حلت لجنة من قطاع الثقافة للتحقيق في رواية ملكية منزل لعالم الاجتماع ابن خلدون، ومدى صدق الرواية التي يقدمها مالكي المنزل، والتي دفعتهم إلى وضع لافتة تشير إلى أن المنزل أقام فيه ابن خلدون الذي عاش في القرن الرابع عشر ميلادي. وكانت يافطة "رياض ابن خلدون للبيع"، أيقظت ضمائر المدافعين عن التراث المادي واللامادي ومواطنين، ومؤثرين، ورواد شبكة التواصل الإجتماعي، منذ أكثر من أسبوع. وجاءت هذه الصحوة بعد وضع مالك منزل بالمدينة القديمة لفاس وبالضبط ب"الطالعة الكبيرة"، لافتة على واجهة المنزل يعرضه للبيع، مشيرا في إعلان البيع إلى أن المنزل، حسب زعمه، يعود لابن خلدون مؤسس علم الإجتماع قبل نحو سبعة قرون خلال إقامته بمدينة فاس. وشكل وضع لافتة ابن خلدون على واجهة المنزل حافزا لرواد شبكات التواصل الإجتماعي الذين أطلقوا نداءات مختلفة، يطالبون فيها الجهات الوصية على مجال الثقافة والتراث المادي بشكل خاص للتدخل العاجل لوقف عملية البيع وإعادة الأمور إلى نصابها قبل فوات الأوان، مستندين في ذلك إلى رمزية المكان الذي يجب أن يتحول إلى متحف مفتوح للزائرين ويقع بمدخل المدينة القديمة التي يعود تاريخ تأسيسها لأكثر من 12 قرنا على يد المولى إدريس. ودعت أصوات أخرى على مواقع التواصل الإجتماعي الجهات الوصية على الثقافة إلى فتح تحقيق للكشف عن حقيقة المنزل، هل يعود فعلا إلى العلامة ابن خلدون الذي عاش في القرنين الرابع عشر والخامس عشر؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون فقط استغلال لإسم رائد علم الإجتماع وصاحب كتاب المقدمة المشهورة.
جدل حول صحة ادعاء مالكي المنزل وأثار عرض المنزل للبيع ضجة واسعة على الفضاء الرقمي وصل صداها إلى فاعلين في المجال الثقافي بدول عربية شقيقة لما لحمولة اسم المنزل (ابن خلدون)، داعين السلطات الوصية إلى التدخل من أجل حماية التراث التاريخي وإعادة ترميم المنزل وفتحه للعموم في حالة ثبوت رواية ادعاء مالك المنزل. ومن جهة أخرى، أثارت لافتة عرض المنزل للبيع فضول مواطنين وباحثين في التراث من داخل وخارج المدينة، للقيام بزيارة حي "الطالعة الكبيرة" ومشاهدة إعلان بيع المنزل وتقاسم أطراف الحديث مع سكان الحي والتجار المهنيين، على أمل أن تلتقط آذانهم بعض الروايات التي تقربهم من حقيقة رواية صاحب المنزل التي يدعي فيها أنه كان في ملكية المؤرخ ابن خلدون.
لجنة من قطاع الثقافة تحل بالمنزل حلت لجنة من قطاع الثقافة تبعا لتعليمات وزير الثقافة والإتصال والشباب، للتحقيق في رواية ملكية المنزل لعالم الإجتماع ابن خلدون، ومدى صدق الرواية التي يقدمها مالكي المنزل، والتي دفعتهم إلى وضع لافتة تشير إلى أن المنزل أقام فيه ابن خلدون الذي عاش في القرن الرابع عشر ميلادي، مرتحلا في بلدان المغرب العربي بحسب مصادر متتبعة للشأن الثقافي بالمدينة. وكشفت مصادر محلية على أن لجنة التحقيق حلت من المديرية الجهوية للثقافة فاسمكناس، وعقدت لقاءا مع مالكي المنزل وسجلت روايتهم، كما تفقدت المنزل وطبيعة تكوينه والموقع الجغرافي، مشيرة إلى أن اللجنة ستعمل على اللجوء إلى المصادر التاريخية والوقوف على أي وثيقة مكتوبة تؤكد أو تشير إلى مكان إقامة ابن خلدون في رحلاته بفاس، وبعد الإنتهاء من التحقيق سيتم وضع تقرير ينفي أو يؤكد حقيقة ادعاء مالكي المنزل.
إزالة يافطة "بيع رياض ابن خلدون" قال م. مروان، من ذوي الحقوق بالمنزل المعروض للبيع في تصريحات صحافية متطابقة، إن المصالح المختصة من وزارة الثقافة عملت على ربط الاتصال بهم للاستفسار عن الموضوع، وقامت بزيارتهم واستمعت إليهم حول واقعة بيع منزل ابن خلدون. وأشار المصدر ذاته، إلى أن المنزل اقتنته عائلته في نهاية سنوات التسعينيات وقد أقام به ابن خلدون خلال مكوثه بمدينة فاس، مضيفا أن لجنة من خبراء التراث حلت بالمنزل وقامت بتفقد جميع جوانب المنزل وستقوم لاحقا بالكشف عن نتيجة معاينتها. واضطر مالكو المنزل المعروض للبيع إلى إزالة اللافتة التي تشير إلى أن المنزل كان يقيم فيه عالم الاجتماع ابن خلدون، بعد تدخل وزارة الثقافة وفي انتظار كذلك ما ستسفر عنه نتائج لجنة التحقيق الموفدة للتأكد من صحة ادعاء مالكي المنزل.
من داخل منزل ابن خلدون يتكون المنزل الذي أثار ضجة على وسائط التواصل الاجتماعي ودفع وزارة الثقافة إلى فتح تحقيق سريع في الموضوع، من مجموعة من الغرف وفناء وسط المنزل، وسقاية ومرافق أخرى مكملة، شبيهة بعدد من المنازل التقليدية المتواجدة بالمدينة القديمة والتي تحول جزء منها إلى وحدات سياحية (رياضات) تستقبل السياح المغاربة والأجانب. وقد ولد ابن خلدون في سنة 1332 ميلادية، بالعاصمة تونس، نهل منذ صغره من العلم والأدب والمعرفة، مما انعكس على مساره المهني كمؤرخ ورجل دولة وقاض، وشغل مجموعة من المناصب بإسبانيا وبلدان شمال افريقيا، وعاش معظم أوقاته في تونس والمغرب الأقصى، كما قضى حياته في تأليف كتب كثيرة من بينها كتابه الموسوم ب"مقدمة ابن خلدون" والذي لم يتوقع أن ينال صيتا وشهرة واسعتين على الصعيد العربي والعالمي.