في تجربة أولى في مجال الإعلام الإيكولوجي، نظمت "الجمعية المغربية لمهنيي الجمع وكنس النفايات" بتنسيق مع "المركز الوطني للإعلام وحقوق الإنسان"، على مدى يومين بالعاصمة الرباط، دورة تكوينية إيكولوجية لفائدة الصحافيات والصحافيين المغاربة، حول موضوع "أي دور للإعلام في ترسيخ حكامة إيكولوجية مُؤسِّسة وداعمة لمفاهيم التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر؟" صحافيات وصحافيين من مختلف المنابر الإعلامية استفادوا لمدة يومين "15 و16 دجنبر الجاري" من إشراف وتأطير حول آليات ووسائل تناول القضايا المرتبطة بما هو إيكولوجي إعلاميا على يد نخبة من الخبراء المتخصصين من ذوي الخبرة والتكوين العلمي والأكاديمي، على المستويين الوطني والدولي، في مجال التثمين الطاقي وتدبير النفايات والحكامة الإيكولوجية والتنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر.
عبد العالي الطاهري: الهدف تمكين الصحافيين من أليات تقنية وعلمية لمعالجة المواضيع الايكولوجية إعلاميا في تصريحه حول أهداف ومحاور الدورة التكوينية، قال عبد العالي الطاهري، مدير الدورة التكوينية، والباحث في العمل البرلماني والصياغة التشريعية ومنظومة الاقتصاد الأخضر إن الدورة التكوينية التي تعتبر سابقة على مستوى المشهد الإعلامي الوطني، طرحت للمناقشة والدراسة والتحليل أربعة محاور أساسية، وهي الحكامة الايكولوجية ومنظومة الاقتصاد الأخضر وتدبير النفايات والتثمين الطاقي والتنمية المستدامة. وعن الأهداف، قال الطاهري إن الهدف الأساسي والمحوري من الدورة التكوينية، هو تكوين مجموعة من الصحافيات والصحافيين الايكولوجيين والمتخصصين في الشأن الإيكولوجي حيث سيكونون متمكنين من أدوات وآليات علمية وتقنية، تساعدهم على معالجة المواضيع الايكولوجية إعلاميا بمعالجة سليمة ودقيقة تنويرا للرأي العام الوطني فيما يخص الشأن البيئي والايكولوجي، بالإضافة إلى خلق علاقة تكاملية بين الإعلام من جهة وقطاع "تدبير النفايات والتثمين الطاقي" وكذا "منظومة الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة" من جهة ثانية. ومن الأهداف الأخرى، يؤكد الطاهري هي التأسيس لثقافة إيكولوجية على أساس مفاهيم: التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر والحكامة الإيكولوجية، تنويرا وتوعية وتأطيراً لجميع مكونات وشرائح المجتمع المغربي، مع التشديد على أهمية حق كوني إنساني أصيل، وهو المُتمثِّل في الحق في بيئة سليمة ومتوازنة، كأساس مرجعي لباقي الحقوق الإنسانية الكونية (الصحة والتعليم والشغل). وأوضح الطاهري أن الدورة التكوينية تدخل في إطار برنامج شامل ومتكامل، أطلقته "الجمعية المغربية لمهنيي الجمع وكنس النفايات" ومجموعة NDD-SOS لتدبير النفايات والتثمين الطاقي بتنسيق مع المركز الوطني للإعلام و حقوق الإنسان، والذي أُطلق عليه برنامج "الإعلام الإيكولوجي Eco Média
الدكتور إبراهيم الشعبي: الدورة التكوينية استثمار في مجال التكوين الإعلامي الإيكولوجي الدكتور إبراهيم الشعبي، رئيس المركز الوطني للإعلام وحقوق الإنسان، تطرق في معرض كلمته الافتتاحية إلى الأهمية القصوى لهذا الصنف من التكوينات العلمية الإعلامية النوعية، خاصة في مجال مِفصلي ووازن، ألا وهو المجال الإيكولوجي، الذي أصبح يُشكل واحدا من أهم الركائز الحقوقية في بعدها الكوني. وأضاف الشعبي أن الدورة التكوينية سابقة في المشهد الإعلامي لكونها استثمار في مجال التكوين الإعلامي، كمبادرة تطوعية جد محمودة. معتبرا أنه على جميع الفرقاء والمتدخلين تشجيع مثل هذه المبادرات الهادفة، والتي من شأنها الرقي بالممارسة الإعلامية، فضلا عن تحقيق العنصر الأهم وهو المزيد من تأهيل الرأسمال البشري الإعلامي، يضيف الشعبي، قائلا إن الأخير سيصبح ممتلكا للأدوات العلمية والتقنية، ارتباطا بمعالجة المواد الإعلامية ذات الطبيعة الإيكولوجية.
