداث الوكالة المستقلة للتنفيذ". ويرى فوكني في تصريح ل "الصحراء المغربية" أن "إعادة طرح وزير العدل الحالي، عبد اللطيف وهبي، هذه الفكرة والحديث عنها كمشروع مستقبلي هو رغبة وزارة العدل في التخلص من مشكل ثقيل وهو تحصيل الغرامات في المادة الزجرية الذي كان مطروحا ومازال إلى يومنا هذا". وتساءل فوكني "عما قصده وزير العدل حين تحدث عن إحداث الوكالة المستقلة للتنفيذ إن كان التنفيذ سيكون في المادة المدنية والتجارية والإدارية والزجرية أم فقط في المادة الزجرية ؟. ووصف الرئيس السابق لهيئة المفوضين الإعلان عن إحداث هذه الوكالة ب "الارتجالية في اتخاذ القرار"، معتبرا أن "التنفيذ ملف شائك ولا يجب البحث عن قوانين جديدة لحله في الوقت الذي توجد مؤسسة المفوض القضائي التي خول لها المشرع هذا الاختصاص من الناحية القانونية وهو تنفيذ جميع السندات بما فيها الغرامات في الوقت الذي أصبحت وزارة العدل عاجزة تماما عن تنفيذها". وأوضح فوكني أنه "كان من الأجدر فتح نقاش وطني بخصوص إحداث هذه الوكالة قبل طرحها، لكون الحل لمشكلة التنفيذ موجود لدى وزارة العدل وبين أروقة مديرية شؤونها المدنية ولا تحتاج إلى مؤسسات أخرى للتنفيذ لأن فيه ضياعا للوقت". وأبرز المتحدث أن "إحداث هذه الوكالة ليس أولوية من أولويات إصلاح منظومة العدالة مع وجود قوانين يساء استعمالها، والمطلوب اليوم هو حسن استخدام هذه القوانين عبر تدابير لا تمس بأصل القاعدة القانونية"، مؤكدا "اليوم لا نحتاج إلى قوانين جديدة بقدر ما نحتاج إلى حسن تطبيق ما هو موجود منها واستغلالها". وكان فوكني طرح مجموعة من الأسئلة على وزير العدل حول كيفية إحداث هذه الوكالة وإطارها القانوني، عبر تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، من قبيل "هل هذه الوكالة ستختص في تنفيذ الغرامات والتنفيذ ضد الدولة، أم ستعمل على التنفيذ في المادة المدنية والتجارية والإدارية والزجرية، وهل سيتسلمها الخواص، وإذا كان ممكنا بعض النقاط حول دفتر التحملات، وهل سيعهد إليها تنفيذ السندات العمومية التي تدخل في مدونة تحصيل الديون العمومية، وما هي في نظركم الاختصاصات المستقبلية للمفوض القضائي، هل ستتركون له التبليغ فقط ؟..والحال أن مسودة تعديل القانون المنظم للمهنة هي الآن في الأمانة العامة للحكومة، وهل تفكرون في إرجاعها أم ستحال على البرلمان ومتى؟ متى سيتم تعديل قانون المسطرة المدنية لأن المشروع الحالي خصص بابا للتنفيذ ضد الدولة، ..هل السلطة القضائية معنية بهذا المشروع ؟... كما التمس من الوزير تنظيم ندوة يحضرها كل المتدخلين في عملية التنفيذ لشرح الخطوط العريضة لهذا المشروع".