يجدد المخرج هشام الجباري لقاءه بالمشاهد المغربي والعربي من خلال أكثر من عمل درامي خلال الموسم الرمضاني 2021، بعد أن اختار تقديم أجزاء ثانية لمسلسلين حققا نجاحا جماهيريا كبيرا أثناء عرضهما العام الماضي، ويسجلان هذه السنة أيضا نسب مشاهدة عالية على قناتي "إم بي سي5" و"الأولى"، عن هذا النجاح، وتفاصيل الجزء الثالث من مسلسل "سلمات أبو البنات" الذي يصوره حاليا، وعن رده على بعض الآراء التي اتهمته بالإساءة والجرأة كان ل"الصحراء المغربية" مع هشام الجباري الحوار التالي. استطعت من جديد تحقيق نجاح كبير من خلال الجزء الثاني من مسلسل "سلمات أبو البنات" و"الماضي لا يموت" هل كنت تتوقع هذا الصدى للعملين؟ الأكيد أن طموحنا كان هو الحفاظ على النجاح الذي حققه المسلسلين الدراميين، ولن أقول إننا كنا نتوقع كل هذا الصدى الإيجابي الذي خلفه "سلمات أبو البنات" و"الماضي لا يموت"، بل إن الهاجس الأكبر الذي كان يراودنا أثناء التفكير في إنجاز أجزاء ثانية للمسلسلين، هو تكملة قصتهما من حيث انتهيتا مع احترام التسلسل الزمني، دون أن يشعر المشاهد أن هناك انقطاع. ولا أنكر أن التخوف كان رفيقنا في تحضير العملين معا، ليس من باب عدم الثقة فيما نقدم، ولكن بالنظر إلى أن الجمهور المغربي غير معتاد على أسلوب الأجزاء في الدراما المغربية بشكل كبير، خاصة أننا لا نقدم موسما جديدا، بل جزء يواصل سرد حكاية قدمت في وقت سابق، مما يفرض أن يكون الجمهور قد تابع الجزء الأول. ونحمد الله أن جمهورا آخر انضاف إلى متابعي "سلمات أبو البنات" و"الماضي لا يموت" وحرص على إعادة مشاهدة الجزء الأول لكل عمل، قبل أن يتابع الجزء الثاني، وهو أمر أسعدنا وأتلج صدورنا.
ألا يتخوف هشام الجباري من الإطلالة بأكثر من عمل درامي في رمضان؟ الأمر لا يتعلق بتخوف من الإطلالة بقدر ما هو تخوف من العمل في حد ذاته والحرص على تقديم الأفضل للجمهور، من أجل ذلك آخذ الوقت الكافي في التحضير لكل عمل وكتابة السيناريو والمونتاج أيضا، أحيانا نسابق الزمن للانتهاء من إنجاز مسلسل معين نظرا لضيق الوقت، لكنني لا أجمع أبدا بين تصوير عملين في وقت واحد، إذ لم أشرع في تصوير "سلمات أبو البنات" إلا بعد الانتهاء كليا من إنجاز الجزء الثاني من "الماضي لا يموت"، وفي أحيان أخرى لا يجمع بين الأعمال التي أنجزها سوى العرض، كما هو الحال بالنسبة لسلسلة "القهوة نص نص" التي صورتها العام الماضي، لكنها لم تعرض إلا خلال الموسم الرمضاني الحالي.
هل صحيح أنه سيكون هناك جزء ثالث ل"سلمات"؟ بالفعل، نحن الآن بصدد تصوير الجزء الثالث من المسلسل، وهو استمرارية للأحداث حيث ستتوقف في الجزء الثاني، فالمسلسل عبارة عن عالم متكامل مستمر، مع استمرار الزمن. وستشهد عائلة "سلمات" خلال الجزء الثالث تطورات كثيرة، بظهور أحداث مختلفة ومفاجآت، وشخصيات جديدة، وأخرى قديمة، واختفاء شخصيات أخرى أطلت على الجمهور في الجزأين السابقين.
ماهو ردك على بعض الملاحظات التي وجهت لمسلسل "سلامات أبو البنات" متهمة إياه بجرأة المشاهد؟ لا أعتبر أن المسلسل يقدم مشاهد جريئة تخدش حياء المشاهد المغربي والعربي، بل جرأته تكمن في تناول الأحداث والتطرق إلى بعض الطابوهات. ويعتبر "سلمات أبو البنات" من الأعمال الدرامية الأولى التي سلطت الضوء على مواضيع للنقاش أمام كل العائلات، لكنه عمل موجه لجميع الفئات العمرية، والفضل في نجاحه لا يعود فقط إلى البناء الدرامي بل حتى المواضيع التي يناقشها. وأؤكد أن الجزء الثاني من المسلسل تناول بعض المواضيع المسكوت عنها بطريقة مبسطة وأحيانا كوميدية، بالمقارنة مع الجزء الأول، وعلى العموم أرى أن تلك الانتقادات هي مجرد شائعات تصاحب عرض الأعمال الرمضانية أيا كان نوعها، وتكون في مجملها أحكاما مستبقة تصدر عن أشخاص ربما لم يشاهدوا العمل إطلاقا، وحتى إن شاهدوه فهو مازال في بداية حلقاته.
اخترت خلال هذا الموسم الرمضاني أيضا توليفة بين ممثلين صاعدين ورواد هل تتعمد ذلك أم أن طبيعة الدور يفرض عليك اختيار الممثل؟ أحاول ما أمكن أثناء إجراء عملية "الكاستينغ" أو انتقاء الممثلين، أن أخلق تلك التوليفة الجميلة التي تثير إعجابي شخصيا، وأن أجمع بين الرواد والممثلين الأكفاء والمحترفين، وبين جيل جديد من الشباب قادر على خلق المفاجأة ولفت أنظار المشاهد. وأشير إلى أن الطبيعة الاجتماعية لمسلسلي "الماضي لا يموت" و"سلمات أبو البنات" تفرض وجود جميع الفئات العمرية، وبالتالي فمن الطبيعي والمنطقي اختيار مجموعة من الممثلين الأقوياء سواء المحترفين أو الشباب، وأعتقد أن قوة العمل الدرامي تكمن في اختيار الممثلين بعد السيناريو.
مارأيك في استياء بعض المحامين من "قهوة نص نص" واعتبارهم أن السلسلة أساءت إلى هذه الفئة؟ "قهوة نص نص" عبارة عن كبسولة كوميدية بسيطة، تتحدث عن مجموعة من الشخصيات يشتغلون في فضاء "المقهى" لا تحمل أية إساءة لأية مهنة من المهن، بل بالعكس، حرصنا على إضفاء قيمة لكل مهنة، مع تقديم بناء درامي جميل يتوخى خلق الابتسامة دون توجيه النقد لأي كان. وأؤكد أن جميع المواقف الكوميدية التي عالجتها السلسلة هي مواقف آنية لها علاقة بالفضاء بحد ذاته، ولا تتوخى الإساءة لأية جهة. ولا أفهم ما إذا كان هذا التشويش الذي يطال الإنتاجات الوطنية التي تعرض على قنواتنا المغربية، من طرف بعض الأشخاص، ناتج عن جهل بالفن بصفة عامة، أم هو مجرد رغبة في الإساءة المجانية، على العموم أنا لم أطلع على أي بيان رسمي بخصوص الإساءة التي تحدثت عنها بعض المنابر الإعلامية.