الخبير عبد الله أيت اوعدي: ضرورة اعتماد أسلوب التدرج في تثمين قطاع النفايات المنزلية وتشجيع البحث العلمي في الورشة الأولى من الدورة التكوينية حول "تدبير النفايات والتثمين الطاقي..المفهوم. التوصيف العلمي. التوصيف التقني"، حاول الخبير عبد الله أيت أوعدي، الخبير في مجال معالجة النفايات والتثمين الطاقي، أن يستعرض المسار الذي عرفه قطاع النفايات المنزلية بالمغرب، حيث شهد منعرجا جديدا قبل 20 سنة، وذلك منذ سنة 2000 وبعد دخول قانون 28.00 حيز التطبيق. وقال الخبير إنه بعد مرحلة التدبير المباشر لمعالجة النفايات من طرف الجماعات، كان الانتقال إلى مرحلة انخراط جل الجماعات في تفويت تدبير القطاع إلى فاعلين خواص أو ما يعرف ب "أسلوب التدبير المفوض". الخبير أوضح أن وزارة الداخلية هي من أطرت هذا الأسلوب الجديد الذي يعتمد على طلب العروض، وأعدت له دفتر تحملات اعتمدته الجماعات بجزئياته، قبل أن تقرر الوزارة في السنوات الأخيرة، اغلاق كل إمكانات اقتراح حلول فردية باللجوء إلى وضع وتحديد الحلول التقنية الواجب احترامها عند إعداد العروض وبخصوص كناش التحملات الجديد، أبرز الخبير أنه يشمل جوانب ترميم المطارح القديمة وانجاز وتجهيز المطارح الجديدة بما فيها الأحواض المعدة للطمر أو منشآت التثمين ومعالجة عصارة النفايات (الرشيح) (lixivit) . وفسر الخبير خلال الورشة كيف لجأ الخواص المتدخلون إلى اعتماد حسابات عند وضع عروضهم تقوم على مبدأ الاحتياط فيما يخص التوازن المالي، مشيرا إلى أن ذلك أدى إلى غلاء الأثمان المقترحة عند طلب العروض، ولم يكن من الإدارة إلا أن ترضخ الأثمان لمسطرة المنافسة. وأبرز أن القدرة التمويلية للجماعات أو مجموعاتها أصبحت عائقا أمام اعتماد العروض الأقل كلفة، مشيرا إلى أن الإدارة المركزية، وللحيلولة دون تجميد عمليات التدبير المفوض والخروج من مأزق ارتفاع الأثمنة، فظلت اعتمادا الصندوق الوطني للنفايات المنزلية، ومنح مساعدات ضخمة على مدى 20عاما، للجماعات دون ضمان مردودية واضحة. وللخروج من هذا المأزق الجديد لقطاع النفايات المنزلية، أكد الخبير أنه لابد من اعتماد أسلوب التدرج في مسألة التثمين بصفة خاصة، وإعادة النظر في الاختيار الحالي المبني على الفرز مع إنتاج الأسمدة والمحروقات الصلبة، واعتماد حلول رخيصة أخرى يدخل فيها العمل اليدوي بصفة أكثر، بحيث يعطى المزيد من الوقت في السنوات القادمة للبحث العلمي والتكنولوجي الخاص بالنفايات المنزلية المغربية، مع ضرورة إحداث الهيأة الوطنية المكلفة بالبحث العلمي في هذا المجال متصلة مباشرة برئاسة الحكومة.
الدكتور علي الهنيد: عدم تنزيل بعض النصوص القانونية على أرض الواقع وسن سياسة جبائية ..اكراهات تواجه تدبير النفايات المغربية أشار الدكتور علي الهنيد، مدير مكتب للدراسات، ودكتور في مجال تدبير النفايات وخبير مختص في الشأن الإيكولوجي، في الورشة الثانية من الدورة التكوينية حول "تأهيل المطارح العشوائية للنفايات المنزلية الواقع والمأمول"، إلى أن المغرب على غرار باقي الدول عرف تطورا جد مهم على المستوى الاقتصادي والديمغرافي، صاحبه الزيادة في إنتاج النفايات المنزلية في المجال الحضري والقروي. وبلغة الأرقام، كشف الهنيد أن المغرب ينتج حوالي 7.81 مليون طن سنويا من النفايات المنزلية، وأنه لمواجهة هذه الزيادة في النفايات قامت الحكومة بمجهود جبار خلال العشر سنوات الأخيرة، حيث عرف المجال تطورا على جميع المستويات خاصة المؤسساتي والقانوني والتمويلي. وفي هذا الصدد، يوضح الهنيد، أن القطاعات الحكومية وضعت برنامجا وطنيا لتدبير النفايات المنزلية، بأهداف طموحة، تمثلت في "تحقيق جمع وكنس النفايات على المستوى الحضري بنسبة 90 في المائة، ونسبة 100 في المائة في 2030، والتخلص من النفايات المنزلية في مطارح مراقبة مائة في المائة في أفق 2022، وإغلاق وتهيئة جميع المطارح العشوائية في أفق 2022، وتعميم دراسات المديرية ومخططات لتدبير النفايات المنزلية على المستوى الوطني وجميع العمالات والأقاليم بالمملكة احتراما لبنود القانون 28.00 المنظم لتدبير النفايات المنزلية، وعصرنة مجال تدبير النفايات سواء التجميع والكنس والتخلص من النفايات، وجعل مجال تدبير النفايات أكثر مهنية وعصرية، والنهوض بتثمين النفايات يعني فرز وتطوير وتثمين النفايات ليصل إلى 30 معدل في المائة في أفق 2020، وإرساء سياسة التواصل والتحسيس لحل مشكل تدبير النفايات"، موضحا أن القطاعات الحكومية "وزارة الداخلية ووزارة البيئة والمالية" أطلقت مجموعة من المشاريع ساهمت في تحسين مجال تدبير النفايات. وبالصور والرسوم البيانية التي عزز بها مداخلته خلال الورشة، أكد الهنيد أن عملية جمع النفايات على مستوى المجال الحضري نجحت بشكل كبير حيث وصلت لنسبة 95 في المائة. أما مطارح المراقبة، فإن المغرب خطى خطوات جد مهمة وشجاعة في معالجة تدبير النفايات بطريقة علمية تحترم المعايير والقوانين التي تهم حماية البيئة، مؤكدا أن المغرب هيأ حوالي 26 مطرحا مراقبا على جميع المستويات وفي كل مدن المملكة. أما المطارح العشوائية، فأطلق برنامج لتهيئتها وإغلاقها للحد من مخاطر النفايات على البيئة، في كل مكوناتها الماء والهواء والإنسان. وبالموازاة مع المجهود الذي وصفه ب "الجبار" والذي تقوم به القطاعات الحكومية، استعرض الدكتور الهنيد بعض المعيقات التي تواجه تدبير النفايات، خاصة إشكالات النصوص القانونية، قائلا إن "غياب نصوص تطبيقية تساعد على تنزيل القانون 28.00، وبقاء مجموعة من القوانين معلقة، لا يمكننا تنزيلها على أرض الواقع". وأشار إلى بعض الاكراهات المرتبطة بطبيعة نفايات المغرب منها "عصارة ليكسيفيا"، الذي لم يتغلب عليها المغرب لحد الآن، فضلا عن إكراهات أخرى مرتبطة بالجانب المالي، قائلا إنه "في غياب سياسة جبائية خاصة بالنفايات المنزلية، تبقى الإشكالية الكبيرة هي الكلفة، والاكراهات المالية تجعل الجماعات الترابية لا تشكل أولوياتها"، مشددا على ضرورة اتخاذ قرارات شجاعة وواضحة في مجال سن سياسة جبائية لتدبير النفايات تأخذ المعطيات الاقتصادية والاجتماعية للأحياء في كل مدينة، بعين الاعتبار.
أميمة خليل الفن: ضرورة إشراك المواطن في تحديات التنمية المستدامة والحكامة الإيكولوجية لترسيخ الثقافة الإيكولوجية خلال مداخلاتها في الورشتين الثالثة والرابعة حول "الحكامة الإيكولوجية. ..المدخل إلى التنمية " قالت أميمة خليل الفن، باحثة في سلك الدوكتوراه، ومختصة في الشأن البيئي والتنمية المستدامة، ومؤسسة حركة الشباب من أجل المناخ المغرب، إن مفهوم التنمية المستدامة عرف تحولا جذريا بعد 2012 (بعد قمة ريو +20) حيث أطرها المنتظم الدولي على أنها هي التنمية في أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، مضيفة أن هذا التفكير أدى إلى تبني أجندة أهداف التنمية المستدامة 2015/2030 سنة 2015. وأوضحت الخبيرة في التنمية المستدامة أن المغرب انخرط في هذه الاستراتيجية، وسعى إلى تفعيل الأهداف ال 17، وذلك من خلال تبنيه للحكامة الإيكولوجية كآلية لتفعيل هذه الأهداف من خلال ترسانة مؤسساتية وقانونية كبيرة ولعدة استراتيجيات كالاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة. وحاليا تقول أميمة خليل الفن إن الجائحة الانسانية المتمثلة في انتشار وباء كوفيد 19، أوجدت التنمية المستدامة معها أمام تحديات كبرى، طرحت إلى السطح إشكالية هاته الأهداف، وأصبحت معها إعادة تأقلمها ضرورة ملحة. وفي ما يخص تدبير النفايات وتثمينها، قالت المختصة في الشأن البيئي إنه من الآليات التي ستخول من ترسيخ منظومة الاقتصاد الاخضر وتحريك العجلة التنموية في سيرها الصحيح، وذلك من خلال التدبير الصحيح لهاته الثروة التي تعرف اشكالات كبيرة في تدبيرها من المنبع إلى المطرح. وتفاعلا مع جميع المداخلات والاقتراحات والأسئلة خلال الورشتين التفاعليتين من الدورة التكوينية، أكدت الدكتورة خليل الفن إن تفعيل أهداف التنمية المستدامة أصبح اليوم ضرورة حتمية من خلال تطوير الآليات المتمثلة سواء في الحكامة الايكولوجية، والاقتصاد الأخضر، وتثمين النفايات أو الطاقات المتجددة والاستثمار في المادة غير الملوثة، ألا وهي المادة الرمادية للإنسان Matière grise ، من خلال إشراك المواطنين بمختلف شرائحهم المجتمعية في هاته التحديات، لافتة إلى أنهم جزء من الحلقة التنموية التي ستؤدي إلى ترسيخ الثقافة الايكولوجية لديهم، وجعلهم جزءا من الحل وليس جزءا من المشكل.
دعوة لمأسسة الإعلام الإيكولوجي وإدماج "التربية الإيكولوجية" في منظومة المقررات الدراسية قال الإعلامي عبد العالي الطاهري الإدريسي إن الدورة التكوينية، شكلت فرصة حقيقية لتطوير مهارات وقدرات الصحافيات والصحافيين، الذين أقروا، بأنها سابقة نوعية في مسار وتاريخ التكوينات الإعلامية، علاوة على تأكيدهم أنها دورة ناجحة على جميع المستويات "التنظيمية والتأطيرية علميا ومعرفيا"، ممشددين على ضرورة ترسيخ هذا النوع من الدورات التكوينية كثقافة وكقاعدة إعلامية ثابثة. وسرد توصيات هذه الدورة التكوينية التي كانت خلاصة النشاط الأول ضمن البرنامج العام الذي وضعه منظموها تحت عنوان "ايكو ميديا" أو الإعلام الايكولوجي، قائلا إن المشاركين دعوا إلى: الدعوة إلى التسريع بإدماج "التربية الإيكولوجية، في منظومة المقررات الدراسية، مع إدماجها في مفاهيم وأسس التنشئة الاجتماعية. التعجيل بتفعيل القوانين والتشريعات المؤطرة للمجال البيئي والقطاعات ذات الطبيعة الإيكولوجية. - تبني استراتيجية الإعداد القبلي للدورات التكوينية ذات الطبيعة الإيكولوجية، من خلال استطلاع آراء الصحافيات والصحافيين، لتشخيص الاحتياجات المعرفية، ومن ثمَّة ضبط وتحديد المواضيع والتِيمات الواجب اعتمادها في الدورات التكوينية. دعوة المؤسسات الإعلامية إلى الانخراط في ثقافة تشاركية مع الفاعلين في قطاع "تدبير النفايات والتثمين الطاقي"، من خلال توقيع اتفاقيات وشراكات، إعدادا وتنزيلا للبرامج التأطيرية والتكوينية لفائدة الصحافيات والصحافيين. - التأكيد على تسريع إطلاق مشروع "الشبكة الوطنية للصحفيين الإيكولوجيين المغاربة " - الدعوة إلى تأسيس مركز للدراسات والأبحاث الإيكولوجية و الإعلامية. واختتمت الدورة التكوينية الأولى حول الإعلام الإيكولوجي بتوزيع شواهد المشاركة على الصحافيات والصحافيين المشاركين والمتفاعلين فيها.